الثلاثاء 2 تموز 2024 15:21 م

داود رمال لـ"تلفزيون فلسطين": نحذّر من المشاريع المشبوهة التي تُريد تحويل المُخيّمات إلى "قنابل موقوتة"


* جنوبيات

أكد الصحافي داود رمال أنّ "الرهان على المُجتمع الدولي رهان خاسر وخاطئ، وهذا الذي دفع الشهيد الرئيس ياسر عرفات إلى اتخاذ قراره بالعودة إلى فلسطين، وأثبت صوابية هذا التوجّه وهذه العودة، بأنّ القتال من داخل أرض الوطن، أفضل بكثير من القتال خارجه".

وخلال حوار على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، بعنوان "حرب الإبادة الإسرائيلية الجماعية المُتواصلة"، دعا رمال "الفلسطينيين في لبنان إلى التنبّه للمشاريع المشبوهة، التي تُريد تحويل المُخيّمات الفلسطينية إلى قنابل موقوتة، وبُؤر توطين"، مُشدّداً على أنّ "الشعب اللبناني يُحب الشعب الفلسطيني وكذلك الفلسطيني يُحب اللبناني، والتنوّع الفلسطيني يُشبه التنوّع اللبناني، فلا تجعلوا لهذه الأفكار موطئ قدم داخل المُخيّمات الفلسطينية في لبنان، لأنّ مصيرها سيكون كمصير غزّة لا سمح الله".
واعتبر أنّ "العناد في مُقاربة الواقع لا يُفيد، ولا سبيل أمام حركة "حماس" والفصائل التي تدور في فلكها، سوى أنْ تُقر بأنّ الخيارات التي اتخذتها في غزّة خاطئة، والمُفاوضات التي تجري معها عبر الوكلاء، لم تكن في صالح الدولة الفلسطينية، وعليها أنْ تُعلن صراحة تسليم غزّة بعد انتهاء الحرب إلى السلطة الفلسطينية و"مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، التي ستكون الضمانة للشعب الفلسطيني".
وحذّر من أنّ "البعض يعتبر أنّ التعويض عن الخسارة في غزّة، سيكون بالسيطرة على المُخيّمات الفلسطينية في لبنان، - وهذه معلومات وليست تحليلاً - وإذا ذهبت حركة "حماس" بذلك، هذا الأمر لن يكون بالدرجة الأولى خسارة لدولة فلسطين والمُنظّمة فحسب، بل خسارة لـ"حزب الله" أيضاً، فحركة "حماس" كانت تُدخِل السلاح للجماعات التكفيرية في المُخيّمات الفلسطينية، واستقرار المُخيّمات الفلسطينية يجب أنْ يتحول إلى همًّ أساسي لبناني أيضاً".
ورأى أنّ "المطلوب موقف عربي مُوحّد، حتى لو اضطرَّ رئيس دولة فلسطين محمود عباس طلب عقد اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية، للبحث في هذه النقطة بالتحديد. هذا الموقف العربي المُوحّد يجب أنْ يُعلن موقفاً حاسماً مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأنّ يقول العرب: الملف الفلسطيني ملف عربي، وعدم فتح أي دولة عربية اتصالات على حسابها، طالما أنّ القمة العربية في بيروت أقرّت موقفاً مُوحّداً، وهي مُبادرة الأمير عبدالله، يُمكن الانطلاق من هذه المُقاربة لحل الصراع العربي - الإسرائيلي، وهو ما أقرَّ به الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بحل الدولتين"، مُشيراً إلى "تحذيرات الرئيس عباس من الحرب الدينية، وقبلها الرئيس المصري الراحل حسني مُبارك، الذي كان ينصح بأنّ الاشتباك مع الاحتلال الإسرائيلي تحت عنوان ديني هو خدمة للاحتلال".
