السبت 11 أيار 2024 21:10 م

مستشفيات جنوب لبنان في زمن الحرب.. هل بقي فيها أطباء؟


* جنوبيات

 

منذ أن أنشئت المستشفيات في المناطق الجنوبية اللبنانية، وهي ليست قديمة العهد، لم تقم من أجل الرفاهية الصحية والطبية بل لحالات الطوارئ العامة الكثيرة. فإسرائيل منذ سبعة عقود لا تنفك تحت عنوان حماية حدودها، تشن حرباً تلو الأخرى مما يوقع عشرات القتلى والمصابين ويؤدي إلى تدمير البيوت والبنى التحتية في تلك المناطق.

مع أول توتر على الحدود في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 سارعت المستشفيات الجنوبية، لا سيما تلك المنتشرة على طول الخط “الساخن” في بنت جبيل وميس الجبل ومرجعيون وحاصبيا، إلى رسم خطط لطوارئ جديدة قد تنجم عن المواجهات، فأوقفت استقبالها للحالات “الباردة” وحولتها إلى مستشفيات “الخط الثاني” التي تقع في محيط جغرافي أكثر أمناً بعيداً من المواجهات، وأبقت على كوادر طبية لمهام عاجلة تتألف من أطباء جراحين وآخرين متخصصين في أمراض القلب والتنفس والعظام وغسيل الكلى، إضافة إلى ممرضين من ذوي الخبرة والاختصاص.

حتى الآن وضعنا متماسك” يوضح رئيس مجلس إدارة مستشفى “بنت جبيل” الحكومي الطبيب توفيق فرج، ويقول “إنه منذ أن بدأت الحرب وضعوا خطة طوارئ حربية وهم في استنفار تام تحسباً لأي حوادث متفاقمة”. استقبل المستشفى عديداً من الإصابات وعالجنها وأجرى عمليات جراحية، ووهو في الوقت عينه يواصل استقبال المرضى في قسم غسل الكلى، بمعدل يومي أو كل يومين لـ16 مريضاً من بلدات قريبة، من أصل 36 مريضاً كانوا يأتون قبل الحرب”.

ويضيف الطبيب فرج “أن قسم الطوارئ والعمليات الجراحية جاهزان لأي مستجدات قد تحصل، يواكبهما فريق من الأطباء المتخصصين المستنفرين طوال 24 ساعة. وقد وزعنا كادرنا الطبي على أكثر من فريق للمناوبة. وقضت خطتنا أن يداوم الطبيب مدة يومين متتاليين أو ثلاثة أيام ريثما يأتي طاقم أو طبيب بديل، ذلك من أجل سلامة الأطباء خصوصاً في حركة تنقلاتهم على الطرقات. لذا فإن الاستمرارية متوافرة في المستشفى كي نبقى في حالة تأهب دائمة، وهذا لا يشمل الأطباء فحسب بل كذلك الجسم التمريضي”.

ويؤكد فرج أن عدداً لا بأس به من المواطنين لم يغادروا بلداتهم وقراهم، والمستشفى يلبي الخدمات الطبية الضرورية لهم. منوها إلى أن الحرب كانت طويلة على الجميع وليس على الجسم الطبي فحسب، لذلك ستستمر المستشفى بخدمة الناس، وكل شيء مؤمن حتى الآن، من أدوية ولوازم طبية.

انتشار المستشفيات

ليست كثيرة مستشفيات الخط الأول المنتشرة على الحدود الجنوبية، وقد نشأ معظمها في الفترة التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000. هي في غالبيتها مستشفيات حكومية مثل مستشفى “مرجعيون” و”بنت جبيل” و”ميس الجبل” و”حاصبيا”، إضافة إلى مستشفى خاص وحيد هو “صلاح غندور”. أما مستشفيات الخط الثاني الأقرب إلى بنت جبيل فتضم “تبنين” الحكومي ومستشفيات النبطية التي تبعد أكثر من 50 كيلومتراً عن المدينة ونحو 30 كيلومتراً عن مرجعيون، ومستشفيات صور التي تبعد نحو 30 كيلومتراً، تليها صيدا التي تبعد أكثر من 70 كيلومتراً وتعتبر من مستشفيات الخط الثالث.

الطبيب المتخصص في جراحة العظام مشهور نحلة من بلدة الطيبة الحدودية، يقول إنه غادر بلدته بعدما غادرها الجميع بسبب القصف والغارات. مضى الطبيب نحلة إلى النبطية وهو يتنقل بينها وبين بيروت. ومثله فعل عشرات الأطباء إذ نقلوا خدماتهم وخبراتهم إلى خارج المنطقة المشتعلة.

سألنا الجراح نحلة عمن يقدم إسعافات الطوارئ للناس القاطنين في المناطق الخطرة، فأجاب أن هناك وجود دائم للهيئة الصحية الإسلامية والدفاع المدني التابع لكشافة الرسالة الإسلامية، وهم يتولون نقل الإصابات أو المرضى إلى المستشفيات الآمنة في حال حدوث أي طارئ، ويسلكون عادة طرقات أكثر أمناً، وينقلون الحالات الواجب نقلها إلى مستشفيات الخط الثاني، كي تبقى المستشفيات الحدودية جاهزة لحالات أكثر صعوبة.

ويؤكد أن تنقل الأطباء والناس على بعض الطرقات للوصول إلى مستشفيات مرجعيون وميس الجبل مشوب بخطر شديد “نحكي عن منطقة شبه مدمرة تمتد من الخيام إلى كفركلا والعديسة والطيبة وحولا وميس الجبل وبليدا وعيترون، وتقع جميعها بين مستشفيات مرجعيون وميس الجبل وبنت جبيل، كذلك الأمر في ما خص عيتا الشعب وجاراتها الواقعة غرباً بين مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل ومستشفيات تبنين وصور”.

المصدر :جنوبيات