لا يخفى على احد ان الساحة الطرابلسية تحتضن اقطابا سياسيين ومرجعيات فرضت نفسها بعد أن كسرت احادية التمثيل السياسي لعدة سنوات حين قيل ان المزاج الطرابلسي هو مزاج «ازرق» بالرغم من ان هذا المزاج ما كان ليكون لولا قيادات سياسية ومرجعيات لها وزنها الشعبي الطرابلسي بدءا من الرئيس نجيب ميقاتي الذي حرص دائما على مشاعر الطرابلسيين وخياراتهم ووقوفه الى جانب قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري ودعمه للمحكمة الدولية مرورا بالوزير محمد الصفدي ودوره في الساحة وصولا الى الوزير محمد كبارة وحالته الشعبية دون اغفال دور اللواء اشرف ريفي المتصل دائما بكوادر ووجوه الاحياء الشعبية.
هؤلاء الاقطاب والقيادات والقوى السياسية الطرابلسيين بدأوا تحريك ماكيناتهم الانتخابية كل من موقعه دون ان يتضح شكل التحالفات الانتخابية المحاطة بالضبابية حتى الآن بانتظار صيغة القانون الانتخابي اذ لا يمكن للماكينات الانتخابية ان تنطلق بعملها الجديد قبل تبلور الصيغة الانتخابية.
في ظل ما تشهده طرابلس من حراك سياسي ـ انتخابي يبدو ان المشهد السياسي حتى الآن منقسم بين ثلاث قوى هي تيار المستقبل، وتيار ميقاتي، وتيار ريفي.
والسؤال الذي يطرح في المجالس السياسية الطرابلسية : من سيتحالف مع من؟ وممن ستتكون اللوائح الانتخابية؟ وهل تشهد طرابلس تغييرا في وجوه نوابها؟
اوساط مطلعة اشارت الى ان تيار المستقبل يتجه الى تشكيل لائحته المستقلة بخيارات تستعيد قاعدته الشعبية بعيدا عن اي تحالف انتخابي على غرار ما حصل في الانتخابات البلدية، وقد لاحظت اوساط التقارب بين الحريري والصفدي الذي لم يوفر فرصة او مناسبة تتعلق بتيار المستقبل الا وكان الحاضر الاول فيها، وفي الوقت عينه لاحظت الاوساط ان الصفدي لم يحرك لغاية الآن ماكينته الانتخابية كما لم يلحظ له اي حراك انتخابي لافت بالرغم من اشارة اوساطه الى مفاجأة سوف يطلقها الصفدي قريبا على الساحة الطرابلسية.
اما الرئيس ميقاتي فقد اعلن مؤخرا عن نيته تشكيل لائحته المستقلة والتي تتكون من اعضاء يؤمنون بنهجه وثوابته وتشبهه في الخط السياسي وانه حان الوقت كي تكون له لائحته.
القوة الثالثة هي تيار ريفي الذي يؤكد في كل مناسبة تحالفه مع المجتمع المدني وخياراته وجوه شبابية تغييرية.
يقول مصدر طرابلسي ان اي حديث عن تحالفات هو سابق لاوانه لكن ملامح المعركة الانتخابية يمكن استقراؤها من مجريات الحراك السياسي الذي تشهده طرابلس حاليا.. فمعركة الحريري في طرابلس هي معركة مفصلية حسب مقربين من التيار الازرق لانها معركة استعادة الشارع الطرابلسي الى حضن التيار الذي يركز معركته على مواجهة تيار ريفي الذي نجح في تأسيس حالة شعبية وازنة تكاد ان تفوق حالة التيار الازرق اذ يتوجه ريفي بخطابه الى القواعد الشعبية التي استأنست بشعاراته السياسية ودغدغت عواطفهم.
ايضا لا يزال الحريري يكابر في الاتجاه نحو ميقاتي ـ في رأي المصدر الطرابلسي - بالرغم من تنامي «تيار العزم» الذي بات رقما صعبا في المعادلة الطرابلسية لعدة اسباب منها تواصله الشعبي الذي لم ينقطع منذ انخراط ميقاتي في الحياة السياسية والى اليوم، ولخطابه الوسطي والمعتدل الذي يشبه خطاب معظم الطرابلسيين.
ويشير المصدر الى تفاهم انتخابي قائم بين ميقاتي والوزير فيصل كرامي نتيجة التناغم السياسي القائم بينهما في كثير من المواقف وتلاقي القواعد الشعبية لكليهما الامر انتج انسجاما في العلاقة السياسية وشكل نواة لائحة لها حيزها الطرابلسي.
اضافة الى ذلك فان تساؤلات تطرح في الاوساط الطرابلسية عن احتمال قيام تحالف انتخابي بين ميقاتي وريفي من منطلق ان لا مستحيلات في السياسة وفي المعارك الانتخابية، لكن هناك من يرى صعوبة قيام مثل هذا التحالف كي لا نقول استحالته لعدة اسباب منها:
غياب اي شبه في النهج والثوابت بين ميقاتي وريفي فلا تشابه بين الرجلين منطلقات وثوابت ومنهجية.
ثانيا خطابان متنافران فلا يمكن لميقاتي الذي اسس خطاب الوسطية والاعتدال ان يتحمل خطاب ريفي المتشدد في مواقفه السياسية من قضايا خلافية لبنانية وعربية، ولا سيما ان خطاب ميقاتي هو خطاب الاجماع العربي المشترك ومحليا هو خطاب المعارضة المعتدلة.
ثالثا حرص ميقاتي على تحالفه مع الوزير فيصل كرامي بينما يتمسك ريفي بتحالفه مع وليد معن كرامي المنافس لفيصل كرامي.