3 أعوام مرَّت على رحيل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان (4 أيلول/سبتمبر 2021)، تغيّرت فيها الكثير من الأُمور، وحفلت بأحداثٍ مُتعددة، على مُختلف الصُعُد في: لبنان، فلسطين، والمنطقة والعالم.
رحل الإمام جسداً، لكن بقيت القِيَم والمبادئ التي آمن بها، والمفاهيم التي عمل عليها، راسخةً، واضحةً، ببصمة العلّامة العلم.
بعد 3 سنوات على الرحيل، كم نحن بحاجة إلى الإمام قبلان، بما كان يُمثله من عاملٍ لأجل الوحدة الإسلامية الداخلية، والإسلامية - المسيحية، والوحدة العربية مع العُمق الإسلامي والمسيحي.
في لبنان، ما زال الشغور في سدة رئاسة الجُمهورية مُستمراً مُنذ 22 شهراً، وقد شارف على إتمام عامه الثاني.
وما زال المُواطنون يُعانون من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ولم يتمكنوا من تحصيل أموالهم المُحتجزة في المصارف.
وهناك من ما زال يُراهن على الفوضى والفلتان، بدعم خارجي، بعد إفراغ الحراك الشعبي من مضمونه.
وفي الجنوب، ما زالت المُواجهة مُتواصلة ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يُنفذ جرائمه، اغتيالاً وقصفاً، ولا يقتصر ذلك على المُقاومين، بل يستهدف المُواطنين الأبرياء، وتدمير البلدات الجنوبية المُحاذية لفلسطين المُحتلة، لتحقيق مُخططه، القديم - المُتجدد، بإيجاد أرضٍ محروقةٍ، خالية من السكان، وهو ما أفشله أبناء الجنوب مراراً وتكراراً، وكان لسماحتكم دورٌ ريادي في ذلك.
وفي فلسطين، أهلك يُواجهون لوحدهم - إلّا من رحم ربي من الصادقين - أكبر مذبحة عرفتها البشرية، ببصمة الاحتلال، الذي يدخل مُجدداً «موسوعة غينيس» للأرقام القياسية، في حرب الإبادة الجماعية، عن جرائم حرب وضد الإنسانية، والتمييز العنصري والتطهير العرقي.
عدوانٌ يتواصل بإراقة الدماء الزكية، في قطاع غزة والضفة الغربية والأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948.
لكن، شعب الجبارين مُرابطٌ، صامدٌ، مُدافعٌ عن العرب والمُسلمين والأحرار في العالم، مُفشلاً مُخططات المُحتلين، ومُصمّماً على تحرير أرضه ومُقدساته، التي كُنت تُناضل، وتُمني النفس بالصلاة في المسجد الأقصى المُبارك مُحرّراً، بعدما تباركتَ باللعب والعمل في الطفولة والشباب فوق أرضها.
إنها الأرض المُباركة، أرض السلام، الذي لن يتحقق، لا أمنٌ ولا استقرارٌ ولا سلامٌ في العالم، من دون أن ينال أبناء فلسطين، الأمن والسلام.
نفتقد صاحب السماحة «الإمام الفدائي المُقاوم» من أجل لبنان وفلسطين، الذي لم يبخل في ذلك حتى الرمق الأخير.
ويفتقد سماحته، الفقراء والمُحتاجين، الذين كانوا يجدون بـ«أبي الفقراء»، الملاذ الآمن لتلبية احتياجاتهم مُنذ ساعات الصباح الأولى، فلا يردّ طالب حاجة، ولا قاصد خدمة.
كما يفتقد أهل العلم، علّامةً من بيت تقوى وإيمان من جدّه الشيخ موسى قبلان وأبيه الشيخ محمد قبلان، وبلدة ميس الجبل، التي شكّلت نموذجاً للتعايش الإسلامي - المسيحي.
الجميع يفتقد أبٍ، راعٍ، في جلساتٍ مع والدٍ، مُربٍ، مُعلمٍ، علّامة، مُوجهٍ، عطوفٍ، كريم النفس، مُحبٍ إن تحدث فهو سيد المنبر، والموقف الجريء الواضح، يأسرك بحديثه وأسلوبه ورؤيته، وطيبة قلبه، كما بياض عمامته ولحيته، حيث لم تعرف الضغينة مكاناً لدى صاحب السماحة، بل كان التسامح والمُسامحة والصفح، تُلازم سماحته، وهو المشهود له بقيام الليل وخشوع الصلاة وتلاوة القرآن، فقرن القول بـ«حيٍّ على خير العمل».
في ذكرى «مولانا الإمام»، ما زالت صدقات سماحته جارية بمناراتٍ من مساجدً وحُسينيات ومشاريع خيرية، وعلم يُنتفع به، وأولادٍ صالحين، في مُقدمهم: الدكتور علي والمُفتي الجعفري المُمتاز الشيخ أحمد قبلان والأُسرة والعائلة.
رحم الله الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، وأسكنه فسيح جنانه، وألهم أهله وذويه ومُحبيه الصبر والسلوان.