يُروى أن (الحجّاجَ بن يوسف الثّقفي) أمرَ بالقبضِ على ثلاثةِ أشخاصٍ في تهمةٍ معينةٍ ووضعِهم في السّجنِ ، وبعد محاكمةٍ مَيدانيّةٍ أُمر َ أن تُضربَ أعناقُهم جزاءً بما كسبَت أيديهم.
وحين قدِموا أمام السيَّافِ، لمحَ الحجّاجُ إمرأةً ذات جمالٍ تبكي بحرقةٍ، فقال : أحضروها
فلما حضرَت بين يديه سألَها:
ما الّذي يبكيكِ؟
فأجابَت: هؤلاء الّذين أمرْت بضربِ أعناقِهم هم زوجي وشقيقي وابني فلذةُ كبِدي فكيف لا أبكيهم؟
فقرّرَ الحجّاجُ أن يعفوَ عن أحدِهم إكراماً لها.
وقال لها: تخيّري أحدَهم كي أعفوَ عنه، وكان ظنُّه أن تختارَ ولدَها، وبعد لحظاتِ صمتٍ خيّمَت على المكانِ تعلّقتِ الأبصارُ بالمرأةِ في انتظارِ قرارِها بالاختيارِ، ليتمّ العفوَ عنه.
صمتَت، والدّمعةُ في عينيها، ثم قالَت: أختارُ "أخي".
فوجئَ الحجّاجُ بإجابتها وسألَها عن سرِّ اختيارِها لأخيها؟
فأجابت بحرقةِ الملهوفةِ: أما الزّوجُ فهو موجودٌ "أي يمكنُ أن تتزوجَ برجلٍ غيرِه"
وأما الولدُ فهو مولودٌ "أي تستطيعُ بعد الزواجِ إنجابَ الولدِ"
وأما الأخُ فهو مفقودٌ "لتعذّر ِوجودِ الأبِ والأمِّ".
فذهبَ قولُها مثالاً وحكمةً، وأُعجبَ الحجّاجُ بحكمتِها وفطنتِها.فقرّرَ العفوَ عنهم جميعاً!
صفوةُ القولِ وخلاصته:
"فإنّ الأخَ لا يُعوّضُ، ولا يشعرُ بقيمةِ الأخِ والأختِ إلاّ من فقدَ أحدَهم".
فحافظْ على العلاقةِ بينك وبين أخوتِك، لأنّها الشيءُ الوحيدُ الّتي لا يمكنُ تعويضُها عند فقدانِها، فإن فقدتَها ضاعَت من بين يديك،وغابَت عنك جذورُ المحبّةِ الّتي تذكّرُك بوالديك.