وسط الأزمة الاقتصادية الحادة التي يُعاني منها لبنان منذ سنوات، تظهر مشكلة مخزون الطحين كأحد أبرز التحديات التي تهدد الأمن الغذائي في البلد، خاصة بعد انتهاء القرض المقدم من البنك الدولي وعدم تجديده، على الرغم من ذلك، لم تسع الحكومة الى إيجاد حلول ميسرة تخدم المواطن، بل وجدت نفسها مضطرة لرفع الدعم كلياً عن هذه المادة الأساسية، هذا الإجراء يعني ارتفاع سعر الخبز، الذي يُعد سلعة ضرورية لا غنى عنها، خصوصاً للعائلات ذات الدخل المحدود.
يأتي هذا التطور في لحظة بالغة الحساسية، حيث تتزامن الأزمة مع تصاعد التوترات بين "حزب الله" و"إسرائيل" في المناطق الحدودية الجنوبية، مما يزيد من احتمالات اندلاع نزاع عسكري واسع. تلقي مثل هذه الظروف الطارئة بظلالها على سلاسل التوريد، مما يهدد بتفاقم الأزمة الغذائية وزيادة الضغط على المخزون المحلي من الدقيق.
في المقابل، تتعاظم المخاوف بين المواطنين بشأن قدرة الجهات المعنية على تأمين احتياجاتهم الأساسية من الخبز إذا انزلقت الأوضاع أكثر، ورغم التصريحات المتكررة حول وجود احتياطي يكفي لفترة معينة، تظل الشكوك قائمة حول مدى كفاية هذا المخزون لتهدئة الناس في ظل التدهور المالي وزيادة التوترات السياسية، يبرز هنا التساؤل حول فعالية الحلول الحالية والحاجة الى التفكير في استراتيجيات بديلة لضمان استدامة الأمن الغذائي للسكان الأصليين والنازحين السوريين على حد سواء. كما من البديهي استفهام الرأي العام عمّا إذا كانت هذه التطمينات كافية في ظل الظروف الراهنة، فهل فكرت الحكومة في كيفية تمكين المواطن العاطل من العمل من ضمان قوت أبنائه؟ وهل وجدت حلولاً عملية للتخفيف من وطأة هذه الأزمة على الفئات الأكثر تضرراً؟
تستمر هذه الاستفسارات المشروعة دون إجابات شافية، في ظل غياب الخطط الواضحة والمستدامة، مما يزيد من قلق المواطنين حول المستقبل القريب والاستقرار الغذائي المحلي، وفي خضم هذه الأجواء المشدودة أمنياً واقتصادياً، يبدو أن الموقف الرسمي يتجاهل الأسئلة الجوهرية حول قدرة الأسرة على تأمين متطلباتها في ظل ارتفاع الأسعار.
الى جانب ذلك، الأزمة لا تقتصر على الطحين فحسب، بل تمتد لتشمل قطاعات حيوية أخرى مثل الوقود والمواد الغذائية، التي تعد جميعها عصب الحياة اليومية للأفراد، لذلك فان رفع الدعم عن السلع الأساسية دون تقديم بدائل فعالة يضاعف من معاناة المجتمع الوطني ويبرز عجزاً واضحاً في التخطيط الحكومي.
والسؤال المحوري في هذا المجال، هل تملك الوزارات رؤية واضحة للتعامل مع هذه الأزمات المتشابكة، أم أنها تكتفي بإجراءات مؤقتة ووعود غير واقعية؟ ففي ظل هذه الظروف، تتنامى الهواجس من أن تتحول هذه التحديات المعيشية المتفاقمة إلى وقود لمزيد من التهديدات الاجتماعية والاقتصادية، مما يدفع بالبلد نحو أزمة إنسانية أشد خطورة.