إنّه خطابٌ مدوٍّ... خطابٌ صارخٌ، حارقٌ، خارق، متفجّرٌ، ثلاثيّ الأبعاد، موجّه للجدود والآباء والأحفاد...
لقد دأبت جمهوريّة كونكان الدّيمقراطيّة على العمل المستمرّ بغية إصداره بحلّة تليق، لعلّ وعسى البعض يفيق، ويصبح بإمكاننا إنقاذ الغريق، وإطفاء الحريق.
وهذا الخطاب مؤدّاه التّالي على التّتالي والتّوالي والتّعالي وليس للتّسالي:
يا شعب كونكان العظيم:
لقد سرقنا الأموال والممتلكات، فكان الكرّ والفرّ تحت شعار سعر الدّولار، فأفقدنا الليرة هيبتها، وسرقنا القيمة من جيبتها. وكان سعر الصّرف الهاجس والوسواس عند غالبيّة النّاس.
وأنت أيّها الشّعب المسكين لم تنبس ببنت شفة...
رفعنا سعر المحروقات على أنواعها، ورفعنا سعر رغيفك اليوميّ، ولم تنطق بحرف واحد...
قضينا على قيمة راتبك الفعليّ وأنت ساكت...
أوقفنا الدواء المدعوم، وأذقناك طعم السّموم وأنت صامت...
جعلناك تدفع مسبقًا، وبالدّولار الحرّ قبل دخولك للمستشفى، وأنت دامع العينين مربوط اللسان...
قطعنا عنك الكهرباء ورفعنا قيمة الاشتراك في المولّدات. كما حرمناك من مياه الشرب ورفعنا لك الاشتراك السّنويّ، وجعلناك تشتري المياه الملوَّثة للاستحمام، والمعدنيّة للشّرب والطبخ والاستخدام...
رفعنا أقساط المدارس والجامعات والمعاهد العليا والحاضنات، ورفعنا قيم الخليويّ (بعد أن سرقنا رصيدك)، والهاتف الأرضيّ والإنترنت بعد أن أتينا على حصيدك وانت أخرس عن الكلام على الدّوام...
رفعنا أسعار اللحوم والدّواجن والأسماك، وأطعمناك الزّقّوم في المداجن وأذقناك الهلاك، وأنت صامت تتحسّر على هواك...
أوقفنا جوازات السّفر، بعد أن رفعنا سعر تذاكره، وأنت مشلول عن الكتابة في دفاتره...
سرقنا ودائعك وجنى عمرك وأنت نائم "نومة أهل الكهف"...
فرضنا عليك الرّسوم والضّرائب، وكان الضّمير غائبًا...
فعلنا فيك الكثير وجعلناك عبرة لمن يعتبر، وأنت مُطبق الفاه، مشدود الجباه، كجلمودِ صخرٍ حطّه السّيل من علِ...
عزيزي المواطن الكونكانيّ، وبالعربي المشبرح: "إنت خرج نسرقك، بتستاهل ننهبك، ونحفر قبرك..
إنت شعب مخدّر، مبنّج، غايب عن الوعي".
وبصراحة متناهية: "كيفما تكونوا يُولّى عليكم"...