وجّه رئيس المكتب التنفيذي لـ"مُنظّمة العمل اليساري الديمُقراطي العلماني" زكي طه "التحية والتقدير إلى القيادة الفلسطينية، التي أثبتت على الدوام جدارتها في قيادة الشعب الفلسطيني، وحرصها وتمسّكها والتزامها بأهداف هذا النضال، وبحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية المُستقلة على أرضه، وحمل الإرث التاريخي الثمين من النضال الفلسطيني في الدفاع عن استقلالية القرار الوطني الفلسطيني، وعدم رهنه لأي تدخّلات أو لأي دعم خارجي، فالتحية إلى الشهيد الرئيس ياسر عرفات ورئيس دولة فلسطين محمود عباس ومُؤسِّس "مُنظّمة العمل الشيوعي" في لبنان المُناضل مُحسن إبراهيم".
وخلال حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، ضمن التغطية المُتواصلة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، بعنوان "من النكبة إلى العدوان على غزة" أكد أنّ "الحرب الحالية التي يخوضها الاحتلال الإسرائيلي بالتنسيق الكامل مع الولايات المُتّحدة الأميركية، وتحت إشرافها، تستهدف وجود الشعب الفلسطيني على أرضه، وهي امتداد لما سبقها من حروب واعتداءات إسرائيلية"، مُشيراً إلى أنّ "الالتزام الأميركي بأهداف الاحتلال يمنع وقف هذه الحرب الوحشية البربرية، التي كان من نتائجها تبدّل النظرة العالمية لطبيعة هذا الكيان".
وشدّد على أنّ "هذه الحرب أكدت أنّ أمن الكيان الإسرائيلي لا يقع على عاتقه، بل على هي مسؤولية الولايات المُتّحدة الأميركية، وهذا هو السبب الرئيسي لمنع إيقاف هذه الحرب، وهو القرار الأميركي"، مُلمحاً إلى أنّه "لدينا الكثير من الأسئلة والشكوك حول المُبادرة الأميركية الأخيرة، لأنّها تأتي ضمن الالتزام الأميركي بأهداف الاحتلال الإسرائيلي، والإدارة الأميركية كانت تُعطّل قرارات وقف الحرب وتستخدم "الفيتو" من أجل ذلك".
واعتبر أنّ "التباين بين الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال، لا يرقى إلى مُستوى الخلاف بينهما، بل هو توزيع للأدوار ضمن إطار العلاقات المُعقّدة الأميركية - الإسرائيلية، وقد سبق هذه المُبادرة ادعاء الإدارة الأميركية بأنّها تُمارس ضغوطاً على المسؤولين الإسرائيليين، لكن نرى الالتزام الأميركي بالمصالح الإسرائيلية ومد الكيان بالسلاح".
ورأى طه أنّ "هذه الحرب بنتائجها التدميرية، وما تخلّلها من مُمارسات على صعيد حرب الإبادة والتهجير والتدمير في قطاع غزّة والضفّة الغربية والقدس، كان له نتائج سياسية هامة للقضية الفلسطينية، وهي ليست المرّة الأولى التي يحظى فيها الشعب الفلسطيني بمثل هذا الدعم من الرأي العام الدولي، ورغم أهميته يفتقد للدعم العربي".
وأكد أنّ "الشرط الأوّل لتوظيف الدعم الدولي ضد الاحتلال ومُمارساته، استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأنّه في ظل الانقسام الفلسطيني، الذي يُشكّل خطراً على الاستفادة من الدعم الدولي، قطاع غزّة لم يكن تحت الاحتلال بل مُحاصراً، والوحدة الوطنية هي الضامن للحقوق الوطنية الفلسطينية، ومسيرة النضال الوطني الفلسطيني هي الحاجز الأوّل لمُواجهة العدوان، والسلاح الأمضى في توظيف كل أشكال الدعم التي تحظى بها القضية الفلسطينية".
وشدّد على أنّ "الوحدة الفلسطينية لا يُمكن لها أنْ تتحقّق إلا في إطار "مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، التي هي المُمثّل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأعادت للشعب هويته الوطنية، وانتظمت فيها وحدته الوطنية، وظلّلت مسيرته النضالية، سواء عبر الكفاح المُسلّح من خارج فلسطين، أو عبر الانتفاضات الشعبية الكبرى داخل فلسطين، أو التضحيات التي قدّمها الشعب الفلسطيني".
وحول العلاقة ما بين الشهيد الرئيس ياسر عرفات والراحل محسن إبراهيم، والتي تواصلت مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس، قال طه: "نستذكر محطات نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه وحريته على أرضه، كل هذه المحطات يُهدّد فيها الاحتلال الإسرائيلي، الشعب الفلسطيني على أرضه وحقوقه وقضيته، هذه المحطات المجيدة من النضال اللبناني - الفلسطيني، تخلّلها الصراع الوجودي مع الاحتلال الإسرائيلي".
