الأحد 25 آب 2024 08:24 ص |
الغلاء يواصل سحق اللبنانيين.. كيف يتعامل المواطن مع انفجار أسعار الغذاء؟ |
* جنوبيات
رغم انخفاض نسبة التضخم في الأشهر الأخيرة، إلى ما دون 100 في المئة للمرة الأولى منذ أربعة أعوام، وتسجيلها ما يقارب من 70.4 في المئة بحسب مركز الإحصاء المركزي، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار الغذاء في لبنان، والتي شهدت ارتفاعات تفوق قدرة اللبنانيين على تحملها. والحديث هنا، ليس فقط عن اللبنانيين من أصحاب الميزانيات الضعيفة أصلاً، إنما أيضاً عن الذين يتقاضون رواتبهم، أو جزءاً منها، بالدولار. تنسجم تلك الأرقام مع أرقام مديرية الإحصاء المركزي التي تفيد بارتفاع أسعار الاستهلاك قرابة 42 في المئة خلال عام، بين حزيران 2023 وحزيران 2024. وهي الفترة الزمنية التي شهدت استقراراً غير مسبوق بسعر صرف الدولار مقابل الليرة. من هنا تنعدم المبرّرات لارتفاع أسعار السلع الغذائية، فكيف يمكن إذا لعائلة لا تزال تتقاضى معدل رواتب ثابت منذ عام تقريباً، أن تتعامل مع هذه الزيادة بالأسعار؟ وبمعنى أكثر دقة، كم تحتاج أسرة مكونة من أربعة أشخاص للإنفاق على بند الطعام فقط على مدار الشهر؟
السلة الغذائية تقارن أبو صالح، حجم الإنفاق بين العام 2021 وهذا العام وتقول: “خلال الأزمة الاقتصادية، لم تكن السلة التموينية الشهرية من السوبرماركت تتخطى حاجز الـ100 دولار، أو حتى 120 دولاراً، فيما اليوم لم يعد هذا المبلغ يكفي لشراء الحاجات الأسبوعية، الأمر الذي دفعها إلى تبديل الكثير من العادات الغذائية. فعلى سبيل المثال، خفضت من الإنفاق على بند اللحوم بعدما وصل سعر الكيلوغرام إلى نحو 20 دولاراً، وبدلاً من شراء كيلوغرام أسبوعياً تكتفي بنصف كيلو، كما بات طبق السلطة لا يحتوي على أكثر من نوعين من الخضار، بسبب ارتفاع الأسعار.
معدل الأجور الغاية من عرض هذه النماذج بحسب شمس الدين، لا تتعلق فقط بإظهار ارتفاع مستوى الأسعار وحسب، بل أيضاً تسليط الضوء على نسب التضخم في لبنان. يشير شمس الدين، إلى أن هناك عوامل تساعد في امتصاص ارتفاع الأسعار بالنسبة لفئة كبيرة من اللبنانيين، إذ يرى أن التحويلات المالية من المغتربين ساعدت في تجنب لبنان الوقوع بكارثة إنسانية واقتصادية لا مثيل لها.
التكلفة الحقيقية بحسب جولة ميدانية، بالإستناد إلى بعض الأرقام على مؤشر Numbeo للأسعار، تصل تكلفة وجبة الفطور سواء أكانت (حليب، بيض، خبز، وبعض الخضار) أو منقوشة، ما بين 200 و250 ألف ليرة، أي نحو 24 مليون ليرة شهرياً. أما بالنسبة إلى وجبة الغذاء، فقد يصل سعر طبق السلطة بمكونات بسيطة (خس، بندورة، خيار، بصل) إلى نحو 135 ألف ليرة، أما الوجبة الرئيسية خضار ودجاج وأرز فلا يقل سعرها عن مليون ليرة مع إضافة تكلفة استخدام الغاز، والزيت، ما يعني بالمجمل تحتاج الأسرة يومياً نحو مليون و135 ألف، أي شهرياً 34 مليون ليرة، والعشاء لا يختلف عن الفطور، أي ما يقارب من 24 مليون ليرة، وبالتالي، حتى تتمكن العائلة من تناول ثلاثة وجبات رئيسية بمكونات مختلفة وتضم عناصر غذائية مختلفة، تحتاج إلى ما لايقل عن 80 مليون ليرة، وحتى في أسوأ السيناريوهات، ومع تخفيض الإنفاق في وجبة الغذاء، والإكتفاء أحياناً بحواضر المنزل، أو نوع واحد من الحبوب أو البقوليات، فإن الأمر لا يختلف، ويبقى معدل إنفاق الأسرة مرتفعاً.
تغيير العادات بالنسبة لغلاييني، فإنها تلمس “ارتفاع أسعار الخضار والفاكهة يومياً، ولا أعلم الأسباب الحقيقية لذلك، بعض الباعة يشيرون إلى ضعف الإنتاج الزراعي، بسبب الحرب، وأن ذلك رفع أسعار البضائع”. تخشى غلاييني من الأسوأ بحسب تعبيرها، “فمنذ أربعة أعوام، كانت الـ10000 ليرة تكفي لشراء بعض الخضروات، وربطة خبز، ثم تقلصت قيمها إلى أن أصبحت اليوم لا تكفي لشراء رغيف خبز واحد”. يتبين بعد دراسة هذه المؤشرات، بإن تكلفة العيش في لبنان، تتطلب إما أن يكون المواطن من أصحاب الملايين ليحظى بمستوى معيشي متوسط نوعاً ما، أو من أصحاب المليارات حتى يتمكن من العيش ببحبوحة مادية؛ عدا ذلك، يستحيل على الفقراء في لبنان تأمين لقمة عيش لائقة. المصدر :المدن - بلقيس عبد الرضا |