الأحد 15 أيلول 2024 13:02 م

اللواء إبراهيم: اللبنانيون لا يريدون انتخاب رئيس للجمهورية وما الحجج التي يقدمونها لرفض الحوار إلا تحيّنا لتغيير موازين القوى


* جنوبيات

أكد اللواء عباس إبراهيم بأنّ "المشكلة في لبنان تكمن بين المتحاورين، وليس في الحوار كمبدأ، لأننا غالباً ما نبيّت النوايا عندما نخوض في الحوار ولا نؤسس للحلول، ندّعي الحوار مع تبييت نوايا، فالمشكلة تكمن في المتحاورين".
ورأى أنّ "حوار الأديان يحل محل الحوار السياسي عندما يصل الأخير إلى طريق مسدود"، مشيراً إلى أنّ "السياسة في لبنان غالباً ما تفشل في الحوار بسبب وجود نوايا سيئة".
وتحدث اللواء إبراهيم، خلال لقاء حواري نظّمته "مجموعة حل النزاعات" في مركز "لقاء" في الربوة، بحضور: نقيب المُحررين جوزف القصيفي، ونخب أكاديمية، وعلمية، ودينية، وإعلامية.
في بداية اللقاء، رحبت الدكتورة ضحى المصري بالحضور، تلتها مقدمة ألقاها العميد بهاء حلال.
أدار الحوار الدكتور قاسم قصير.
وألقى مدير مركز "لقاء"، كمال بكاسيني، الكلمة الختامية.
كشف اللواء إبراهيم، خلال اللقاء، للمرة الأولى، عن تفاصيل غير معروفة للرأي العام اللبناني بشأن المفاوضات الشاقة التي قادها، التي أسفرت عن تحرير مخطوفي أعزاز في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2013.
لدى سؤاله عن العقبة التي تعرقل الحوار الداخلي بين اللبنانيين، أوضح اللواء إبراهيم "أنا مقتنع بأنّ هناك غياباً للإرادة الحقيقية لإجراء انتخاب لرئيس الجمهورية، وأن الحجّة المطروحة لرفض الحوار تؤدي إلى هذه النتيجة، نحن شعب يتحيّن الفرص لتغيير موازين القوى".
وأضاف رداً على سؤال حول العلاقة اللبنانية السورية: "ما زلت أؤمن بالجغرافيا السياسية، وأؤمن بأنّ استقرار لبنان من دون سوريا غير ممكن، خلال الفترة التي توليت فيها تسهيل بعض الملفات بين البلدين، كان لهذا المردود الإيجابي على لبنان وعلى الأمن العالمي، وتدرك الدول المعنيّة مدى هذا التأثير في حمايتها من تداعيات الإرهاب على أرضها وشعبها، إنّ من قاطعوا سوريا يبحثون اليوم عن طرق للعودة إليها، أنا شخصياً أقول: لن يتعافى لبنان إذا كانت سوريا مريضة، وهذا كلام استراتيجي".
فيما يتعلق بلغز اختطاف مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم في سوريا منذ 11 عاماً، كشف اللواء إبراهيم أنّه "قمت بزيارتين سريتين إلى موسكو من أجل هذه القضية، لكنني لم أحظ بالنتيجة المرجوّة".
وأضاف: "حين كنت أفاوض في إحدى القضايا في سوريا، أرسل لي المطران إبراهيم بأنّه يمكن أن يساعدني في هذا الموضوع، لأنه كما قال "يمون" على المسلحين في المنطقة، حيث يتواجد المختطفون، وبعد أسبوع، اختطفه المسلحون".
وأردف: "هؤلاء جماعة لا يمكن الوثوق بهم، وأنا ممن يعتقدون - وهذه ليست معلومة بل رأي - أنّ المطرانين قُتلا بعد اختطافهما بأيامٍ قليلة، لأنّ التجربة تُشير إلى أنّ من يخطف لهدف معين يكشف عما يريده، لكن في هذه القضية لم يُصرّح أحد بما يريد".
ولفت إلى أنه "برأيي إن هذا الملف قد طوي لأنه لم يعد هناك أي أثر للمطرانين أو مطالب بشأنهما".
لدى سؤاله عن الصراع في فلسطين، قال اللواء إبراهيم: "إنّ الصراع في فلسطين هو صراع بين الآلهة، هناك طائفة يهودية نشأت على وعي ديني بأن هذه الأرض ملكها، وأن فلسطين موطنها ولا تعترف ببقية الطوائف، في المقابل، هناك طائفة إسلامية تعتقد بأنّ هذه الأرض هي للفلسطينيين وتقبل الآخرين بغض النظر عن دياناته، لكل طرفٍ مُعتقد ديني وربّ يدير هذا الفكر العقائدي، وعندما يصبح الصراع صراعاً للآلهة، يصبح من الصعب على البشر حلّه".
وأعرب اللواء إبراهيم عن مخاوفه من أنّ "استمرار العجز في الوصول إلى حلول سياسية مع "إسرائيل"، واستحالة القبول بحلّ الدّولتين، قد يقود إلى حرب وجودية قد تقع خلال السنوات الخمس أو العشر القادمة، ومن سيبقى، سيبقى، لأن البعد العقائدي والديني يجعل من هذه الحرب أمراً لا يمكن التراجع عنه".
ولفت اللواء إبراهيم إلى أن "قضية فلسطين كانت سياسية محض إلى أن تحولت إلى صراع بين الأديان"، مشيراً إلى أن "المسيحيين تحديدا هم مع المسلمين عاطفياً وعقائدياً، بالرغم من النظريات السياسية التي تشوّه الواقع إلا أنها الحقيقة".
وأضاف: "عملياً وعقائدياً فإن المسيحيين هم في صف المسلمين فيما يخص القضية الفلسطينية"، لافتاً إلى أنه "في كتاب آلان بابيه - وهو باحث إسرائيلي مطرود من إسرائيل - يتحدث عن التطهير العرقي في فلسطين، وهو كان في أساس الكيان الإسرائيلي، ويدعو للعودة إلى فلسطين كما كانت قبل العام 1948، حيث كانت جميع الأديان تتعايش".
وقال:" أنا ممن يدعون إلى حل الدولة الواحدة، لأن غير ذلك هو هرطقة وعلى المسيحيين والمسلمين واليهود أن يعيشوا مع بعضهم البعض في وطن واحد كما نعيش في لبنان في وطن واحد".

