الخميس 14 آذار 2024 13:15 م |
الحلم سيد الأخلاق... |
* جنوبيات يولد الطفل صفحة بيضاء نقية لا خطوط فيها، ويبدأ الأهل بخطّها وملئها بالمكتسبات والتعاليم، التي تحفر وتنقش فيها حيث لا يمكن نسيانها أو إهمالها فهي تلازمه إلى أن يصبح بالغاً وناضجاً، هذه الخطوط تشكل شخصيته وكيفية تعامله مع أقرانه، أي التفاعل الاجتماعي وصياغة الرؤية وإعطاء الأحكام وبلورة العلاقات الاجتماعية، أي بما معنى التكوين النفسي والاجتماعي بما يتضمنه الأخلاق وأسس التعامل مع الأفراد الآخرين، فالإنسانية والشعور مع الآخر هي تربية لا يقوى عليها سوى الأهل رفيعي المستوى، أي أن المستوى التعليمي والثقافي للأهل الدور الرئيسي، مما يساهم في تكوين النضج والحكمة والنظرة للحياة الاجتماعية. يُغني هذا المستوى الأبناء في تشكيل أسس الأحكام والرؤية، حيث يصبح الأهل هم المرجعية والفاعل الرئيسي لأي مشكلة أو عارض يقع فيه الأبناء، السؤال إلى أي مدى تلعب الأخلاق في حياة الأبناء وإعدادهم للمجتمع الأكبر وخروجهم من الأسرة النواتية؟ وهل تعتبر الأم هي المركزية الرئيسية في اكتساب القيم والمثل العليا والآداب وأسس الحوار والمعاملات مع الآخر؟ إن الأخلاق هي التي تميزنا كوننا بشراً وأفراداً قادرين على مُواكبة ومُواجهة التحديات والصعوبات الحياتية، هي التي تعلّمنا الصبر والتجلّد لنيل المعالي والروحانيات، هي التي تدفعنا للتزود بالآداب والعادات والقيم العالية مع غيرنا من الأفراد، كما وتشمل الأخلاق الحلم والأناة والصبر وقوة التحمل، أي كل الصفات الإنسانية الحميدة التي تضعنا بمستوى الطبقة الراقية والأخلاق الرفيعة، فالحلم سيد الأخلاق إذ يدفعنا إلى السماحة وتقبل الآخر بكل سلبياته وجهله الغليظ، لا وبل الحلم يساعدنا على التّرفع عن الحاجات الدنيا والنظر إلى معالي الأمور، النظر إلى الحاجات العُليا والتزود بالعلم والمعرفة وتنمية القدرات الإنسانية، ذلك للوصول إلى الابتكارات والإبداعات كونها هي التي تجعلنا نتمايز عن بعضنا البعض، أي أن بالحلم نبلغ المراتب العالية في الحياة خاصة من أولئك الذين نجحوا في الوصول إلى مراكز رفيعة وعملوا على نشر الأخلاقيات من خلالها. أخيراً، نقول أن الدين أخلاق قبل أن يكون ممارسة ولتطبيق للشعائر الدينية، الأخلاق هي التي تميز الأمم عن بعضها البعض من حيث الصدق والأمانة والوفاء وغيرها، وكما يقول الشاعر الكبير أحمد شوقي: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا". المصدر :جنوبيات |