الجمعة 12 تموز 2024 11:08 ص |
بيروت تحتل المرتبة السادسة في الغلاء.. الثروة والفتات في مدينة واحدة! |
* جنوبيات
لا عجب أن تكون بيروت قد حلّت في مرتبة متدنية بالنسبة إلى كلفة المعيشة ونوعية الحياة فيها. خلال الأعوام الاخيرة، بات تصنيف لبنان في أدنى المستويات، نظرا إلى الأزمات المتلاحقة والسريعة، اقتصاديا وسياسيا. ولعلّ الثبات الوحيد الذي تحقق خلال هذه الفترة، كان حفاظ بيروت على موقعها المتدني. في آخر إحصاءات لموقع "نامبيو للإحصاءات"، صدر مؤشّر نوعيّة الحياة لمنتصف العام 2024، صَنَّفَ فيه 178 مدينة حول العالم استناداً إلى نتائج المؤشّر، وأتت بيروت سادس أغلى مدينة عربيّة في مؤشّر كلفة المعيشة، محتلّةً بذلك المرتبة الـ171 في العالم!
فما هي مفاعيل هذا المؤشر الذي لا يزال يحافظ على مستوياته المتدنية؟ والأهم، ما هي المعايير التي يتم الاستناد إليها في التصنيف؟ ويرى خوري ان هذا المؤشر قد يكون مفاجئا انما يمكن تفسيره. هو مفاجىء لبلد ينتج سنويا اقل من 20 مليار دولار، ثم يأتي، في التصنيف بعد المدن العربية الغنية، التي يمكن ان يكون مؤشر الغلاء فيها يعبرّ عن قوة الطلب.
معايير… وكميات خطيرة
والسؤال، ما هي المعايير المعتمدة؟
استنادا إلى هذه المؤشرات، برزت بيروت سادس أغلى مدينة عربية لدى مقارنة مستوى الأسعار فيها بمثيلاتها، لا سيما مدينة نيويورك. وبلغ مؤشّر أسعار السلع 34 نقطة، أيّ أنّ أسعار السلع في العاصمة اللبنانية أقلّ كلفة بنسبة 66 في المئة منها في نيويورك، وسجلّ مؤشّر القدرة الشرائيّة 20.5 نقطة فقط، أي أقلّ بنسبة 79.5 في المئة من تلك المسجلة في مدينة نيويورك.
ما هي المفاعيل الاقتصادية – الاجتماعية لهذه الأرقام؟
انما، هل التصنيف "السيء" و"الثابت" نسبيا لم يتبدّل خلال الاعوام الاخيرة؟ في الوقت نفسه، ونتيجة "للدولرة" التي سيطرت في الاسواق اللبنانية اخيرا، تبين ايضا ان مؤشّر القدرة الشرائيّة المحليّة تحسّن من 11.7 نقطة في منتصف العام 2022 إلى 12.3 نقطة في منتصف العام 2023، ومن ثمّ إلى 20.5 في منتصف عام 2024، مما يعكس بعض "التقدم الطفيف" في كلفة المعيشة والقدرة الشرائية، لكنه ليس بالتقدم الذي يعوّل عليه في مسار التعافي الاقتصادي – المالي السليم. يعلق خوري: وجود لبنان في هذا التصنيف سببه الأساسي أن في اقتصادنا كمية مال أكبر من كمية الإنتاج. صحيح أن جزءا من مصروفه يأتي من تحويلات المغتربين، ولكنْ ثمة جزء آخر لا نعرف من أين يأتي. في لبنان كمية هائلة من الأموال، إنما قلة قليلة منها موجودة في إيدي اللبنانيين، أي أن الفتات يتوزع على بقية الشعب، مقابل كميات أموال كبيرة وخطيرة. ويتدارك: المغتربون لا يغطون فقط هذه الفجوة، ولبنان عاد بلدا استهلاكيا من الطراز الأول، بدليل أن حجم الاستيراد فيه يراوح بين 17 و19 مليار دولار، فيما الإنتاج يصل إلى ما تحت الـ 20 مليارا، والسؤال: من يغطي هذه الفجوة؟ من الواضح أن لدينا مالا لا يأتي من أي إنتاج، بل من الاستهلاك. كل ذلك، ماذا يؤثر على الاقتصاد؟ إن قدرة الإنفاق أكبر من القدرة على الإنتاج، وهذا ما يفسر التضخم وغلاء الأسعار. فضلا عن التضخم العالمي نتيجة الأزمات في بعض الدول، والتي تنعكس علينا كدولة مستوردة، ولاسيما إذا أضفنا إليها عناصر داخلية بفعل أزماتنا المحلية، كل ذلك يؤدي إلى هذا التصنيف، أي أننا في أعلى مؤشرات أسعار المنطقة مقابل مدخول منخفض جدا لغالبية السكان.
في الأساس، إذا أردنا الخروج من هذه الدوامة، لا بد من “"تصليح البلد وإصلاحه"، وذلك يبدأ، وفق خوري، “من ورشة في القطاع العام، وورشة لإصلاح النظام المصرفي، فضلا عن ورش تشريعية من أجل اقتصاد شفاف. فلنبدأ من هنا، ولتكرّ سبحة الحلول الاقتصادية والسياسية. عندها، يتم تشجيع الرساميل تلقائيا ويعلو الإنتاج. المصدر : جنوبيات |