وشدّد رمال على أنّ "القضية الفلسطينية كي تصل إلى بر الأمان، يجب أنْ تعود سمات المُبادرة والنصر فيها للشعب الفلسطيني، والمُمثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهي "مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، وعندما تُنزع عن هذه القضية الأجندات الخارجية، تُصبح هذه القضية أكثر قرباً من تحقيق أهدافها بإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة، وعاصمتها القدس الشريف"، مُشيراً إلى أنّ "الشعب الفلسطيني وحده الذي يُحدّد الخيارات والمسارات والمصير، فالاحتلال هو عنوان القتل والتهجير، والسجون التي تُرتكب فيها أفظع المجازر غير المرئية، وكنّا نتمنّى أنْ يبقى قطاع غزّة تحت مظلّة الشرعية الفلسطينية وشرعية "مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، لكنّا وفّرنا الكثير من المآسي والويلات".
وأشار إلى أنّه "إذا لم يقتنع مَنْ يربطون مصير فلسطين بالأجندات الخارجية وتوجّهات عقائدية، ستُؤدي بطبيعة الحال إلى ديمومة الحرب، وسنكون أمام مشروع خسارة للقضية الفلسطينية"، مُوضحاً أنّ "ما نشهده اليوم هو نقيض للعودة التاريخية للرئيس ياسر عرفات إلى فلسطين، ونقيض للانتفاضات الفلسطينية، فما نعيشه اليوم هو صراعي إيديولوجيات، بين:
- "إيديولوجية تلمودية"، تقول: "من النيل إلى الفرات دولتك يا "إسرائيل"، وإنّهم شعب الله المُختار".
- مُقابل "إيديولوجية إخوانية" تقول: "أينما وضعنا أقدامنا، فهي أرض الخلافة".
- و"إيديولوجية مهدوية"، تقول: "لا بُدَّ من التحضير لخروج الإمام المهدي".
والآن تتحالف "الإيديولوجية الإخوانية" مع "الإيديولوجية المهدوية" في مُواجهة "الإيديولوجية التلمودية"، وهو أمر خطير".
وتساءل: "لو فرضنا أنّ التحالف بين "الإخوان المُسلمين" وإيران، وتحديداً "حزب الله"، أدّى إلى هزيمة "المشروع التلمودي"، من قال بأنّ هذا التحالف في المرحلة اللاحقة لن يتحوّل إلى صراع بين الإيديولوجيتين، وهذه المنطقة لا يحكمها سوى الاعتدال والاحتكام للسلام، الذي يحفظ الحقوق المصيرية، وإلا سنكون أمام حروب تاريخية، وهي هدية مجانية تُقدّم للاحتلال عندما نرفع شعاراً دينياً".
ورأى رمال أنّ "الوحدة الوطنية الفلسطينية هي السلاح الأمضى في مُواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومُنذ الانقلاب على الشرعية الفلسطينية في غزّة نشهد هذا الاحتدام، واستخدمتها الحكومات الإسرائيلية كذريعة أمام المُجتمع الدولي".
وذكّر بأنّ "الاتفاق الإيراني - الأميركي لا يزال قائماً على عدم توسعة رقعة الحرب في لبنان، و"حزب الله" لا يزال يمتثل للمطالب الإيرانية بعدم تدحرج الأمور إلى حرب واسعة، كي لا تتحوّل إلى حرب إقليمية، لأنّ إيران ستعتبرها حرباً ضدها، لكن حالياً سيكثّف الاحتلال عملياته عند خط الليطاني".
ورأى رمال أنّ "الرهان على "المحكمة الدولية" يجب أن لا يكون رهاناً حاسماً، حيث يُمكن الرهان على إدراج أسماء قادة الاحتلال على لوائح المُلاحقة، وذلك على المدى الطويل وليس القصير، لكن للمرّة الأولى هناك مَنْ تجرّأ على تصنيف الاحتلال بأنّه يرتكب جرائم حرب، واستثمار الإنجاز الدولي في تبدّل الرأي العام العالمي، يجب أنْ يكون بالوحدة الوطنية وليس بالانقسام الفلسطيني، والتمسّك بالشرعية الوطنية الفلسطينية".
