أكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية الأسير المُحرر نبيه عواضة على أن "الغاية الأساسية لزجّ الأسرى وتعذيبهم داخل سُجون الاحتلال الإسرائيلي، هو تفريغهم من مُحتواهم الوطني والنضالي، وتحويلهم إلى أرقامٍ في مُجتمعاتهم، ليُصبحوا عالة عليها، وتدفيع الثمن للأسير وأهله على ما فعله في مُواجهة الاحتلال، وهذه العملية مُستمرة، تتضمن كل أشكال التعذيب والضغط النفسي والجسدي، لكن الأسرى تمكنوا من نسف هذه النظرية".
وقال في حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة تلفزيون فلسطين، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، ضمن التغطية المُتواصلة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حول "مُمارسة الاحتلال جرائم مُتعددة بحق الأسرى الفلسطينيين، وحرب الإبادة الجماعية المُتواصلة تدخل شَهرها العاشر": "تجربة الحركة الوطنية الأسيرة غنية جداً، راكمت المسار النضالي والتنظيمي، حيث جرى توحيد الحالة النضالية داخل السُّجون، وتمكّن الأسرى من تحقيق العديد من الإنجازات، ونسف نظرية الاحتلال بقهرِهِم وتفريغِهم من مُحتواهم الوطني، حيث أصبح فرز الأسرى داخل السجون وفق انتمائهم السياسي".
وأشار إلى أن "الأسرى استطاعوا تنظيم الحالة السياسية الوطنية، وتشكيل لجنة وطنية في "سجن عسقلان"، تضم مُمثلين عن الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية، وأجبروا الاحتلال على التعاطي مع هذه القيادات كمُمثلين عن الأسرى، وقد خرج العديد من الأسرى من السُّجون قادة وكُتّاب، حيث يتم التركيز على التثقيفِ داخل السٌّجون، لأن جوهر المعركة هي إثبات الذات في مُواجهة حرمان الاحتلال من التعليم للأسرى، الذين تابعوا دراستهم وأصبحوا في الصُّفوف القيادية للمُقاومة".
ورأى عواضة أن "الاستراتيجية الأساسية للاحتلال في حملة الإبادة والمجازر التي يرتكبُها في غزة والضفة الغربية، تهدف لضرب جيل الشباب، وهذا الأمر ينسحب على الأسرى، والسياسيات القمعية بحقهم، وهو ارتكب العديد من المجازر، وليس آخرها ما يحصل اليوم في غزة، لأن هدف الاحتلال كيّ الوعي الفلسطيني، وأن يكون هناك ردع لأي فكرة نضالية قادمة، لكن كل من يحمل روح الانتماء للقضية الفلسطينية يُواصل هذه الحالة الفلسطينية، والبصمة التي أثّرت في مسار الصراع مع الاحتلال"، مُوضحاً أن "الاحتلال يستهدفُ الرضيع والطفل والفتاة والشيخ الكبير، وقد وصل عدد الأسرى إلى أكثر من 21 ألفاً، وهو رقم كبير يُؤشر إلى أن سياسة الاعتقال، هي سياسة استراتيجية مُستمرة من قبل الاحتلال".
وشدد على أن "وضع الاحتلال للأسرى داخل أقفاص، هي سياسة خطيرة على صُعُد عدة، فضلاً عن التحريض على قتل الأسرى، والمُطالبة بإعدامهم، وسحب الإقامة منهم، واعتقال جثامين الشهداء في مقابر الأرقام والبرادات، الذين استشهدوا جراء التعذيب، وهي جزء من عقلية الاحتلال"، مُؤكداً على أن "هذا الموضوع يُمكن مُتابعته قانونياً ودولياً، لكن الاحتلال لا يستجيب لهذه القرارات".
واعتبر أن "رفض كل مُبادرات الهُدنة ووقف إطلاق النار، يترافق مع المجازر التي يرتكبُها رئيس حُكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والهدف مُحاربة الفلسطيني وشطبه من المُعادلة، وتهجير الفلسطينيين، وشطب حق العودة من خلال مُحاربة وكالة "الأونروا"، لأن اليوم الثاني لانتهاء الحرب، لديه علاقة بمصير الدولة الفلسطينية، واللاجئ الفلسطيني، الذي بحاجة للحماية الدُّولية، فضلاً عن مُحاكمة نتنياهو على جرائمه، لأن الموضوع أصبح عالمياً في ظل الإدانة الدولية للكيان الإسرائيلي، الذي يسعى لإسقاط أمل الفلسطيني، ليس في الحياة، بل أيضاً في اللُّجوء".
ورأى عواضة أن "بُنود الاتفاق الأخير تتضمن حلاً شاملاً، لكن الاحتلال رفضه، والمُقاومة تُصر على أن البحث الأساسي هو الإفراج عن الأسرى، وكان يُمكن للولايات المُتحدة الأميركية أن تُوقف الدعم للاحتلال لوقف الحرب"، مُوضحاً أن "الحل هو بإعطاء الفلسطيني حقه بدولة كاملة، حيث عادت القضية الفلسطينية إلى حيويتها الطبيعية، بأنها قضية شعب لديه حُقوقه التاريخية، وكلما طالت الحرب زاد التأييد الشعبي للفلسطيني".
وأكد على أن "الإدانة الدولية لجرائم الحرب والإبادة الإسرائيلية ضد الإنسانية، تُمكن من مُلاحقة قادة الاحتلال وكل جُندي شارك في هذه الحرب، وذلك بمُوجب القرارات الدُّولية"، مُشيراً إلى أن "أهمية القرار الذي صدر عن الأُمم المُتحدة بتوصيف المناطق الفلسطينية، هي مناطق احتلال، وبالتالي ينطبق عليها القانون الدولي، الأمر الذي يُحتم على الاحتلال أن يُلاحق جراء انتهاكه للقوانين الدُّولية"، مُوضحاً أنه هناك "طُوفان من التناقضات بدأ في الكيان الإسرائيلي على المُستويات كافة، وأخذ الأمور إلى اتجاه صدامي، خُصوصاً في ظل استمرار الحرب والخلافات حولها".
وختم عواضة بالقول: "إن إلقاء نتنياهو خطاباً أمام الكونغرس الأميركي، يدل على الدعم الكبير للاحتلال في هذه الحرب، وبغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لكن الصوت الفلسطيني وحُضور القضية الفلسطينية في الانتخابات، هذا هو الصوت الأساسي والمُستقبلي الذي ستُبنى عليه الكثير من التحديات السياسية في المنطقة".
https://youtu.be/CssPAQIwsE0?t=100