هذه القصّة سمعتها من رجل كبير في السنّ يتميّز بحكمة ودراية عالية.
اشترى رجلٌ حمارًا للمرّة الأولى في حياته، ومن فرحته به أخذه إلى سطح بيته وصار يُريه مساكن قبيلته وعشيرته من فوق السّطح حتّى يتعرّف إلى الدّروب والطّرق، وكي لا يتيه حين يعود إلى البيت بمفرده.
وعند مغيب الشّمس أراد الرّجل أن يُنزل الحمار من على السّطح لإدخاله الإسطبل، فحزن الحمار ولم يقبل النّزول.
فالحمار أعجبه السّطح وقرّر أن يبقى فوقه.
وأخذ صاحبه يتوسّله بالنّزول، وحاول سحبه بالقوّة أكثر من مرّة، بيد أنّ الحمار لم يقبل النّزول، وبدوره لم يقبل صاحبه أن يبقيه على السّطح.
بيد أن الحمار دقّ برجليه على قرميد السّطح، وصار يرفس وينهق في وجه صاحبه.
وراح البيت يهتزّ، وصار السّقف الخشبيّ المتآكل عاجزًا عن تحمّل حركات الحمار ورفساته. فنزل الرّجل بسرعة لإخلاء المنزل من عائلته.
وما هي إلّا دقائق حتّى انهار السّقف وتهدّمت جدران البيت ومات الحمار. فوقف صاحبنا عند رأس حماره الميت وهو مضرّج بدمائه، وقال (بالعامّيّة):
"والله الغلطة ما غلطتك. الغلطة عليّي أنا اللي طلّعتك على السطح".
وعليه،
من الصّعب جدًّا إنزال الحمير الذين تمّ إيصالهم إلى مكان غير مكانهم الحقيقيّ، ولا يُلام إلّا من أوصلهم لذلك المكان.
فعند تعيين أناس غير مناسبين في مواقع القرار، لا عجب من انهيار المنظومة وتصدّع البيت على رؤوس قاطنيه.
وبالمحصّلة، لقد كثرت الحمير على أسطحنا، فهل من معجزة لإنزالها؟!
فالمعلوم أنّه "من يصعد السطح منهم، لا يقبل أن ينزل قبل أن يهدم البيت". ولات ساعة مندم...