يُحكى أنّه في قرية "المفتونين" تأخّر الخطيب يوم الجمعة عن المجيء لإلقاء الخطبة، والنّاس تنتظر، وتتلفّت يمنة ويسرة.
وفجأة وقف رجل مجنون واعتلى المنبر ليخطب بالنّاس، فأراد بعض المصلّين إنزاله بالقوّة. بيد أنّ أحد المسؤولين منعهم من إنزاله، وأمر أن يتركوه يلقي خطبة الجمعة.
ابتسم المجنون ابتسامة باردة وقال: الحمد لله الذي خلقكم من اثنين، وقسمكم قسمين، فجعل منكم أغنياء لتشكروا، وجعل منكم فقراء لتصبروا. فلا غنيّكم شكر، ولا فقيركم صبر. ولا كبيركم ينهى عن الفحشاء والمنكر، ولا صغيركم يتّعظ ويتذكّر. قلوبكم مملوءة بالحقد والكراهية، وعقولكم مشغولة بالطّاغية. "ألا لعنة الله على الظّالمين". "وأقم الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون".
إنّها خطبة المجنون أمام الشّعب المفتون، فهل من يستمع، وإذا استمع اقتنع، واذا اقتنع قام بالمطلوب، ونصر المغلوب، وأبعد الشّوك عن الدروب.
فالحياة أقلّ وهجًا ممّا نتوقّع، وأكثر ثقلًا ممّا نتذرّع.
الحياة لا تحتويها المواقع، والموقع عاجز عن فعل ما يبتغيه الواقع.
لذا نختم ببعض الكلمات، التي تفيد كنه الذات فنقول:
"لا تـــراقـــب الـــنّــاس، ولا تــتــبع عــثراتــهــم، ولا تكــشــف ســترهــم، ولا تتــجسّـس عـليـهـم. اشـتـغـل بنــفسـك وأصــلـح عيــوبـهــا لأنّــك ســوف تُســأل عـنــها وليــس عــن غــيــرك".