ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام بالحملات المضادة العنيفة التي شنّها رواد المواقع على شركة “بيبسي”، بعد إطلاقها لإعلان تجاري يحمل شعار خليك عطشان، لا سيما وأن الشركة المذكورة كانت من أوائل الشركات التي شملتها حملات المقاطعة التجارية، بحكم دعمها للكيان الصهيوني.
فما هي تفاصيل هذا الإعلان، وكيف واجهه روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، وكيف ستكون نتائجه؟
"بيبسي" تتحدّى المقاطعة
وسط المجازر وحرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الكيان الصهيوني على شعب غزّة، أطلقت شركة “بيبسي” إعلانًا تجاريًا وقحًا بمشاركة عدد من المشاهير العرب من مختلف المجالات. الإعلان الذي ينتهي بشعار خليك عطشان، سوّغه بعضهم بأنّه إعلان قديم يعود إلى العام 2021، وقد لجأت الشركة عبر استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي لإعادة دمج مقاطع الشخصيات المشاركة في الإعلان بحلّة جديدة، لكن سرعان ما انهارت هذه الادّعاءات.
الإعلان الجديد أطلقته الشركة على قناة “بيبسي مصر” على موقع يوتيوب، ثمّ رُفع على لوائح إعلانية ضخمة في العديد من الدول العربية، وقد أثار استفزاز الرأي العام العربي كونه ردًا على حملات المقاطعة الكبيرة التي طالت الشركة منذ بدء الحرب على غزّة.
في سياق الرد على حملات المقاطعة، عمدت “بيبسي” إلى رفع أسعار منتجاتها في محاولة لتعويض جزء من الخسائر المادية التي لحقت بها نتيجة تداعيات المقاطعة.
ففي مصر، مثلًا، رفعت أسعارها على ثلاث مراحل، آخرها كان في 11 أبريل/نيسان الماضي.
والجدير بالذكر أن “بيبسي” كانت قد أصدرت تقريرًا في الشهر نفسه، تحدثت فيه عن أن وحدة “كواكر أوتس” التابعة لها وقعت بخسائر بقيمة 49 مليون دولار مقارنة مع تسجيلها أرباحًا بلغت 188 مليونًا في الربع المناظر من العام السابق، في حين تراجعت إيراداتها إلى 59 3 مليون دولار من 777 مليونًا.
"خليّك خسران" والحملات المضادة
بالرغم من حشد شركة بيبسي لهؤلاء المشاهير في محاولة للتأثير بالرأي العام العربي، وإعادة جذبه نحو منتجاتها، تلقت صفعة أخرى من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي الذين أطلقوا موجة من الحملات المضادة، لقطع الطريق على محاولات الشركة الخبيثة لتصحيح صورتها الملطّخة بدماء أطفال غزّة.
المتابعون وجهوا انتقادًا شديدًا لهذه الحملة الترويجية، ولم يكن الانتقاد مجرد شعارات، فقد أعادوا إحياء حملات مقاطعة منتوجات الشركة، ودعوا إلى إلغاء متابعة المشاهير المشاركين في الإعلان وحظر حساباتهم.
ولم يتوقف الأمر عند حظر الحسابات، بل أطلق الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي حملات مضادة ردًا على حملة خليك عطشان بشعارات مختلفة، منها خليك خسران، خليها تصدي، البطيخ يروي عطشك وغيرها من العبارات التي تشير من جهة إلى فعالية المقاطعة، إذ يُعتَقد أنَّ الخسائر التي تكبدتها الشركات التي تقع على قائمة المقاطعة هي الأضخم، وهو ما دفع شركة “بيبسيكو” للقيام بحملتها الترويجية هذه، ومن جهة أخرى لتشتيت الرأي العام عن حقيقة المجازر التي ما يزال يرتكبها الاحتلال في غزّة، وآخرها مجزرة خيم النازحين في رفح التي تزامنت مع إطلاق الحملة الترويجية.
بدورها، أكدت حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان، أنها تتابع عن كثب ما يشهده الرأي العام العالمي وخاصة اللبناني من تفاعل في ما يتعلق بإعلان شركة بيبسي.
وبرأيها أن ما يحصل، يحمل دلالة كبيرة على وعي الشعوب لأهمية مبدأ المقاطعة وفعاليتها في تحميل الشركات الداعمة للكيان الصهيوني خسائر فادحة.
خليك عطشان لم تؤتِ أُكُلها
الغضب الشعبي الذي أشعلته حملة بيبسي ستظهر تداعياته قريبًا، على صعيد النتائج المتوقعة، لأن هذه الحملة الترويجية لن تؤتِ أُكُلها بالتأكيد على عكس اعتقاد المشرفين عليها، والجدير بالذكر أن بيبسي ربما لم تتوقع هذا المستوى من الهجوم المضاد، ما دفع المسؤولين عن القناة الخاصة بالشركة على موقع يوتيوب لإغلاق ميزة التعليقات، لتفادي حملة الهجوم الضارية من الجماهير العربية، والتي تواصلت بقوة خلال المرحلة الماضية.
من ناحية ثانية؛ الحملة كانت لها نتائج عكسية بامتياز، لأنّها أسهمت في تذكير الشعوب العربية بمسؤولياتها إزاء القضية الفلسطينية، وبالتالي بتوجيه وعي هذه الشعوب نحو أهمية المقاطعة كإحدى سبل المواجهة والمقاومة، لا سيما وأن هذه المشروبات الغازية كانت قد سيطرت على الأسواق العربية لسنوات، ما جعل تأثير المقاطعة مضاعفًا وبمثابة الصفعة المؤلمة لها.
قضية شركة بيبسي تمثل إحدى النماذج المهمّة التي أنتجتها معركة "طوفان الأقصى"، والتي تعكس مدى وعي شعوب العالم عامة والشعوب العربية خاصةً لحقيقة هذا الكيان المحتل، ومعه كلّ الجهات والدول الداعمة له، كما أنها تُظهر إرادة الشعوب العربية ومطالبها الحقيقية البعيدة كلّ البعد عن سياسات أنظمتها المؤيدة بمعظمها لهذا الكيان المجرم.