وتذكّر "القرار التاريخي للقيادة الفلسطينية، بالخروج من لبنان صيف العام 1982، كي لا تُدمَّر بيروت كما تُدمَّر غزّة الآن، وهو ما مهّد لاحقاً لكل ما جرى من صمود وتضحيات، من انتفاضات للشعب الفلسطيني على أرضه، أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية، وأنجزت لاحقاً العديد من الانتصارات الوطنية الحالية"، مُشيراً إلى أنّ "العلاقات التاريخية التي ربطت القائد محسن إبراهيم بالقضية الفلسطينية، كانت أسبق بالعلاقة مع القائد ياسر عرفات، مُنذ بدايات العمل السياسي في مطلع الخمسينيات، فالقضية الفلسطينية كانت القضية الرئيسية والمركزية للصراع العربي - الإسرائيلي، باعتبارها القضية الوطنية للشعب الفلسطيني، هذه العلاقة تعمّدت بالدم خلال مرحلة الكفاح المُسلّح، وتميّزت بالثقة والاحترام المُتبادل، وحضور محسن إبراهيم في كل ميادين النضال الفلسطيني".
وأوضح أنّه "بعد رحيل الشهيد ياسر عرفات، استمرّت هذه العلاقة مع الرئيس محمود عباس، وذلك من خلال التواصل اليومي المُشترك بينهما، حول مُختلف القضايا الفلسطينية، وتُوّجت بالوسام الوطني الذي منحه الرئيس "أبو مازن" إلى رفيقنا إبراهيم، وتجلّت العلاقة مع كل القيادات الفلسطينية لحظة وفاة "أبو خالد"، حيث تم إعلان الحداد العام في فلسطين، وتهافت القيادات الفلسطينية للتعزية".
وحول تأسيس "مُنظمة العمل الشيوعي" أوضح أنّها "كانت نتاج مُراجعة كاملة لتجربة الحركة القومية العربية، التي كان الدرع الفلسطيني ناشطاً فيها، وأحد رموزه الشهيد القائد جورج حبش، ومع الراحل محسن إبراهيم تجذّرت العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، التي تمثّلت بالحركة الوطنية في لبنان، وتم نقل التجربة السابقة على قاعدة وعي الواقع الراهن بكل مُستجداته في ظل غياب الاتحاد السوفياتي، و"مُؤتمر السلام العربي - الإسرائيلي"، وانطلاقة الثورة الفلسطينية المُتجدّدة على أرض فلسطين، وانتقال لبنان من مرحلة الحرب الأهلية إلى مرحلة "اتفاق الطائف"، هذه الصعوبات جعلت مُراجعة "مُنظّمة العمل الشيوعي" تتأخّر حتى العام 2016، وكنّا بحاجة إلى مرحلة انتقالية تُمهّد للإعلان عن تأسيس "مُنظّمة العمل اليساري الديمُقراطي العلماني" الحالية".
ورأى طه أنّ "السياسية الإسرائيلية باتت مكشوفة على صعيد العالم، ولم تعد تحظى بالدعم، رغم أنّها حظيت بدعم عالمي في الأسابيع الأولى، لكن تبدّد ذلك مع المُمارسات الإسرائيلية التي أطاحت بالكثير ممّا يدعيه الاحتلال، لذلك قامت جنوب إفريقيا بتقديم دعوى ضد الكيان الإسرائيلي في "محكمة العدل الدولية" بجرائم حرب الإبادة والحصار الجماعي، الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني، ثم انضم إليها العديد من الدول لمُحاكمة قادة الاحتلال، مع ارتفاع عدد الدول المُؤيّدة لرفع تمثيل فلسطين في الجمعية العامة للأُمم المُتّحدة إلى دولة كاملة العضوية".
وأشار إلى أنّه "في ظل الصمود الفلسطيني على أرضه وانكشاف السياسات الإسرائيلية، لم يعد بإمكان المُجتمع الدولي تجاهل ما يجري على أرض فلسطين، من جرائم ينفّذها الاحتلال عن سابق عمد وإصرار، وسيكون الرأي العام الدولي ودعمه، البوصلة في الصراع ضد الاحتلال، ودعم قيام الدولة الفلسطينية"، مُعتبراً أنّ "ما يقوم به الاحتلال ضد مُنظّمات الأُمم المُتّحدة، يأتي ضمن سياساته وعدم التزامه بالقرارات الدولية، ومنها القرارات الجائرة ضد مُنظمة "الأونروا"، التي تأسّست بقرار من الأُمم المُتّحدة لتقديم الإغاثة للشعب الفلسطيني وتأمين مُقوّمات الحياة له، ومُهمتها الرئيسية مرهونة بحق العودة، لهذا فإنّ استهداف الاحتلال لها، هو استهداف لحق العودة، ولا بد من مُمارسة كل الدعم العربي وتقديم الدعم لهذه المُنظمة".
وختم طه مؤكداً أنّ "الخلاف بين المسؤولين الإسرائيليين حول مدة الحرب ووسائلها، أما على صعيد الأهداف فهناك توافق إسرائيلي، لكن هناك سجالاً بين مكوّنات المُجتمع الإسرائيلي في العلاقة مع الإدارة الأميركية، التي تسعى إلى تقصير أمد الحرب خدمة للأهداف الانتخابية للرئيس جو بايدن، لكن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يُريد أنْ تستمر الحرب في ظل تنافس أميركي انتخابي، رغم كل الدعم من الحزب "الديمُقراطي" الذي يُقدّمه الرئيس بايدن إلى الكيان الإسرائيلي، إلا أنّ نتنياهو يرى بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حليفاً استراتيجياً، فهو الذي أعد "صفقة القرن"، مُلمحاً إلى أنّ "الصوت العربي والإسلامي في الولايات المُتّحدة الأميركية، يرفض الحرب، خاصة الجناح اليساري، والإدارة الأميركية تسعى لكسب هذا الصوت من خلال بعض التصريحات".
https://youtu.be/_nBaQQGtuGM