ووصف "دولة جنوب إفريقيا بعنوان لرفض الفصل العنصري، وإعطاء الحقوق الإنسانية، والوقوف في وجه الظالم، وانضمام بعض الدول الأوروبية والعربية وفلسطين لهذه القضية، هو تأكيد حسم إقامة الدولة الفلسطينية، وعندما تُقبَل عضوية فلسطين كدولة بقرار من مجلس الأمن الدولي نكون وضعنا المدماك الأوّل في المسار الطبيعي لإقامة الدولة الفلسطينية".
ودعا إلى "ضرورة الاحتضان العربي للقضية المرفوعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يُقيم وزناً لأي قرارات دولية، وليكن الانضمام على مُستوى جامعة الدول العربية، وعندما تنتهي الحرب على قطاع غزّة، يجب أنْ تنتهي الحرب على الضفّة الغربية والقدس، ونصل إلى مرحلة سقوط رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يُراهن على وصول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للحكم"، مُؤكداً أنّ "العالم لن يستقر في حال عدم إيجاد حل للقضية الفلسطينية، إذ لا بُدَّ من تعديل قوانين مجلس الأمن ووقف حق النقض "الفيتو"، والدعم الدولي لجرائم الاحتلال، وعندما تتم مُحاصرة السلطة الفلسطينية ومنع الأموال عنها، يُعزّز ذلك الذهاب إلى خيارات التطرّف، ومساعي المُتطرّفين الإسرائيليين بالسيطرة على القدس والضفّة الغربية، والحل هو بتشجيع الولايات المُتّحدة والغرب للمُجتمع الإسرائيلي على الذهاب إلى خيارات السلام وإقامة الدولة الفلسطينية، لكن المُجتمع الإسرائيلي بغالبيته مُجتمع حرب، والحل الجذري لا يأتي من الداخل الإسرائيلي لكن من الداعمين له".
واعتبر أن "نتنياهو ينتظر وصول ترامب، الذي هو عرّاب "صفقة القرن"، التي تُلغي الدولة الفلسطينية، ويُراهن على إطالة أمد الحرب، وعلى ضوء الانتخابات الأميركية يتحدّد مصير المنطقة، وإذا وصل ترامب سنكون أمام مصيبة كبرى، لأنّه لن يتورّع عن إعطاء الضوء الأخضر لنتنياهو بتوسيع الحرب على غزّة ولبنان"، مُشيراً إلى أن "ترامب وبايدن قدّما نموذجاً سيئاً في الخطاب السياسي، وقد يتم إسقاط ترشيح بايدن من قِبل "الحزب الديمُقراطي"، وفي ضوء هذا الخيار البديل يتحدّد مصير الانتخابات الأميركية"، داعياً "المحور الإيراني في المنطقة إلى أنْ يُعيد خياراته في ظل نتائج الانتخابات الأميركية، فإنْ كانت لصالح ترامب سنكون أمام خيارات الحرب، وإنْ كانت لصالح مُرشّح "الحزب الديمُقراطي" سنكون أمام حل الدولتين، من هنا التهافت على الصوت العربي، الذي إذا تحوّل إلى "لوبي عربي" يُؤثّر على الانتخابات".
ودعا رمال "الفصائل الفلسطينية التي لا تنضوي تحت مظلة "مُنظّمة التحرير الفلسطينية"، وعلى رأسها "حماس"، إلى أنْ تقتنع بأنّ الأجندات الخارجية لا تُؤدّي إلى الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية، لذلك يجب الإسراع بالمُبادرة والبحث والتفاوض مع المُنظّمة والسلطة الفلسطينية للانضواء ضمن المشروع الوطني المُوحِّد لمُواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لأنّ الإصرار على الانقسام هو خدمة للاحتلال الإسرائيلي، والذهاب بمشروع الوحدة يقوي الموقف الفلسطيني، لأنّه لم يعد أمام الشعب الفلسطيني من خيار بعد ما شهدناه في مذبحة غزّة، إلا القتال على أرض فلسطين حتى آخر فلسطيني، لأنّ ما شهدته غزّة من محرقة هو تغيير ديمُوغرافي".

المصدر :جنوبيات