الجمعة 5 نيسان 2024 13:15 م |
بالنظام - الأعمال الحكومية مجدداً |
* جنبويات أثار قرار مجلس شورى الدولة الذي قضى بوقف تنفيذ مراسيم إعادة ثلاثة قوانين أقرها مجلس النواب، تساؤلات لدى المختصّين، تتعلق بالتوجه الذي يبدو أن القرار اعتمده في ضوء القواعد التي استقرّ عليها اجتهاد القضاء الإداري وتتعلق بفئة من المراسيم تُسمّى "الأعمال الحكومية"، وهي تخرج عن صلاحية مجلس شورى الدولة لأنها تتعلق بالعلاقة بين السلطتين الدستوريتين التنفيذية والتشريعية. هذه التساؤلات لا تتعلق بمضامين تلك القوانين بل بعدم صلاحية القضاء الإداري أصلاً للنظر بالطعن المقدم ضد مراسيم إعادتها إلى مجلس النواب، التي تصدر راهناً عن مجلس الوزراء الذي يمارس بالوكالة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي. وقد قرّر مجلس الوزراء بدايةً إصدار تلك القوانين ومن ثم عاد عن قراره وأصدر مراسيم بإعادتها إلى المجلس النيابي، فتم الطعن بها أمام مجلس شورى الدولة الذي أصدر قراراً بوقف تنفيذها وهذا القرار يعني بأن المجلس وجد في المراجعة أسباباً جدية ومهمة، وهذا ما يدعو إلى التساؤل عن تلك الأسباب الجدية للطعن في ضوء الاجتهاد المستقر الذي يُخرج هذه الفئة من الأعمال عن اختصاص المجلس. تنص المادة 60 من نظام مجلس شورى الدولة على انه ينظر في طلبات الابطال بسبب تجاوز حد السلطة للمراسيم والقرارات ذات الصفة الادارية سواء كانت تتعلق بالافراد أم بالانظمة والصادرة عن سلطة عامة تمارس وظيفة إدارية. ولهذا استقر الاجتهاد في لبنان وفرنسا على إخراج الأعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية المعروفة باسم الاعمال الحكومية من دائرة المراقبة القضائية. فقد جاءت النصوص القانونية واضحة لجهة بيان فئة الأعمال التي تقبل المراجعة بشأنها امام مجلس شورى الدولة حاصرة الرقابة بالأعمال ذات الصفة الادارية المحضة والصادرة عن سلطة عامة تمارس وظيفة ادارية. وقد استقر العلم والاجتهاد على اعتبار الاعمال الصادرة عن السلطات الدستورية في علاقاتها المتبادلة كتسمية أو استقالة أعضاء الحكومة وإصدار القوانين وردّها وإحالة مشاريع القوانين إلى مجلس النواب، غير داخلة في اختصاص القضاء الاداري لأنها في عداد الاعمال الحكومية التي تعني الصلاحيات ما بين السلطات الدستورية والتي تضع موضع الاستعمال مبدأ فصل السلطات.
سبق لمجلس شورى الدولة أن وضع القواعد الأساسية للأعمال الحكومية في قراره الشهير الصادر العام 1995 في قضية الوزير السابق جورج أفرام، واعتبر بأن مرسوم تبديل الحقائب الوزارية لا يقبل الطعن ويخرج عن اختصاصه. (قرار مجلس القضايا رقم 189 تاريخ 3/1/1995 جورج افرام/الدولة). كما في قرار شهير آخر في العام نفسه يتعلق بمرسوم حل مجلس النواب الذي كان قد صدر عن حكومة العماد عون (قرار مجلس القضايا رقم 74 تاريخ 16/11/1995). أضف إلى ذلك أن القرارين الشهيرين المذكورين صدرا عن المجلس بهيئة مجلس القضايا وليس عن إحدى غرف المجلس لأنهما يتعلقان بمسألة فيها تطوّر اجتهادي كبير. أما حاليا، فإن القضية التي صدر فيها وقف التنفيذ تنظر فيها الغرفة القضائية الأولى وليس مجلس القضايا الذي يُفترض أن يتولّى هذه المهمة التي تنطوي على تغيير في الاجتهاد. المصدر :النهار |