الأربعاء 4 أيلول 2024 17:10 م

"الحاج أبو محمود" الحريري وعبق "زهر الليمون"


* جنوبيات

يرحل الحاج سعد الدين محمود الحريري "أبو محمود" عن 93 عاماً، حفلت مراحلها بالسيرة الحسنة، والسُّمعة الطيبة، التي اكتسبها على مر سنوات عمره.
المولود بمدينة صيدا، في العام 1931، تنشق عبق "زهر الليمون" والأكدنيا، فأحب الأرض التي عمل فيها، مُنشأً البساتين نحو الجنوب اللبناني، الذي ارتبط مع أهله بعلاقات أخوية وعائلية، لم تُغيرها الأيام ولا السنين.
آمن بأن زراعة الشجر ثمرٌ يُعطي في حينه، وللأجيال المُتعاقبة، انطلاقاً من مقولة: "زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون"، فتعدى زرعه النّصوب والأشجار إلى الغرس في الجذور، مع إخوة وأهل، تشارك وإياهم الأفراح والأتراح، ومُتابعة ولادة ونمو ثمار تزهو وتفوح بعطرها من دون مُقابل، وتُعطي ثماراً خيّرة وافرة.
الفتى الصيداوي وعي باكراً قضية أبناء فلسطين، فناضل لأجلها في مَجالات مُتعددة، كالزّرع يداً بيد، والغرس في المسيرة النضالية، وهو الذي التحقق باكراً بصفوف "حزب البعث العربي الاشتراكي"، مُدافعاً عن القضايا الوطنية المطلبية في لبنان، بوجه الإقطاع وهيمنة السلطة.
ومن أجل القضايا القومية مُؤمناً بالوحدة العربية بين أقطارها، التي كرست اتفاقية "سايكس - بيكو" المُوقعة في العام 1916، التقسيم فيما بينها.
والنضال من أجل قضية العرب المركزية، فلسطين، التي نسج الحاج "أبو محمود" علاقات وثيقة مع أبنائها وفي مُخيماتها وتجمُّعاتها.
مع انطلاق الرئيس رفيق الحريري في مسيرته، كان الحاج "أبو محمود" في طليعة من آمن برسالة رجل العلم والإنماء، وبالعمل مع النائب بهية الحريري، وتأسيس "رابطة آل الحريري" وأنسبائهم، التي كان له دورٌ بارزٌ فيها، فأضحى "عميد عائلة آل الحريري".
لم تُغيّر لا الأيام ولا السّنين، ولا المَراكز والمَواقع التي تبَوّأها، شيئاً في شخصية الحاج "أبو محمود"، بل كانت تَزيده تَواضعاً، وتكريس إمكاناته وعلاقاته، بما يُمكن أن يُقدم من خدمات للمُحتاجين والمَلهوفين، وحتى لو لم يطلب صاحبها الخدمة، وعرف بها، فيُبادر إلى المُساعدة ومد يد العون.
في الجلسات المُتعددة مع "العم أبو محمود"، يُبادر دائماً إلى السؤال عن الحال والأحوال، واستعادة الذكرياتِ مع أصدقاء، منهم من رحل، والبعض ما زال يُتابع مسيرته في الحياة.
يُمكن تمييز الحاج "أبو محمود" من بين جمعٍ غفير، بشعره ناصع البياض، الذي يعكس طيبة قلبه النّقي، حيث يُبادر إلى التحية والسلام، ويكون في طليعة المُشاركين بالأفراح والأتراح.
يرحل "العم أبو محمود"، ليعود إلى الأرض التي أحب، جسداً، وتبقى رُوحه فوّاحة كما "زهر الليمون"، الذي غرس أشجاره، لتُعطي ثمارها من جيلٍ إلى آخر.
رحم الله الراحل الحاج "أبو محمود" الحريري، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أُسرته وعائلته ومُحبيه الصبر والسلوان.

"الحاج أبو محمود" الحريري وعبق "زهر الليمون"
https://saidanet.com/News-84942/

المصدر :جنوبيات