مما لا شك فيه أن العمالة السورية باتت تعتبر مؤخرا، واحدة من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه لبنان، هذا وقد نزح إليه منذ بداية النزاع في سوريا في عام 2011، عشرات الآلاف من السوريين بحثا عن ملاذ آمن وفرص عمل أفضل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الواصلين.
وبحسب الأمم المتحدة يوجد أكثر من مليون لاجئ سوري، لكن هذا الرقم غير صحيح لان نسبة الحاضرين باتت تتعدى الـ40%.
ويعمل هؤلاء في القطاعات غير الرسمية مثل البناء والخدمات المنزلية، والبعض الآخر في الزراعة والصناعة الخفيفة.
من المهم الإشارة إلى أن هذا الاكتظاظ السوري أثار العديد من القضايا الحياتية، بما في ذلك العبء على البنية التحتية والخدمات العامة، بالإضافة إلى التوترات الاجتماعية والأمنية، لا سيما بعد جريمة القتل والاغتصاب التي نفذها المواطن السوري خلف برغش بالمغدورة زينب معتوق.
باب القتل مفتوح!
بالموازاة، هزت لبنان جريمة القتل التي وقعت في فندق "Universel" في بيروت منذ أيام، بعد أن أقدم المدعو خلف البرغش، وهو سوري الجنسية، بتاريخ 4 أيار/مايو الحالي على اغتصاب وقتل الشابة زينب معتوق التي تعمل في النزل كموظفة استقبال.
وأفادت مصادر أمنية "الديار" "أن زينب قضت بسبب نزيف داخلي، بعدما تعرضت لاعتداء جنسي وتعنيف جسدي وحشي، وبناء على المعلومات التي جمعتها شعبة المعلومات، فان الشبهات تدور حول العامل السوري الذي كان استقال من العمل منذ فترة، ألا انه بقي يتردد إلى الفندق".
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "الديار"، فإن نقاشاً حاداً جرى بين البرغش وزينب عشية الجريمة، بعدما اكتشفته يثبت هاتفه تحت حوض المغسلة بهدف تصويرها.
إشارة إلى أن خلف البرغش له سوابق، ومكتب حماية الآداب كان أوقفه في العام 2020 بجرم التحرش والتصوير في الحمامات في فصيلة الشويفات، وحينذاك تم سجنه لمدة.
والسؤال الذي يطرح نفسه عقب هذه الجريمة البشعة: ما هي الإجراءات التي تتخذها وزارة العمل ومديرية الأمن العام لضبط وحصر العمالة الأجنبية، انطلاقاً من تطبيق قوانين العمل المتعقلة بهذا المجال؟
السلبيات أكثر من الإيجابيات!
وفي هذا الإطار، أوضح مصدر سياسي مطلع لـ"الديار" أن "وجود العمالة السورية في لبنان يؤثر سلباً في الاقتصاد المحلي بعدة طرق منها:
1- التنافس: تعمل العمالة السورية في بعض القطاعات الأساسية بأجور منخفضة، وهذا يؤدي إلى تسابق مع اليد العاملة اللبنانية على الوظائف، ويؤثر في فرص العمل والرواتب.
2- تضييق نقدي: نظراً لاستعداد العمالة السورية للعمل بأجور أقل من المعدل اللبناني، يتسبب وجودهم بزيادة الضغط على الرواتب، حيث يمكن لأصحاب العمل استغلال هذه الوضعية لتقديم أجور أقل للعمالة اللبنانية أيضاً.
3- زيادة الطلب على العاملين بأجرة متدنية: لأن العمالة السورية تمتاز خدماتها بتكلفة زهيدة، فإن ذلك من شأنه أن يضاعف الطلب عليها من قبل الأفراد والشركات، وهذا حتماً يقلل من الفرص المتاحة للعمالة اللبنانية.
4- قهر المنشآت الحيوية: يُرهق تعاظم عدد السكان البنية التحتية والخدمات العامة في لبنان مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء، وهذا قد ينتج منه تدهور جودة هذه الخدمات.
5- السوق العقارية: من الطبيعي أن يؤدي الطلب الزائد على الإقامة والمكاتب والمحلات التجارية من قبل اللاجئين السوريين إلى رفع أسعار العقارات، مما يجعلها أكثر تكلفة بالنسبة للمواطنين الأصليين.
6- تحمل تكاليف إضافية: تضطر الحكومة اللبنانية إلى تقديم الخدمات العامة للسكان السوريين، مما يفاقم من الضغط على الموارد المحلية ويؤثر في ميزانية الدولة والاقتصاد بشكل عام.
ضبط وتنظيم وحصر!
