الثلاثاء 6 آب 2024 12:29 م |
على وقع طبول الحرب حالة "سكيزوفرينيا" يعيشها المغتربون بين السفر والبقاء في لبنان |
* جنوبيات بعدما كان يعمّ التفاؤل بصيف واعد، جاء شبح الحرب ليثني المغتربين عن العودة فألغى كثيرون حجوزاتهم، كما برزت الهجرة الداخلية لا سيما من الضاحية الجنوبية التي تعج بالنازحين الجنوبيين، إذ أن ضربة حارة حريك أعادت إحياء ذاكرة حرب تموز حيث قام العديد من السكان بمغادرة منازلهم للإحتماء في مناطق بعيدة نسبياً عن الضاحية المهددة بالتدمير على شاكلة غزة
"مشوار رايحين مشوار" شعار وزارة السياحة للعام 2024 ينطبق على المغتربين والسياح القادمين إلى لبنان والهاربين منه بعد أن بدأت طبول الحرب تقرع، وبدأت عقارب الساعة تدنو من اشتعالها وسط المخاوف والترقب للرد العسكري من قبل إيران وأذرعها في المنطقة لا سيما "حزب الله" في لبنان بعيد اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
بين الحيرة والقلق والخوف على مصير أهاليهم يتخبط هؤلاء المغتربون الذين باتوا يقضون عطلتهم الصيفية دقيقة بدقيقة بإنتظار ما قد يحصل، إلا أنّ بعضهم آثر الرحيل والعودة إلى البلد الذي قدم منه كي لا يخسر عمله أو يفوت رحلته بسبب إلغاء وتأجيل بعض الشركات لرحلاتها في حال حصلت الحرب ومع إمكانية إقفال مطار رفيق الحريري الدولي المهدد من قبل إسرائيل بقصفه كأول مرفق حيوي بعد أن انتشرت منذ بعض الوقت إشاعات بأنه يحوي مخازن أسلحوة تعود لحزب الله وأنّ الطائرات الإيرانية تغط فيه محملة بالأسلحة والذخائر التي يتم تفريغها من دون علم الدولة اللبنانية أو بغطاء من الحزب الذي يسيطر على المنطقة المحيطة بالمطار. وقالت لموقعنا أنّ تحذيرات السفارة الأسترالية من عدم تحمل مسؤولية إعادة من يريدون البقاء في لبنان أخافتها وفضلت قطع إجازتها والعودة نظراً للتجربة المريرة التي عاشتها مع أولادها خلال حرب تموز في العام 2006. وأضافت لينا أنها ليست مسرورة بمغادرتها وكانت تريد قضاء عطلتها وسط أهلها وأصدقائها لكنها تفضل عودة آمنة على أن تكون "مبهدلة".
أما "شارل صعب" الذي يدرس في فرنسا وتنتظره جامعته فقد اضطر والده بسبب صعوبة إيجاد أماكن على الطائرات إلى شراء تذكرة سفر جديدة بمبلغ 1600 دولار إلى اليونان ومن ثم إلى باريس، ويعتبر هذا المبلغ غير عادي نظراً لعدم قبول شركة الطيران التي حجز فيها بتقديم موعد الرحلة التي ألغيت أساساً، وأشار إلى أنه كان يريد البقاء لتمضية إجازته مع أصدقائه الذين حضروا مشاريع سهرات وبحر وجبل إلا أنّ الوضع غير مطمئن وقد يخسر فصله الدراسي في حال حصلت الحرب. لين سلام وزوجها تحضرا لزيارة لبنان قادمين من الرياض في السعودية وقد استقلا الطائرة التي كانت ستقلع في نفس الوقت الذي تعرضت له الضاحية الجنوبية للقصف فما كان من والدتها إلا الاتصال بها لنقل الخبر وطلبت منها الخروج من الطائرة وعدم القدوم إلى لبنان مع أنها كانت بانتظارهما على أحر من الجمر وهكذا حصل. إلا أنّ الزوجين قد حجزا تذكرة جديدة في اليوم الثاني بعد أن خسرا ثمن تذاكرهما السابقة وسافرا إلى لبنان من أجل حضور زفاف صديقة لهما وكانا قد حجزا في لبنان مكان الإقامة وفضلا عدم الخسارة أيضاً.
وقد شارك الزوجان في حفل الزفاف وعبرا عن فرحهما الكبير لإتخاذ القرار بالمجيء وهما سيبقيان لقضاء الإجازة وحضور الفعاليات والحفلات التي حجزوا لها مسبقاً. وفي معلومات أنّ حزب الله ومن باب الحرص واليقظة وليس من باب التهويل أو التخويف كما قال قد وجه تعليمات للأهالي بأنّ الأمور قد تتدحرج ويتوسع نطاق الرد والرد المتبادل ليطال مناطق عديدة ولذلك يجب التقيد بعدد من الإرشادات لا سيما المحافظة على الهدوء بحال تعرض الضاحية للقصف، وعدم التجمهر مكان القصف، وإبقاء النوافذ مفتوحة لتجنب الضغط نتيجة الإنفجارات والإبتعاد عن الأشياء المعرضة للسقوط وتأمين مستلزمات الحياة من الأدوية والأغذية وتجنب التنقل على الطرقات وغيرها من الأمور نظراً لخطورة الوضع . وكأنّ هذه التوجيهات قد تحمي الناس من قصف الطائرات الإسرائيلية التي تحول المباني إلى ركام في لحظات.
وفي الوقت نفسه أكدت مصادر مقربة من "حزب الله" أنّ بعض المسؤولين في الحزب قد أبلغوا المحيطين بهم وعائلاتهم وأصدقاءهم المقربين بضرورة إخلاء منازلهم تحوطاً من الرد الإسرائيلي في حال قام الحزب بالرد على إغتيال شكر والمدنيين الذين إستشهدوا. وبالفعل فإنّ بعض العائلات قد غادرت إلى منازل مستأجرة في الجبل والشوف وجبيل لا سيما في عاليه وبحمدون وريفون والقماطية والبقاع وغيرها من المناطق الآمنة نسبياً. هذا في ظل شكوى العديد من المواطنين لا سيما مناصرو الحزب والنازحون من الجنوب والذين خسروا منازلهم هناك أيضاً من عدم القدرة على مغادرة منازلهم في الضاحية بسبب غلاء الإيجارات وإستغلال بعض الناس للوضع القائم كما أنهم يهمسون سراً بأنهم تعبوا من مسألة التهجير والنزوح والخسارات المتكررة نتيجة خيارات حزب الله. المصدر :هنا لبنان - شهير إدريس |