السبت 15 حزيران 2024 23:04 م

مقدمات نشرات الاخبار مساء السبت 15-06-2024


* جنوبيات

"في انتظار هوكستين". هو عنوان الأيام المقبلة. فالموفد الأميركي يعود الى المنطقة في سعي الى تبريد الأجواء من غزة الى الجنوب. وإذا كانت لقاءاتُه في تل أبيب مؤكدة، فإن تعريجَه على بيروت رهنُ ما سيخلص اليه من نتائج. وسط هذا الترقّب، تابعت لغة الصواريخ والمسيرات سباقها مع المساعي الديبلوماسية المبذولة.

رئاسياً، موقفان قد يؤشّران الى أن نهاية مسيرة ألف ميل الشغور الرئاسي لا تزال مرجأة. فالتيار الوطني الحر اتهم القوات اللبنانية بعدم الرغبة بالمواجهة ولا التفاهم بل انتظار الخارج. أما القوات فاتهمت التيار والفريق المعطّل بمحاولة جرّ الجميع الى ملعب المشاركة بحوار غير دستوري. يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه نائب من تكتل الاعتدال المبادر رئاسياً، إن توقيت الرئاسة لم يستحق بعد.

اتم حجاج بيت الله الحرام الركن الاعظم بوقوفهم على صعيد عرفة، فيما يواصل الفلسطينيون بناء اركان الانسانية بالوقوف بوجه حرب الابادة الصهيونية الاميركية، وقبل ان يقدم الحجيج الاضاحي لاتمام حجهم ضحى الغزيون بابنائهم وكل ما يملكون على طريق التحرير.

ومع افاضة الحجيج من عرفة الى مزدلفة، فاض الدم الفلسطيني حمما وبراكين احرقت المحتل في رفح. حتى اعترف جيشهم بان نمرهم بات من ورق، وان المقاومة الفلسطينية تمكنت من تصويب صاروخ موجه الى عربة النمر التي كانت تقل ضباطا وجنودا من جيش الاحتلال فقتل ثمانية منهم في هذا الهجوم النوعي..


ومع تنوع الجبهات بقي الخطب الصهيوني واحدا، ففي الشمال أكمل المقاومون واجب اسناد غزة والرد على اغتيال القائد الحاج طالب عبد الله ورفاقه في جويا، فارسلوا صواريخهم مرفقة بالمسيرات الانقضاضية، التي استهدفت مقر قيادة كتيبة المدفعية التابعة للواء الغربي في خربة ماعر، وأماكن ‏تموضع ضباطها وجنودها، ما أدى الى تدمير جزء منها واندلاع النيران فيها، كما عاود المجاهدون قصف مقر وحدة المراقبة الجوية وإدارة العمليات في قاعدة ميرون بالصواريخ الموجهة وأصابوا جزءا من تجهيزاته وراداراته ودمروها..


والدمار يطوق الصهاينة من كل مكان بحسب الوزير السابق “دان ميريدور” الذي رأى أن كيانه أكثر ضعفا وتخبطا مع الاهداف التي رفعها بنيامين نتنياهو ولا امكانية لتحقيقها..

وما تحقق الى الآن هو أكبر اخفاق في تاريخ الكيان بحسب رئيس الحكومة الصهيونية السابق ايهود باراك، المكتوي بنار الهزيمة والهروب من جنوب لبنان، والعارف بفعل خبرته العسكرية بحجم المعضلة الميدانية.
فما يجري في الشمال هو أكثر الحروب اخفاقا في التاريخ كما قال، محذرا من خطر اتساع الحرب في الشمال، والوصول الى نقطة لا يمكن السيطرة عليها، وبالتالي فان تل ابيب امام الفصل الاكثر خطورة، بحسب باراك.