بالموازاة، أوضح مصدر في وزارة العمل لـ"الديار" أن الوزارة "تؤدي دوراً هاماً في تنظيم العمالة وحماية حقوق العمال وأصحاب العمل، ومن مسؤولياتها وضع السياسات والتشريعات التي تنسق سوق العمل، وهي ملزمة بمراقبة كيفية انجاز الأشغال وتطبيق الأنظمة والمقاييس العمالية، لكن لا يمكن إنكار أن الوزارة تعاني من نقص في عدد المفتشين والمراقبين في مجال ملاحقة المخالفين".
أضاف المصدر "تعمل الوزارة على تطبيق كافة القوانين المرعية الإجراء بخصوص رخص العمل، بالنسبة للأشخاص الوافدين إلى لبنان بشكل سليم، ونحن لا نعطي إجازات عمل إلا لهؤلاء، أما إذا كان المستخدم الأجنبي يعمل دون إجازة عمل، فهذا يعني انه مخالف ويتحمل المسؤولية إلى جانب مشغّله بمعزل عن جنسية الأجير".
وأكد "إن إعطاء الإقامات هو من شأن الأمن العام ووزارة الداخلية، بينما وزارة العمل تمنح تراخيص مزاولة حرفة ما للعامل الأجنبي القادم، شرط استيفائه الشروط وضمن وظائف معينة، وتجدر الإشارة إلى أن عشرات المهن ليست مفتوحة أمام الآتين، مما يعني أن هذا الجانب المتعلق بالوجود غير الشرعي لأي فرد غير لبناني لا علاقة لنا به لا من قريب أو بعيد".
ماذا يقول القانون؟
ماذا يقول القانون؟ يجيب المصدر "طبعا هناك تعاميم صادرة عن وزارة العمل، والقانون يطلب من كل مؤسسة لديها عامل أجنبي يعمل بطريقة غير شرعية، أن تسارع إلى إنشاء إجازة عمل له والتصريح عنه عند الوزارة، أما إذا كانت شهادة العمل بمهنة معينة وصاحبها يعمل في أخرى، فهذا يعني أن المستخدم وصاحب العمل يخالفان التشريعات، وتفرض عليهما القوانين والغرامات المالية، كما أن التزام المؤسسات بهذه المأذونيات الرسمية إلزامي".
وشدد "على وجوب إتمام هذه العملية وفقاً للقوانين والشروط المحددة".
إجراءات مرتبطة برب العمل!
وأشار إلى أن "المعايير المطلوبة من رب العمل لتوظيف عامل مستوفي الشروط، تتمثّل بتسجيل صاحب الصنعة نفسه وعماله لدى وزارة العمل، والرضوخ لجميع الأحكام والقوانين المحددة، وتوفير الحماية الاجتماعية لهم، مثل التأمين الصحي والاجتماعي. كما يجب على مالك الشركة الامتثال لجميع الأصول العمالية المحلية، مثل ساعات العمل والإجازات السنوية والحد الأدنى للأجور، وتجهيز بيئة عمل آمنة وصحية للمستخدمين، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لكفالة سلامتهم".
عمل متكامل!
من جانبه، كشف مصدر أمنى لـ "الديار" عن "أن أكثر من 60% من السوريين يعملون بطرق غير شرعية في مختلف المجالات، وتعقدت الأمور مؤخرا بسبب الأوضاع الاقتصادية والأمنية والازمة النقدية وارتفاع سعر صرف الدولار. وما زاد الطين بلة، غض النظر من المعنيين عن المخالفات غير القانونية التي يرتكبها هؤلاء، وتضر بالبلد وامنه وأهله جراء التجاوزات الأمنية والجرائم التي تقترف ضد اللبنانيين من قبل السوريين وجنسيات عربية واجنبية أخرى، اذ يوجد نحو 2500 موقوف سوري في لبنان 500 منهم محكومون".
وأضاف "المطلوب منا كأجهزة أمنية وبلديات، التمسّك بعدة جوانب لضمان تنظيم وسلامة العمالة الأجنبية، من خلال ضبط الحدود ومنع دخول أي فرد عبر الممرات غير الشرعية، بما في ذلك مكافحة الاتجار بالبشر وتقييد عمليات التهريب المخالفة".
وختم المصدر: "نحن كأمن عام بدأنا مؤخرا بوضع سلسلة إجراءات تتعلق بتنظيم إقامة المواطنين السوريين والعمالة الأجنبية، وفقًا للمعايير والأنظمة المحددة، وعلى كل مواطن أجنبي موجود على الأراضي اللبنانية تطبيق القوانين بشكل صارم وعادل، كما ينبغي للبلديات تنظيم منح التراخيص للمؤسسات والشركات والأفراد الذين يعملون بصفة قانونية".