الأربعاء 6 آذار 2024 08:07 ص

"إيّاك واليأس"!


* جنوبيات

 رحم الله والدتي الطّاهرة الزكيّة، الصّابرة  المحتسبة ، فقد كانت توصيني دائما بهذه المقولة البديعة:

  "إيّاك واليأس، فإنّه ملهاة للنفس".

مهما حدث في حياتك من مآسٍ وصعاب، ومهما بدت الأشياء مزعجة ومبهمة كالضّباب، فلا تدخل ربوع اليأس، حتّى ولو ظلّت جميع الأبواب موصدة.
 فالله سبحانه وتعالى سيفتح لك دربًا جديدًا عاجلًا أم آجلًا، فهو يعلم السّرّ وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور. 

لا تفقد صبرك مطلقًا، فالهلال كي يصير بدرًا يحتاج إلى وقت ليكتمل ويشعّ نورًا.
لا تؤذِ فؤادك، ولا تتسبّب في جعله يعيش الحيرة المقلقة، فالحياة لا تتطلّب منك إلّا الرّضى بقضاء الله وقدره. 
لا تجعل سنين عمرك تقف في انتظار قدوم الحدث المثاليّ، ولا تأسفنّ على ما فات من حياتك، ولا تمكِّن لحظات النّدم من السّيطرة الكلّيّة على عزيمتك، ولا تأسَ على جميل زرعته لأحد ولم يدرّ خيرًا عليك، ولا تحزن على شيء كتبه الله عليك وإن آلمك هذا الأمر. 

فنحن سنعيش حياة واحدة، ثمّ سننتقل إلى عالم البرزخ والإيقان بانتظار يوم الدّينونة الكبرى.
 
تعلّم كيف تحيا العيش البسيط بشكل ممتع، ولا تأخذ الحياة على محمل البقاء، فهي زائلة لا محالة، وكلّ من عليها فان. 
لا تغيّر من طبيعتك، ولا من طبعك إرضاء لهوى الآخرين الزائف. ولا تبدّل من صوت الحقّ لتعجبهم وترضي غرورهم. 
لا تخالف مبادئك لتتوافق مع آراء بائدة، ولا تتصنّع وتتجمّل لتنال رضى الحكّام وتسير بركب اللئام. فلكلّ منّا بصمته الخاصّة التي تميّزه عن غيره. 
لذا، عش فقط لمرضاة الله واتّباع تعاليمه السّمحاء، كي تعيش الهناء وتحوز رضى ربّ الأرض والسّماء.
وأخيرا وليس آخرا: 
سلامًا لمن صان الودّ، وحفظ العهد، وتمسّك بالوصل صديقًا كان أم حبيبًا.

سلامًا لمن لم يغيّره تقلّب المزاج، وشدّة الظّروف الصّعبة.
 
سلامًا لمن لم يجد من يحتويه لصدق نواياه، وطيبة سجاياه. 

سلامًا لكلّ وحيد منسيّ، يصارع هذا العالم بقوّة وصبر وأناة.
 
سلامًا لكلّ شخص لم يجد من يخبره بأنّ ابتسامته هي حياة. 

سلامًا من صميم القلب لكلّ مَن أعطى، ومنح، وجاد بالعطاء، ولم ينتظر سوى رضى مولاه بخير الرّجاء. 

 

المصدر :جنوبيات