الأربعاء 3 تموز 2024 18:40 م

أنعقل أم نحب بجنون؟


* جنوبيات

يوجد مما حولنا العديد من الأشخاص منهم ما هم مقربين ومنهم ما هم بعيدين، قلوبنا تختار مكانتهم وتضعهم في خانة مخصصة لئلا يهونون علينا مصاعب الحياة، الأحداث تتوالى والتجارب تتراكم والسنوات تمرّ والأيام تمضي، كل منا له خصوصياته التي لا يتشاركها مع الغير بل تبقى خاصة ما لم يتم الإطلاع عليها، هذه الخصوصية  تعطي الإنسان الشخصية المنفردة القادرة على تخطي كل ما يمرّ به بمفرده من دون مساندة هؤلاء الأشخاص المقربين.
من جهة أخرى، لدى للإنسان مشاعر جياشة تهيم به حباً وقرباً لما حوله ولديه عقلاً يعطيه رصانة وفكراً، فهو إنسان والإنسان يمتلك العقل والقلب معاً، اي يمتلك عقلاً يسيطر ويتحكم بهذه المشاعر الجياشة، ويمتلك قلباً مليئاً بالحب والعاطفة، ولكلاهما الدور والإهمية  لحياة الإنسان، فثمة العديد من المواقف تتطلب عقلانية ولا تتطلب عاطفة قوية، فالحب بالعقل يختلف عن الحب بالقلب، فمثلاً ان الدواء الشافي المرّ المذاق نحبه بعقلنا وليس بقلبنا لأن العقل يدرك على رغم مذاقه المر إلا انه المساعد على الشفاء من المرض، والسؤال متى ينبغي ان نحب بقلبنا ومتى ينبغي ان نحب بعقلنا؟ وهل القلب والعقل يتفقان؟ هل العقلانية تقربنا من انسانيتنا؟ أم ان العاطفة تأخذنا للوقوع بأخطاء لا ندركها سوى عندما يبدأ العقل بالتفكير بها؟ ما هو الإطمئنان ومتى يطمئن القلب؟
في الواقع اسئلة كثيرة تؤدي بنا الى الحيرة من امرنا، خاصة ان العقل والقلب يتفقان احياناً إلا انهما يختلفان في كثير من احيان أخرى، فهما عندما يختلفان ما الذي ينبغي للإنسان القيام به، اي هل ينصت للقلب قائد الأوركسترا، ام ينصت للعقل المتحكم بالمشاعر الجياشة، هنا يبدأ الإنسان رحلته التي لا يعلم ما هو الصائب ولا يعلم ماذا يفعل ربما يلجأ الى الشورى حينما يقع حائراً ما بين عقله وما بين قلبه، اي انه يريد اتخاذ القرار الأسلم لكن لا يعلم العواقب ولا يعلم المستقبل الذي يدفعه للإختيار السليم، وكذلك لا يستطيع ان يمضي حياته وهو معتمد على عقله فيحرم نفسه المشاعر النبيلة ولا يستطيع ان يمضي حياته وهو يحرم نفسه من استعمال عقله الذي يعتبر القوة الآخذة الى برّ الأمان.
في الحقيقة على الإنسان ان يغذي قلبه بالحب وان يغذي عقله بالعلم وهذا ما يسمو بنا ويرفعنا ويأخذنا الى عالم مليء بالحب والأمان، فمن دون الحب لا يستطيع الإنسان ان يحيا حياة سليمة، ومن دون التفكير لا يصل الى القرارات الصائبة في حياته، اي كلاهما ضروريان والتوازن بينهما يؤدي الى التوازن النفسي والنجاح في الحياة.

المصدر :جنوبيات