لا يزال جهاز الأمن العام متكتماً على العملية الارهابية التي كانت ستطاول بيروت، وتحديداً عن الداعشي الذي كان مزروعاً في غرفة عمليات احدى المؤسسات المسؤولة عن تطوير وسط بيروت. ولم يمرْ الملف مرور الكرام على اللبنانيين وتحديداً السياسيين الذين شعروا بأنّ مواكبهم مستهدفة والاقتصاديين الذين يرون في وسط بيروت نقطة ارتكاز للسياحة في لبنان. وجرى البحث عن حقيقة التفاصيل التي عرضت عبر وسائل الاعلام، فكل ما تم التداول به من امكان استهداف محال ومبان في #وسط_بيروت، لم يكن محور النقاش بقدر ما كان "زج اسم الرئيس سعد الحريري" بالتفاصيل هاجساً لاعادة الحديث عن الوضع الأمني لهذا الرجل، وكأن هناك رسالة تهديدية له، هكذا يعتبر أحد المراقبين مسار الكشف عن العملية الأمنية من دون أن يشكك في حصول العملية الأمنية، خصوصاً أن جزءاً من الخلية أصبح خلف القضبان، كما ان "داعش" لم تعد تفرّق بين أحد.
وليس اللواء جميل السيّد هو أول من كشف عن العملية، بل تحدث عنها بعد نحو ثلاثة أسابيع من اطلالة وزير الداخلية مروان شربل في 23 كانون الثاني عبر قناة "أن. بي. أن." ضمن برنامج "آخر كلام"، الذي أعلن حينها ان "الأمن العام ألقى القبض على شخص يقوم بمراقبة مواكب الشخصيات التي تدخل العاصمة بيروت بواسطة الكاميرات المزروعة فيها، وهو موقوف لدى القضاء العسكري ويتم التحقيق معه وقد يكون بريئاً أو لا". ولم يتطرق حينها شربل إلى أي تفصيل في شأن العملية.
احباط العملية
وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق ان العملية "استباقية" من دون أن يتطرق إلى تفاصيل، وبالتالي لم يعد هناك مجال للشك بحصولها بل تبقى المعضلة في التفاصيل التي وصفت وفق أحد المراقبين برسالة "سيئة"، فما يجري الحديث عنه أعاد إلى الأذهان عمليات استهداف الزعماء وآخرها اغتيال الوزير السابق محمد شطح. خصوصاً أن الكشف عن العملية جاء قبل ايام من احياء ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري (14 شباط)، وبعد أقل من ثلاثة أسابيع على احباط عملية "انتحاري الكوستا"، وفي ذروة المعارك المرتبطة بقانون انتخابي جديد، فضلاً عن توقيتها في أكثر الفترات توتراً في مخيم "عين الحلوة". والأسئلة اليوم: لماذا لم يكشف الأمن العام عن احباط العملية؟ وهل كانت هناك نية حقيقة لمراقبة مداخل "بيت الوسط" أم أن هناك مبالغة في كل ما يتم تداوله من تفاصيل؟ وهل من المعقول ان يصرف المسؤولون عن أمن الحريري النظر عن كاميرات ترصد مداخله؟
وها هي تفاصيل أخرى وفق مصادر مطلعة، تقول لـ"النهار": "الموقوف كان يعمل في غرفة عمليات تدير كاميرات مزروعة في بيروت، وهو مجنّد من جهة معينة، وكان يسجل يومياً معلومات عن المواكب التي تمر ويلتقط الصور ويرسلها إلى جهة لبنانية تهتم بارسلها ربما الى خارج الحدود، وهو ما يذكر بعمليات مشابهة لاغتيال محمد شطح، وتم استدراج المطلوب وتوقيفه". ووفق معلومات المصادر، فان "الموقوف كانت مهمته ضمن العملية البقاء في الغرفة لحظ تنفيذ هدفين الأول مراقبة العملية والثاني ازالة ما يمكنه كشف الحقائق".
احباط عملية "الكوستا" والكشف عن خلية في وسط بيروت يؤكدان وجود خلايا "داعشية" نائمة وجاهزة في لبنان، وتقول المصادر: "كل الخلايا تنتظر ساعة الصفر ولكن عند اعطاء الاوامر يتم القاء القبض عليهم بعد معرفتهم عبر الاتصالات"، مذكرة بأنّ "لدى الاجهزة الأمنية مخبرين في غالبية الأماكن ومنها في غرفة العمليات الخاصة بالكاميرات، كما هناك غرفة أمنية خاصة بمتابعة اتصالات اللبنانيين بالخارج وأخرى للتنصت وفيها مجموعة من الضباط من كل الأجهزة ومن الجيش"، اذ تؤكد أن "عنصر الاتصالات هو الرقم واحد في كشف العمليات الارهابية".
وتضيف: "تضاف الى عنصر الاتصالات، المساعي التي يقوم بها المواطنون والابلاغ عن أي أمر مشبوه، التنسيق بين الأجهزة الامنية، التنسيق مع الاستخبارات الخارجية، اضافة الى المخبرين الذين يتعاونون مع الاجهزة والذي تضاعف عددهم في الفترة الاخيرة".
ولا تربط المصادر بين عملية "الكوستا" و"وسط بيروت"، مذكرة بأن "داعش باتت تعمل وفق أسلوب الخلايا العنقودية التي لا تعرف بعضها البعض، واذا اوقف أحدهم يكشف عن من معه فقط من دون أن يعرف أي معلومة عن خلية اخرى، والأمر يشبه المخبرين الذين لا يعرفون بعضهم بعضاً".