الثلاثاء 21 أيار 2024 07:44 ص |
"فاعل الخير" يسقط في فخّ السياسيين |
* جنوبيات نشاط رئاسي مفتعل تشهده الساحة السياسية مصدره من جهة اللجنة الخماسية ممثلة بالسفراء، ومن جهة أخرى عين التينة ممثلة برئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تقصّد تسريب معلومات عن نيّته الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس لدورتين متتاليتين تزامناً مع بيان "الخماسية" الذي حدّدت بموجبه مهلة أسبوعين كحد أقصى لانتخاب رئيس للجمهورية.
ما يمكن قوله وتأكيده، أن لبنان سيبقى بلا رئيس، أقلّه حتى انتهاء الحرب في قطاع غزة وجنوب لبنان، لكن تجدر الإشارة إلى أن الأزمة الرئاسية غير مرتبطة بحرب غزة والجنوب، فهي قائمة منذ ما قبل خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا، أي قبل اندلاع الحرب بسنة على الأقل، والأزمة الرئاسية سببها الإنقسام العامودي في البلاد بين القوى السياسية، فمنهم من يريد سليمان فرنجية ومنهم من يرفضه، فلا علاقة للحرب القائمة بالشغور الرئاسي، وجلّ ما في الأمر أن كل طرف يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة في عهد الرئيس الجديد.
والأغرب هو أن كل فريق يعتقد أن الإنتظار سيصبّ في مصلحته. فالفريق الشيعي وهو الأكثر تماسكاً، يعوّل على المفاوضات مع الأميركيين التي ستلي انتهاء الحرب في غزة لكي ينتزع من خلالها تأييد مرشحه، وفريق المعارضة وهو الأكثر عجزاً لفقدانه قدرة المبادرة، يعوّل على المجتمع الدولي لكي يصل إلى تسوية مع إيران يبعد من خلالها سليمان فرنجية، وفريق باسيل وهو الأكثر ضياعاً، يراهن على الوقت ظنّاً منه أن "الثنائي شيعي" لا يملك سواه لكي يبرم معه تسوية رئاسية حين يتخلّى عن فرنجية. إذاً، الجميع يساهم في بقاء الدولة اللبنانية بلا رأس، "الثنائي الشيعي" يسير بمرشّح مرفوض من غالبية القوى السياسية المسيحية، والمعارضة سائرة برفض فرنجية دون تقديم خيار آخر يشكّل إحراجاً ل"الثنائي"، وفي الوسط مجموعة من النواب المستقلّين الذين يرفضون الإصطفاف وينتظرون الفرج على مفرق اللقاء "الخماسي" الذي أثبت عجزه في حل الملف، ولم يفلح في إحداث أي ثقب في جدار الأزمة. المشكلة الكبرى التي تكمن في عمل اللقاء الخماسي، هي أن سفراء الدول الكبرى ليس باستطاعتهم فرض تسوية أو حل على القوى السياسية اللبنانية، بل يلعب السفراء دور "فاعل الخير" مع سياسيين غالباً لا يغلّبون إلاّ المصلحة الخاصة على مصلحة البلد العامة. أما مشكلة "الخماسية" الأخرى فهي دخول بعض السفراء على خطّ الإصطفاف، والعمل من خلف الجدران على توجيه بعض الكتل بشكل يجعل عملية التوافق صعبة، فيما كان من المفترض أن تلعب الخماسية دور الجامع والموفّق بين اللبنانيين بدل أن تكون طرفاً بينهم. فما لم تقدّم هذه الدول برنامجاً واضحاً للبنان وتتعهّد بدعمه سياسياً واقتصادياً ومالياً، سيبقى اللقاء "الخماسي" أسير اجتماعاته وبياناته التي لا تقدّم ولا تؤخّر في المشهد السياسي المعقّد، وسيبقى اللبنانيون بلا رئيس ينتظرون مصالحة كاتفاق معراب بين "القوات" و"التيار"، أو صفقة كالتسوية الرئاسية بين "التيار" وتيار "المستقبل"، أو اتفاق خارجي كبير كاتفاق الدوحة وجميع تلك الإحتمالات ما زالت بعيدة المنال، إن لم تكن مستحيلة مع القيادات الحالية. المصدر :ليبانون ديبايت |