عنوانان لا ثالث لهما يشغلان اللبنانيين اليوم:
الاول، خطر توسيع الحرب الدائرة في الجنوب، على وقع التهديدات الاسرائيلية المتزايدة، التي دفعت بالادارة الاميركية الى اتخاذ قرار بإرسال آموس هوكستين على وجه السرعة الى الكيان العبري، لمحاولة لجم التهور، الناتج عن ثلاثة عوامل، تضاف الى العدوانية الاسرائيلية التاريخية تجاه  لبنان: العامل الاول، النجاح الواضح لحزب الله في فرض ايقاعه على الجبهة، حيث تعاني اسرائيل من هرب عشرات آلاف المستوطنين من شمال فلسطين المحتلة، الى جانب الاثر الكبير للعمليات النوعية التي نفذتها المقاومة في العمق الاسرائيلي.

العامل الثاني، حرف الانظار عن الصعوبات البالغة التي تعترض طريق بنيامين نتنياهو سياسيا وعسكريا في غزة. اما العامل الثالث، فتكرار الهرب الى الامام من المشكلات السياسية الداخلية التي تواجه رئيس حكومة العدو.

اما العنوان الثاني الذي يشغل اللبنانيين، فانعدام الوزن السياسي على الساحة المحلية، ما يجعل الفراغ الرئاسي بحكم المستمر الى امد غير منظور، اضافة الى سائر معالم الانهيار السياسي والمالي والاجتماعي، فيما يغرق  لبنان في بحر النازحين، الذي لا تنفع معه المعالجات الموضعية، وان كانت مشكورة.

وفي ظل كل هذا المشهد، وحتى في موازاة المعلومات المتداولة عن مبادرة فاتيكانية متجددة، وفي ظل اجتماعات بكركي، ودعوات جبران باسيل الدائمة للحوار والتفاهم على الاساسيات، لا يجد سمير جعجع منفذا الا بتكرار مهاجمة التيار الوطني الحر الذي نجح رئيسه في خطف الاضواء السياسية في الايام الماضية، كصلة وصل بين الافرقاء، طارحا معادلة: التشاور للتوافق على رئيس والا الانتخاب.

واليوم، رد التيار على الهجومات المتكررة لجعجع ببيان جاء فيه: أصبحت مواقف رئيس القوات غبّ الطلب وحسب ما يطلبه المستمعون:
فمرّة يصح التشريع في ظل الفراغ بالنسبة اليه كما في مرحلة 2014-2016 ليعود إلى نغمة لا يصح ببند واحد في العام 2023، ثم يعود ويوافق على التشريع بجدول من 120 بنداً في اواخر 2023، وكل ذلك في ظل الفراغ الرئاسي.
ساعة يصح الحوار عام 2014 ويشارك فيه، ليعود لا يصح سنة 2024 كي لا يصبح عرفاً.
والنتيجة هي تمديد الفراغ بالرهان على قلب الموازين من الخارج وهو ما لن يتم.
جعجع لا يريد التفاهم، ولا يريد المواجهة، وكل ما يريده هو انتظار الخارج على حساب الداخل  اللبناني وحاجاته، ختم بيان التيار.

في خيرِ يومٍ طلعت فيه الشمس يتوشح صعيد عرفات بالبياض عشية عيد الأضحى المبارك....
مشهد يشي بصفاء الروح وسموّها لضيوف الرحمان الذين توافدوا مع بزوغ الشمس إلى البقعة الطاهرة تغمرهم السكينة والخضوع في محبةٍ ووئام لا تفرِّق بينهم لهجات أو ملامحُ وجوه....
عشية العيد تستعد البلاد للإنغماس في عطلة فتستكين الحركة السياسية في الداخل اللبناني.
لكن استراحة الداخل لا تنسحب على جبهة الجنوب المشتعلة دوماً بنيران العدوان الإسرائيلي والتهديدات التي لا تتوقف.
آخر هذه التهديدات جاء على شكل تسريبات إسرائيلية عن مطالبة جيش الإحتلال بإنهاء عملية رفح والتوجه نحو الجبهة الشمالية وتقاريرَ إعلاميةٍ عبرية عن استعداد الجيش لهجوم واسع على لبنان بانتظار قرار القيادة السياسية. وقد انخرط بعض الإعلام الأميركي في هذه الحملة إذ ذكرت شبكة (CBS) نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن الضربات الإسرائيلية  الأخيرة داخل لبنان قد تكون تمهيداً لما وصفته بهجوم كاسح.

