«الصندوق» يُغرقهم في الديون ورّبما يصل بهم ... الى التشرّد
ما شهدته شوارع طرابلس اشارة الى حجم الازمة الاجتماعية التي تدق ابواب المدينة التي صنفت الاكثر فقرا في حوض البحر البحر المتوسط ولما تحتويه من نسبة بطالة عالية غير مسبوقة في تاريخ لبنان، الى درجة ان العاطلين من العمل تجاوزوا الـ 45% من فئة الشباب عدا انخفاض معدلات الدخل الشهري للمواطن الطرابلسي في ظل تفاقم انتشار النازحين السوريين وممارستهم لمهن تنافس اهل المدينة.
فالمسيرة التي انطلقت في شوارع طرابلس بدعوة من الاتحاد العمالي وهيئة المستأجرين القدامى ورفع اللافتات المنددة بالقانون اعتبره البعض انه اشارة انتفاضة اجتماعية في طرابلس وصرخة باتجاه اعلان عصيان مدني في حال تطبيق قانون الايجارات المقترح.
فبرأي العديد من الفاعليات الطرابلسية ان تطبيق القانون سيؤدي الى تشرد الاف العائلات في احياء التبانة والقبة والميناء وبقية المناطق الطرابسية حيث تشكل نسبة المستأجرين في طرابلس اكثر من سبعين بالمئة من الطبقة الفقيرة والمتوسطة، وفي رأي مصدر طرابلسي ان هذه الكتلة البشرية ستتحول الى قنبلة موقوتة في المدينة بل وقد تشكل المدخل لانفجار اجتماعي جديد ما لم يتم تداركه بوقف تطبيق القانون وتعديله كي يكون متساويا في العدالة بين المالك والمستأجر.
فمنذ عقدين من الزمن ومجلس النواب يحاول تعديل قانون الايجارات في لبنان، وفي كل مرة يتلقف المواطنون كل تعديل برحابة صدر الا هذه المرة فقد اعلن المستأجرون القدامى انتفاضة على القانون الجديد، وبدأت الاجتماعات الواحد تلو الاخر بدعوة من الاتحاد العمالي في الشمال وهيئة اعضاء الدفاع عن حقوق المستأجرين ورغم العراقيل التي واجهت المنظمين الا ان يوم امس انطلقت التظاهرة الاولى من المسجد المنصوري الكبير بمشاركة واسعة من المستأجرين ولفتت الانظار اللافتات التي حملها المتظاهرون والتي اعتبرت ان القانون هو الاسوأ مع وصفه بـ «الزبالة» لانه يتسبب بتشريد الالوف من العائلات..
فيوم امس اعتبرته اوساط طرابلسية انه بداية تمرد على هذا القانون خصوصا في مدينة طرابلس علما ان القانون يشمل كل لبنان، وحسب مصادر المستأجرين ان الطرابلسيين هم الاكثر تضررا من القانون لان مدينتهم تضم في جنباتها النسبة الكبرى من المستأجرين وتتوزع هذا الحالات بين الطبقة الفقيرة والمتوسطة ويتوزع المسـتأجرون في كل احياء المدينة خصوصا طرابلس القديمة (التبانة ـ القبة ـ الزاهرية ـ الثقافة ـ عزمي ـ باب الرمل ـ الاسواق ـ التل ـ الميناء)، وحسب رئيس تجمع المستأجرين في لبنان نبيل العرجة ان تنفيذ هذا القانون دونه عقبات كبيرة خصوصا في طرابلس لان نسبة الفقر في المدينة تخطت 75% لافتا الى ان من وضع هذا القانون لم يأخذ بعين الاعتبار شريحة واسعة من المجتمع، وقال ان القانون الجديد يعطي المالك من ثمن عقاره 4% سنويا، وقال ان كل القوانين التي صدرت منذ 75 سنة كانت تفرض على المالك التعويض على المستأجر لكن القانون الجديد يعفي المالك من هذا التعويض اضافة الى اجبار المسـتأجر على دفع قيمة مالية كبيرة لمالك المنزل بدل الايجار في وقت ان معظم المستأجرين من الفقراء وكبار السن وهؤلاء دخلهم محدود فهل يعقل ان يدفع هؤلاء ايجار منزل اضعاف دخلهم الشهري؟!!...
واعتبر العرجة ان اموال الصندوق الذي تحدث عنه المشرع في القانون لا يعطي المسـتأجرين اي تعويض بل بالعكس يغرقهم في الديون وربما يصل بهم الامر الى التشرد.. واعتبر العرجة ان هذا القانون سيلحق ضررا بالتركيبة الاجتماعية للوطن كله لانه سيعمل على اعادة فرز المواطنين طائفيا ومذهبيا.. وقال ان الحل هو رد هذا القانون من قبل رئيس الجمهورية الى مجلس النواب لاعادة صياغة القانون من جديد واصدار قانون لا يظلم الطرفين لا المالك ولا المستأجر. ورأى انه في حال بقي القانون على ما هو عليه دون اي تعديل سيكون السبب بوقوع فتنة كبيرة في البلد لا يمكن ان تحمد عقباها.
وفي هذا السياق فان المستأجرين رفعوا مذكرة الى رئيس الجمهورية العماد عون تضمنت نداء اليه برد القانون واعادة النظر فيه.
وحسب مصادر المستأجرين ان الخطوات التالية هي التصعيد سواء بالدعوة الى الاعتصامات والمسيرات وستكون لهم خطوات تصعيدية بغية نيل العدالة في اخطر قضية انسانية ـ اجتماعية.