السبت 20 نيسان 2024 16:13 م |
مزارعو التبغ في القرى الحدودية: هل نزرع البحر؟ |
* جنوبيات مع نهاية شهر رمضان وانقضاء أكثر من نصف شهر نيسان الجاري، أقفَلَ مزارعو التبغ في القرى الجنوبية الحدودية، ملفّ زراعة أراضيهم. إذ كانوا ينتظرون إعلان هدنة خلال رمضان، تتوقّف خلالها عمليات القصف إثر الحرب المستمرة في الجنوب، وتؤمِّن الهدنة للمزارعين الغطاء لزراعة شتول التبغ. لكن الهدنة لم تُعلَن والشتول لم تُزرَع. فهل يمكن إنقاذ موسم التبغ هناك؟ وماذا يفعل المزارعون الآن؟
محاولات استباقية
لكن بما أن الهدنة المفترضة لم تحصل، فات الوقت ولم يحضِّر المزارعون أرضهم لزراعة الشتول. عواضة الذي كان قد جهّز أرضه قبل الحرب، بات نازحاً في قضاء صور “وعاجزاً عن زراعة الأرض”. ولأن وقت الزراعة قد فات، يؤكّد لـ”المدن”، أن موسم التبغ لهذا العام قد انتهى.
الزراعة في البحر يقول عواضة: إن أغلب مزارعي القرى الحدودية باتوا نازحين في المناطق وليس لديهم أي أرض لزراعتها، وبالتأكيد لن يزرعوا البحر. الخطوة التالية بالنسبة إلى عواضة هي “البحث عن طريقة للتعويض على المزارعين”، ليس فقط بمبلغ تقديري لحجم عائدات كل مزارع من الموسم، وإنما لحجم خسارته لموسم التبغ وللمصاريف التي تكبّدها خلال فترة النزوح. ومن غير المنتَظَر بحسب عواضة، أن تعوِّضَ الدولة على المزارعين بالقيمة الفعلية التي خسروها ويخسرونها مع مواصلة الحرب. ومسألة التعويضات، طرحتها النقابة مع المدير العام لأوجيرو ناصيف سقلاوي، وأكدت النقابة بحسب فقيه، على ضرورة التعويض على المزارعين. ولا حلّ في هذا الملف إلاّ ان تعوِّض الدولة عليهم فور انتهاء الحرب. لا يعوِّل عواضة على التعويضات المفترضة، “لأنها ستطال مَن يملكون رخصة لزراعة التبغ، في حين أن الكثير من المزارعين لا يملكون رخصة بأسمائهم، بل يبيعون إنتاجهم على اسم صاحب رخص أخرى”، أي يعطون إنتاجهم لمزارع يملك رخصة تبغ، ويبيعها المزارع على أنها ملكه. كما أن التعويضات ستشمل مبلغاً معيناً لكل رخصة “وهناك مزارعين يملكون أكثر من رخصة ويزرعون مساحات كبيرة من الأراضي، فهل سيتم التعويض عليهم انطلاقاً من رخصة واحدة؟”.
المعضلة التي يواجهها المزارعون النازحون، وتحديداً مزارعي التبغ، هي استحالة ممارسة مهنتهم في أي منطقة أخرى من خلال استئجار أراضٍ وزراعتها، أو استئجار بساتين. فالتبغ “يحتاج إلى عناية مستمرة. وإذا استأجرنا قطعة أرض وزرعناها وحصل وقف لإطلاق النار أو انتهت الحرب، فعلينا العودة إلى قرانا، وبالتالي سنخسر الموسم. فضلاً عن أن لا امكانيات مادية لدى المزارعين على الاستئجار. وكذلك، زراعة التبغ تحتاج إلى معدّات موجودة في قرانا، ولا يمكن شراء معدات جديدة”.
مَن المستفيد من زراعة التبغ؟
وتقول منظمة الصحة العالمية أن “دوائر صناعة التبغ، تنشر أساطيرَ حول الأهمية الاقتصادية لزراعة التبغ. فيما الحقيقة أن عدداً كبيراً من الاقتصادات المنتِجة للتبغ تواجه انعدام الأمن الغذائي، وتعتمد على بلدان أخرى للحصول على الغذاء وتستخدم هذه الاقتصادات العملات الأجنبية المكتسبة من تصدير أوراق التبغ لشراء الغذاء حينما لا تتوافر لديها الأراضي اللازمة لزراعة الغذاء بنفسها”. انتهى الأمر بمزارعي تبغ الجنوب بوداع موسمهم لهذا العام، في حين أن حياة مزارعي التبغ حول العالم، ينتهي أمرهم إلى “الوقوع في فخ حلقة مفرغة يصبحون فيها تابعين لدوائر صناعة التبغ أو مجموعاتها الأمامية”. وإذا كانت بعض الدول تعوِّض على مزارعيها، وتطالب النقابات بحقوقهم، إلاّ أنه في لبنان لا كلمة فوق الكلمة السياسية، عِوَضَ الكلام التنمويّ. والتعويضات الهشّة جاهز دوماً لإسكات الألسُن. المصدر :المدن - خضر حسان |