الخميس 16 شباط 2017 07:05 ص

الرئيس الأميركي وضع آمال السلام و"حل الدولتين" في "مهب الريح"


* هيثم زعيتر

لَحَسَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعوده التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عقداه مساء أمس (الأربعاء) في البيت الأبيض بواشنطن، خاصة لجهة:
- التريّث بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
- عدم التمسّك بحل الدولتين.
- العمل على تحقيق السلام، وفق المنظور الأميركي - الإسرائيلي.
- الضرب بعرض الحائط كافة الطروحات والقرارات والمساعي التي قامت بها الإدارات الأميركية السابقة.
- رفض قرارات الشرعية الدولية، التي وصفت بأنّها أحادية، و"ضد "إسرائيل" التي تعرّضت للكثير من القرارات غير المنصفة".
وظهر التناغم كبيراً بين ترامب ونتنياهو لجهة:
- الاقتناع بمظلومية الكيان الإسرائيلي، وأنّ الفلسطينيين يمارسون إرهاباً ضد "إسرائيل".
- التركيز على الإسلام المتطرّف، واتخاذ ذلك ذريعة لضرب الإسلام المعتدل.
- التوافق التام بشأن السلاح النووي الإيراني، وأنّه يشكّل خطراً، حيث وصف الرئيس الأميركي الاتفاق بأنّه "من أسوأ الاتفاقات التي رأيت، وإدارتي فرضت أصلاً عقوبات جديدة على إيران، وسأقوم بالمزيد لمنع إيران بشكل بات من أنْ تطوّر سلاحاً نووياً".
وبدا الانحياز الواضح من الرئيس "الجمهوري" للكيان الإسرائيلي، الذي بدأ عهداً جديداً، ودحضاً لمقولة السلام، التي كانت قد انطلقت، ورفع العلم الفلسطيني فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد توقيع اتفاق "أوسلو".
لكن ترامب دعا نتنياهو إلى وقف المستوطنات - لفترة - وهو ما اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي "ليس عقبة أمام السلام".
الانسجام والود الذي طغى على اللقاء، جعل رئيس وزراء الاحتلال أكثر ارتياحاً في مسيرة علاقاته مع الإدارة الأميركية، وهو ما تُرجِم من خلال المجاملات الكلامية بين الإثنين، وتأكيد نتنياهو أنّ مواجهة الإرهاب ستكون أكثر وأقوى تحت قيادة ترامب.
ويبدو إصرار نتنياهو على:
- الاعتراف بيهودية الدولية.
- أن تحتفظ "إسرائيل" بالسيطرة الأمنية على المنطقة الكاملة الواقعة غربي نهر الأردن، في إطار أي اتفاق للسلام - أي الضفة الغربية المحتلة - على اعتبارها يهودا والسامرة.
والتركيز على "الجوهر لا المسميات"، ردّاً على سؤال عن دعمه لحل الدولتين.
كما يبدو واضحاً أنّ الرئيس الأميركي كان قد اطلع بعناية وتمعّن على الملف الذي أعدّه مستشاروه بشأن قضايا الفساد التي تلاحق نتنياهو، وما زال يتعاطى بعقلية رجل الأعمال، حين أشار إلى إمكانية عقد "صفقة معه" - قاصداً نتنياهو، وهي قد تشمل التعاون الأمني والمعلوماتية والتجارة.
هذا علماً بأنّ نتنياهو فضّل عقد اجتماع مع فريقه في مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وليس في مقر استضافته، خشية التجسّس على الاجتماع من قِبل المخابرات الأميركية.
والمفارقة في هذا الاجتماع أنّ مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي مايكل فلين هو الوحيد الذي لم يحتفل بهذا الإنجار الذي كان له دور رئيسي في تحقيقه.
لتبقى الآمال معقودة على دور صهر ترامب، اليهودي جاريد كوشنير، كمستشار ومكلف بالملف الإسرائيلي – الفلسطيني، وهو ما يؤكد الانحياز لصالح الكيان الإسرائيلي.

الموقف الفلسطيني

في المقابل، فإنّ الجانب الفلسطيني، الذي كان يتابع المؤتمر الصحفي ونتائج اللقاء الأوّل في واشنطن، أصبح على يقين بأنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة، وفيها الكثير من المخاطر، والتي تأكدت من مواقف نتنياهو لجهة يهودية الدولة والسيطرة الأمنية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون، الذين عليهم الإسراع بوضع "خارطة طريق" داخلية وعربية ودولية، بما يضمن:
- إنهاء الانقسام ووحدة الصف الداخلي.
- إجراء اتصالات عربية سريعة، والخروج بموقف يؤكّد التمسّك بمبادرة السلام العربية.
- تنسيق المواقف مع المجتمع الدولي، لالتزام الإدارة الأميركية بقرارات الشرعية الدولية، والاحتلال الإسرائيلي على تنفيذها، خاصة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967.
وعُلِم بأنّه سبق لقاء ترامب – نتنياهو اجتماع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الـCIA مايك بومبيو في مقر المقاطعة برام الله، بحضور رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، الذي كان قد زار الولايات المتحدة الأميركية، والتقى بمسؤولين أمنيين أميركيين.
وتم التطرّق خلال اللقاء في المقاطعة إلى القضايا التي تهم الجانبين الأميركي والفلسطيني، وقضية السلام في الشرق الأوسط.
وفي أوّل تعليق لها على الاجتماع الأميركي – الإسرائيلي، أكدت الرئاسة الفلسطينية تمسّكها بخيار الدولتين والقانون الدولي والشرعية الدولية وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة "إسرائيل" على حدود الرابع من حزيران عام 1967، واستعدادها للتعامل بإيجابية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لصناعة السلام.
وشدّدت الرئاسة على أنّ تكرار رئيس الوزراء الإسرائيلي للغة الإملاءات حول استمرار السيطرة الإسرائيلية على الحدود الغربية من أراضي دولة فلسطين المحتلة، وكذلك المطالبة بالاعتراف بـ"إسرائيل" كدولة يهودية، يُعتبر استمراراً لمحاولة فرض الوقائع على الأرض وتدمير خيار الدولتين واستبداله بمبدأ الدولة بنظامين (الابهارتايد).
وطالبت الرئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستجابة لطلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمجتمع الدولي بوقف النشاطات الاستيطانية كافة وبما يشمل القدس الشرقية المحتلة، مؤكدة في ذات الوقت استعدادها لاستئناف عملية سلام ذات مصداقية بعيداً عن الإملاءات وفرض الحقائق على الأرض، وحل قضايا الوضع النهائي كافة دون استثناءات، استناداً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
وأوضحت الرئاسة أنّ إصرار الحكومة الإسرائيلية على تدمير خيار الدولتين من خلال استمرار الاستيطان وفرض الوقائع على الأرض، سيؤدي إلى المزيد من التطرّف وعدم الاستقرار، مشدّدة على وجوب هزيمة التطرّف والإرهاب بكافة أشكاله، وذلك حتى تتمكن شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام واستقرار.
توافق شهر العسل الأميركي - الإسرائيلي إلى متى سيصمد، وما هي نتائجه، هو ما ستكشف عنه الأيام المقبلة؟!

 

المصدر :اللواء