الأربعاء 24 نيسان 2024 14:14 م

الرعاية الإجتماعية


* جنوبيات

تتميز المجتمعات الإنسانية المتقدمة والمتطورة بالنظام الإجتماعي الذي يكفل لها الإستمرارية لما بدأت به من اعتماد معايير تجنبها الوقوع في مشاكل اجتماعية، تلك المعاييرالتي تضعها على سلّم اللحاق  بركب الحداثة، فما يتوافق في مجتمع ما لا يتوافق  بالضرورة في مجتمع آخر ، فالمجتمع الإنساني هو مجموعة اشخاص تجمعهم معايير وقيم مشتركة ، ويسودها قوانين وأحكام تضبط العلاقات الإجتماعية وتنظمها ضمن أطر وحدود متفق عليها من قبل اصحاب السلطة والمسؤولين عن التنظيم والقواعد والقوانين.  
يبدو ان من دواعي التنظيم  نشر السلم الأهلي ، لكن لماذا لا يعمّ السلم الأهلي في المجتمعات الإنسانية المعاصرة ؟ ولماذا يصعب على اهل الساسة من فرض الأمان الإجتماعي والقضاء على المشاكل الإجتماعية؟  متى يخرج ابناء المجتمع عن الأطر والتنظيمات الإجتماعية ؟ هل الإدارة وطبيعة القوانين المجتمعية هم السبب؟ ام السبب في تكوين الإنسان نفسه وتمرده وعصيانه لما هو سائد من قوانين وأنظمة ؟
ان الإنسان هو إنسان ببنيانه وعقله وحياته أما مسألة خروجه عن التنظيمات،  فهي مسألة تثير الشكوك وتثير التساؤلات عن حقيقة الأسباب المعلنة او المحجوبة عن الواقع المعاش، فالواقع الذي نعيشه يفرض علينا الخضوع لتنظيمات سياسية، من شأنها ان تسير حياتنا بما يضمن لنا الحماية والرعاية الإجتماعيين ، فالرعاية هي الباب الوحيد الذي ندخل من خلاله الى الشعور بالأمان الإجتماعي،  اي ان المجتمع الذي يرعى ابناءه ويضمن لهم كل الحقوق والواجبات يقودهم الى الشعور بالأمان، وبالتالي  مما يندفعون الى  زيادة إنتاجيتهم ويرتاحون في محيطهم وبيئتهم،  وبالتالي يبادرون الى الإنتساب لهذا المجتمع بكل معاييره وقوانينه وأحكامه، والعكس صحيح اي ان الإهمال وعدم مداراة أبناء المجتمع تحملهم على العصيان والتمرد وبالتالي يلجأون لرفض الواقع ونشر الفوضى واللانظام الإجتماعي .  
ان السهر من قبل الساسة لتأمين كل اسباب العيش بسلام، هي تعتبر من ضرورات الرعاية الإجتماعية ومن ضرورات نشر السلم الأهلي، فضبط المخالفات ومحاكمتها وإلقاء القبض  على من خرج عن قيودها هي من الأسباب الرئيسية للتنظيم الإجتماعي ،مما يصبح المجتمع منظّم ومتطور ومتقدم، لكن المجتمع الذي نعيشه مهما وصلت درجة تقدمه وتطوره لا بد من خروج البعض عن الأطر القانونية واللجوء الى العصيان والتمرد والإعتداء على حقوق الغير ، فهذه من طبيعة بعض البشر اللذين استولت عليهم قوى الشر والعصيان، اي لا يمكن القول ان هذا المجتمع تغيب عنه الرعاية لكن يمكن القول ان هذا المجتمع يسوده المخالفات،  لكن عندما يسعى القيمين واهل الساسة الى ضبط المخالفات وملاحقة مرتكبيها، يمكن القول عندها انه مجتمع يسهر على أمان مواطنيها وراحتهم الشخصية وشعورهم بالأمان الإجتماعي .
د.هبة المل أيوب

المصدر :جنوبيات