غير أنه في مقابل اللهجة التصعيدية ثمة لهجة مغايرة عَكَسَها الإعلام الأميركي والإسرائيلي على حد سواء بقوله إنه يجب التفكير مرتين قبل الخروج إلى حرب في لبنان. وربما لإنعاش هذا التفكير قرر الرئيس الأميركي إرسال موفده آموس هوكستين إلى تل أبيب بعد غد الإثنين لمنع التصعيد على جبهة لبنان. ويبدو أنه ستكون للموفد الأميركي محطة في بيروت.

وبحسب ما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين فإن الولايات المتحدة تشعر بالقلق  من اندفاع إسرائيل إلى حرب مع لبنان أو الإنجرار إليها من دون استراتيجية واضحة أو من دون النظر إلى الآثار الكاملة لصراع أوسع. ووفق المصادر نفسها فإن البيت الأبيض يعتقد بأن وقف إطلاق النار في غزة هو الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يخفف بشكل كبير من تصعيد التوترات مع لبنان.

وإذا كان البيت الأبيض قد أقرَّ متأخراً بهذه القاعدة فإن في لبنان مَنْ أعلنها مبكراً ولا سيما الرئيس نبيه  بري عندما قال مراراً: أوقفوا حرب غزة فتتوقفَ جميع الجبهات وهو الأمر الذي أعلنته قيادة المقاومة أيضاً.

على الجبهة الفلسطينية - الإسرائيلية سَطَّر المقاومون في قطاع غزة ملحمة بطولية جديدة رغم مرور تسعة أشهر على العدوان.
فقد تمكنوا من قتل ثمانية جنودٍ إسرائيليين في ما وصفه الإعلام العبري بحادث خطير وغير عادي في جنوب القطاع.
الحادث الخطير تمثل بإطلاق صاروخ مضاد للدروع على آلية (نمر) ما أدى إلى إنفجارها واحتراقها  مع الجنود الذين كانوا في داخلها.

مع تباعد المواقف بين اسرائيل وحركة حماس، تقلصت فرص نجاح صفقة وقف النار وتبادل الأسرى، وارتفعت حدة المواجهة من قطاع غزة، الى البحر الأحمر حيث أصبحت التجارة العالمية رهينة في يد الحوثيين بحسب الغرب، وصولا إلى الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.

هذا هو مختصر الوضع في الشرق الأوسط، قبل خمسة أشهر من الإنتخابات الرئاسية الأميركية، وهذا ما دفع بكبير مستشاري الرئيس الأميركي آموس هوكشتاين لاجراء محادثات في إسرائيل الاثنين المقبل، في محاولة لمنعها من تنفيذ ما يسميه مطلعون على الأحداث "عملية توغل محدودة في لبنان" بحسب ما نقلت صحيفة "أكسيوس" الأميركية، قد تشعل المنطقة كلها.

تل أبيب وقبيل محادثاتها مع هوكشتاين، ستدرس على مستوى الكابينت الحربي ومجلس الوزراء سيناريوهات المواجهة مع حزب الله، وأمامها تقارير تشير الى خطورة العملية، وعدم جهوزية الجيش لها.

أما هوكشتاين فسيضغط في اتجاه حل دبلوماسي يعمل عليه منذ أشهر، يؤمن منطقة شمال إسرائيل وعودة السكان إليها، ويمنع توسع الحرب واقحام الولايات المتحدة فيها.

نجاح دبلوماسية هوكشتاين في إسرائيل، قد توصله إلى لبنان، حيث موقف "حزب الله" على حاله: تتوقف المعارك في غزة، يتوقف اسنادنا من لبنان، لا نريد توسعة الحرب، ولكننا مستعدون لها.

حرب أحرقت إسرائيل في آخر ساعاتها مساحات واسعة في الجنوب من دون أن تتمكن من حرمان أهل الأرض ولبنان كله، وحتى غزة من فرحة عيد الأضحى.

المصدر :وكالات