هذه القصّة أخبرنيها أحد الأصدقاء وهو عميد متقاعد في الجّيش اللبنانيّ، وهي تتمحور حول حركة الإصبع الوسطى التي يستعملها البعض للتّعبير عن الاستياء من موقف معيّن أو إرسال إهانة مباشرة للشخص الموجَّهة إليه تلك الحركة. غير أنّ معناها الأصليّ مُغايِر جملةً وتفصيلًا لما هو معروف بين عامّة النّاس.
إذًا، ماذا تعني تلك الحركة؟!
يقول صديقنا العزيز وهو شخص مخضرم وخبير بتاريخ الحروب والقضايا العسكريّة:
"نرى الكثير من النّاس يشيرون بإصبعهم الوسطى في حالة الغضب، وخاصّة الغرب. وهذه الإشارة قد تُعرف بمعنى اللعنة أو تبًّا لك. إنّما في الحقيقة هذه الحركة أو الإشارة لا تعني هذا المعنى على الإطلاق. ومعناها الأصليّ يعود إلى قصّة قديمة في العام 1416 م حيث وقعت معركة بين الجيشين الإنجليزيّ والفرنسيّ تُعرف بمعركة "أجينكورت"، وكان الانتصار في بداية المعركة للجيش الفرنسيّ. وكان الفرنسيّون يقطعون للأسرى الإنجليز أصابعم الوسطى حتّى لا يستطيعون بعد ذلك إطلاق السّهام التي كانت تنتهي بالرّيَش الطّويلة، والتي كانت تعتمد على الإصبع الوسطى في الرّماية وتحديد الهدف. لكن سرعان ما تغيّرت نتائج المعركة، وتحوّل نصر الفرنسيّين إلى هزيمة. فما كان من الإنجليز إلّا أن أصبحوا يشيرون إلى الفرنسيّين بأصابعم الوسطى تعبيرًا منهم عن أنّها بخير، وأنّهم يستطيعون الرّماية.
ومنذ ذلك الوقت عُرفت هذه الحركة بأنّها تعبيرٌ عن التّحدّي".
وإزاء ما يحصل اليوم في بلد الحرمان والخذلان والطّغيان واختلال الميزان على كلّ الصّعد والمستويات، فإنّ الحركة الوحيدة التي يمكن أن يستعملها المواطن اللبنانيّ المسكين "من الآن وصاعدًا" هي أن يضع يده على معدته الخاوية ليشكو جوعه وقهره إلى الله الواحد القهّار.