نحن نفهم الإشارة من ضوء المنارة، ونتلقّف العبارة من صلب الحجارة، ونتعلّم الخسارة من كنه الحضارة.
نحن نقرأ الكلمات من صدى الحكايات، ونستأنس بالنمنمات من عمق الرّوايات، ونطوي المسافات كطيّ الصّفحات.
نحن نلتزم الحدود بالمدى الموجود، ونتلمّس الوعود من صدق العهود، وننتظر الرّدود من فيض السّدود.
نحن نعيش اللباقة في ضوء العلاقة، ونتنفّس الأناقة في روح الصّداقة، ونشتاق بلباقة لعطر الباقة.
نحن وجّهنا الرّسائل للمحمول والحامل، وتتبّعنا الوسائل بشذى الخمايل، وعَذَرْنا الجدايل بضفيرة الخصائل.
نحن هِمنا بواقع الانتظار، وصُمنا حتّى غروب الأقدار، ونمنا حتّى فجر الأحرار.
نحن تحمّلنا مرارة الصّبر، وتجمّلنا بلطف القدر، وتغلغلنا في متاهات الضّجر.
نحن من علّم الآخر طيب الكلام، ومن فهّم الآخر كنه الأحلام، ومن سلّم للآخر حسن الختام.  
لكنّنا نقتصر الطّريق لإطفاء الحريق، وننقذ الغريق بلمعة البريق، ونقود الفريق بالمسك العتيق، وننتظر بفارغ الصّبر وجفاف الرّيق، الحبيب المعنيّ حتّى يفيق...
إنّه لغز الحبّ، لمن أراد اكتشاف الحبّ.
ولفكّ رموز هذا اللغز، ينبغي التعطّف والتلطّف باستعمال الوسائل ونشر الرّسائل حتّى الرّمق الأخير بدون تأخير، وأن تكون "وسيلة الصّبر" بوصلة العمل لكشف الأسرار في عالم تحيط به الأخطار.
وقد صدق الشّاعر حين قال:
"الصبر مثل اسمه مرّ مذاقته…
 لكن عواقبه أحلى من العسل".