يستغل المسؤولون الإسرائيليون وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرئاسة، ووعده خلال حملته الانتخابية، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، لتمرير مشاريعهم ومخطّطاتهم، خاصة الاستيطانية، ضاربين بعرض الحائط القرارات الدولية، وآخرها القرار رقم 2334 الصادر عن "مجلس الأمن الدولي"، الذي دعا إلى وقف الاستيطان غير الشرعي.
وغير آبهين بالتهديدات الفلسطينية بالتوجّه إلى "المحكمة الجنائية الدولية" لمقاضاة الاحتلال على قراراته الاستيطانية الأخيرة، معتمدين على دعم الرئيس الأميركي.
وفي هذا الاطار، حذّر الرئيس ترامب السلطة الفلسطينية "من مغبّة التوجّه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة إسرائيل".
وذكر أنّ إدارة البيت الأبيض نقلت خلال الأيام الماضية، رسالة واضحة جداً إلى السلطة الفلسطينية، تحذّرها من ذلك، مهدّدة بـ"اتخاذ خطوات عقابية شديدة ضد السلطة في حال أقدمت على هذه الخطوة، مثل وقف تام للمساعدات الأميركية المقدّمة للسلطة، وإغلاق مكاتب منظّمة التحرير في العاصمة الأميركية، واشنطن، واتخاذ خطوات شديدة أخرى من شأنها أنْ تُلحِق الضرر الكبير في مكانة وموقع المنظّمة".
وعُلِمَ بأنّ الرسالة الأميركية وصلت إلى السلطة الفلسطينية من خلال القنصلية الأميركية التي اتصلت هاتفياً بأحد القيادات الفلسطينية المرتبط مباشرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وليس من خلال البيت الأبيض مباشرة أو وزارة الخارجية الأميركية، كما جرت العادة.
ولقي التحذير الأميركي غضباً شديداً لدى القيادة الفلسطينية، التي وصفتها بأنّها "محاولة أميركية لتصفية الاستراتيجية الفلسطينية القائمة على ترك الكفاح المسلّح، لصالح العمل الدبلوماسي الممتد على الساحة الدولية ومؤسّسات الأمم المتحدة بشكل كامل".
من جهته، أكد المتحدّث بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة أنّ "الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، سيتخذ في اللحظة المناسبة، قرارات قوية وفاعلة ومؤلمة لبعض الجهات، وإسرائيل تعلم ما هي هذه الإجراءات، كما أنّ الإدارة الأميركية، تعي جيداً أنّ عدم إدانتها للاستيطان، يشجع الحكومة الإسرائيلية على ما تقوم به، والقيادة الفلسطينية لن تقف صامتة إزاء ذلك، وشعبنا لن يتنازل عن حقوقه".
وشدّد أبو ردينة على أنّ "على الولايات المتحدة التي تخوض حرباً ضد الإرهاب، أن تدرك أنه دون حل القضية الفلسطينية، فلا حل لأي مشكلة أمنية"، مطالباً "الإدارة الأميركية الجديدة، بالمحافظة على السياسة التي اتبعتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، والتي اعتبرت الاستيطان غير شرعي ومدمراً لعملية السلام".
وذكر أنّ الرئيس عباس أصدر تعليماته لوزير الخارجية رياض المالكي، لمتابعة التشاور مع العرب والدول الأجنبية ومع سفير فلسطين في الأمم المتحدة، حول السبل الكفيلة بوقف الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية، وحشد الدعم العربي والدولي لتحرك الجانب الفلسطيني بهذا الصدد.
وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" ورئيس "اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة الجنائية الدولية" الدكتور صائب عريقات، طالب المدعية العامة للحكمة الجنائية فاتو بنسودا بـ"الشروع فوراً في اتخاذ الإجراءات المناسبة لفتح تحقيق قضائي في جرائم الاحتلال، وفي مقدّمتها جرائم الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين المحتلة بما فيها القدس الشرقية".
وقال: "لقد حان الوقت للانتقال إلى المرحلة الثانية وفتح تحقيق بجرائم الاستيطان بعد مرور عامين على بدء الدراسة الأولية للملفات التي أودعتها فلسطين حول منظومة الاستيطان الاستعماري، والعمليات العسكرية على فلسطين والعدوان على قطاع غزّة، وملف الأسرى".
وشدّد عريقات على أنّ "التأخير في فتح التحقيق، سيمنح إسرائيل المزيد من الحصانة والوقت لتمرير مخططاتها الاستيطانية، واستباحة أرض وشعب دولة فلسطين".
وقال: "إنّ المحكمة هي المكان الوحيد لمجرمي الحرب الإسرائيليين، وفي ظل غياب المحاسبة الدولية على جرائم الاستيطان وتحدّي السلطة القائمة بالاحتلال لقرارات الشرعية الدولية، فقد بات من الضروري استخدام جميع الوسائل الممكنة لمنع إسرائيل من تماديها في سرقة الأرض ولجم خروقاتها الممنهجة للقانون الدولي".
وأشار إلى أنّه "منذ تبنّي القرار الأممي 2334، تسارعت وتيرة الإعلانات عن الاستيطان ومحاولات تمرير مشاريع قوانين مختلفة لشرعنته، ومخططات ضم المناطق، وهدم المنازل وغيرها من الانتهاكات"، مؤكداً أنّ "منظومة الاستيطان الاستعماري وبنيتها التحتية الشاملة غير قانونية، وهي جرائم حرب حسب ميثاق روما".
وأوضح عريقات أنّه "منذ مطلع العام الحالي أعلنت إسرائيل عن بناء أكثر من 3200 وحدة استيطانية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، وهدمت حوالي 30 منزلاً ما أدى إلى تهجير نحو 40 عائلة فلسطينية قسراً، بما يقدّر بـ240 شخصاً أكثر من نصفهم من الأطفال، علماً بأنّ عمليات الهدم طالت ما يقارب نصف الممتلكات الخاصة الممولة من الجهات المانحة".
إلى ذلك، أمر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإقامة مستوطنة جديدة لمستوطني عاموناه، المقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين - شرق رام الله المحتلة.
ووجه نتنياهو فريقاً من شأنه أن يساعد في تسوية جديدة لمستوطني عمونا، وستضم ممثلين من المستوطنين، ووزير الجيش ورئيس هيئة الأركان، وسيعمل الفريق على المدى القصير لتحديد موقع المستوطنة الجديدة.