نفى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، وجود فتور في العلاقات المصرية الفلسطينية، مؤكداً أن تقارب القاهرة مع حركة حماس لا يشكل خصماً من رصيد علاقاتها مع حركة فتح أو السلطة الوطنية، وأكد ان السلطة الفلسطينية أبلغت الإدارة الأمريكية بوضوح أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ستترتب عليه تداعيات، وأشار إلى أن السلطة حددت 19 خطوة للرد على الخطوة الأمريكية إذا تمت.
وقال عريقات في تصريحات ل«الخليج» خلال زيارته للقاهرة، التي أجرى فيها مباحثات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن التقارب مع حماس جاء على خلفية تنفيذها لقرار الجامعة العربية في عام 2006 بتكليفها إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية بعد انقلاب حماس على السلطة في يونيو/حزيران من ذلك العام. وأشار في هذا السياق إلى الزيارة التي قام بها مؤخراً مسؤول ملف المصالحة بالسلطة الوطنية عزام الأحمد، الذي يبذل كل جهد ممكن مع الأشقاء في مصر، وكذلك في اتصالاته المستمرة مع حركة حماس، معرباً عن أمله في تجاوب حماس مع الجهود الرامية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، والانخراط في برنامج منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء الانتخابات، وقال: «من الطبيعي أنه عندما نختلف أن نعود إلى صناديق الاقتراع وليس إلى صناديق السلاح».
وأضاف عريقات: إنه على الرغم من كل جراح مصر الناتجة عن وقائع الانقسام في غزة، وتداعيات ذلك على أمنها الوطني، فإنها تبذل كل جهد ممكن لتحقيق المصالحة الوطنية، وتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، ولتمكينهم من العيش الكريم، معيداً التأكيد على «أن ما يجري في هذا الشأن من تقارب مصر مع حركة حماس، لا يشكل خصماً من رصيد علاقاتها القوي مع السلطة الوطنية، وذلك من خلا معرفتي الوثيقة بطبيعة المحددات المصرية الوطنية والقومية»، لافتاً إلى أن هناك محاولة جادة من رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو ومن قبله في زمن ارييل شارون لإلقاء مسؤولية قطاع غزة على مصر، غير أن القيادة المصرية ترفض ذلك بشكل كامل، لأن العنوان الدائم هو الشرعية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والرئيس محمود عباس «أبومازن».
وتوقع عريقات أن يزور الرئيس الفلسطيني القاهرة في أي وقت، وإن لم يكشف عن موعد محدد في هذا الخصوص، مؤكداً أن التنسيق المصري الفلسطيني مستمر على أعلى مستوى وعلى مدار الساعة في كل ما يتعلق بالاتصالات مع الجانب «الإسرائيلي»، وكذلك مع الجامعة العربية التي نودع فيها كل الوثائق بحكم أن القضية الفلسطينية قضية كل العرب وليست قضية فلسطينية فحسب.
وحول الإدارة الأمريكية الجديدة قال عريقات: «إنه لم يمض على إدارة ترامب سوى 36 يوماً منذ أن تم تنصيبه ولا يمكن إصدار أحكام مسبقة قاطعة على مواقفها، ونحن نقوم حالياً بدراسة كل المعطيات المتصلة بالتغييرات التي يمكن أن تطرأ على هذه الإدارة، بالذات تجاه الصراع العربي «الإسرائيلي» والقضية الفلسطينية، وذلك حتى يمكن لنا، إن لم ننجح في تحقيق مكاسب، نفلح في توظيف آليات تقليل حجم الأضرار وأدوات إدارة الأزمة، وهذا جهد يتطلب حشد كل جهود الأطراف العربية، والذي كان البيان الذي صدر عن قمة الرئيس المصري السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، مقدمة لها خلال قمتهما يوم الأربعاء الماضي بالقاهرة».
وحول توقعاته بما إذا كانت إدارة ترامب ستقوم بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، أوضح عريقات أن الجانب الفلسطيني نقل موقفه فيما يتعلق بهذه النقطة بالذات إلى الإدارة الأمريكية، كما قام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بنقل الموقف العربي، خلال زيارته لواشنطن، وعقده قمة مع ترامب بالبيت الأبيض بعد تنصيبه بفترة وجيزة، وكذلك الأمر نفسه فعله كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز في اتصالهما هاتفياً مع الرئيس الأمريكي، كما تحدث معه في السياق ذاته مسؤولون عرب آخرون.
وتابع: إن الجميع حذروا الإدارة الأمريكية من نقل السفارة وحتى الآن لم يتم اتخاذ قرار بهذا الاتجاه، ونأمل ألا يتخذ، معرباً عن قناعته بأن إدارة ترامب باتت على دراية واسعة بتداعيات مثل هذا القرار والخطوات التي يمكن أن نرد بها عليه.
وحول ما إذا كان الجانب الفلسطيني حصل على تطمينات أمريكية، خلال اللقاء الذي جمع أبوما زن مع رئيس المخابرات الأمريكية «سي آي إيه»، مؤخراً في رام الله، ومن قبل في لقاء رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطيني مع مسؤولين أمريكيين بواشنطن قبل ذلك، أشار عريقات إلى أن الجانب الأمريكي طلب من الفلسطينيين التريث والانتظار، ومنح إدارة ترامب الفرصة، موضحاً أن الرئيس أبومازن أكد لرئيس ال«سي آي إيه» أن الفلسطينيين ملتزمون بعملية السلام، وأنهم جزء لا يتجزأ منها، وأبلغه بخطورة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وأنه سيقود إلى أن تدمير وانهيار عملية السلام والقضاء على كل الفرص المتاحة، وأضاف: لقد حددنا لهم بوضوح 19 خطوة سنقوم بها رداً على هذه الخطوة، من بينها سحب الاعتراف الفلسطيني بدولة «إسرائيل».