أهمية الحوار في حلّ الأزمات

وفي كلمته التي ألقاها خلال اللقاء بعنوان "أهمية الحوار في حل الأزمات - نماذج من تجربتي"، أكد اللواء إبراهيم على أن لبنان "مجتمع يتسم بطبيعة تعددية"، وأن ذلك يتطلب احترام القيم الديمقراطية التي تقوم على حق الاختلاف". 
 وأشار إلى أن "التعددية ليست دعوة للانغلاق، بل هي حافز للتنافس الخلاق، من أجل تحقيق إنسانية أفضل".
وأضاف: أن "الاعتراف بالآخر والابتعاد عن التسلط والإكراه، والسعي لتعزيز ما هو مشترك وتعاوني، إلى جانب تحكيم المنطق العلمي والالتزام بالحق دون استفزاز الآخر، كلها عوامل تساهم في نقل الحوار من الإطار النظري إلى التطبيق العملي".
وأكد أن "الحوار الذي لا ينطلق من الواقع، أو يعجز عن مواجهته، هو حوار مجازي يهدر الوقت والجهد ويخيب الآمال. نحتاج إلى حوار موضوعي، بعيد عن المثالية والطوباوية".
وأضاف: أن "لبنان هو ثمرة الحوار في كيانه ودستوره، فنحن ارتضينا الاحتكام في كل قضايانا إلى ما يُسمى بالديمقراطية التوافقية، والتي على أساسها تُتخذ القرارات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة". مشيراً إلى أن "ثقافة الحوار ونهج الاعتدال هما من أبرز ملامح الدولة الحديثة، وهما حق أساسي من حقوق الإنسان، يساهمان في تعزيز المصلحة الوطنية وبناء السلام".
وأضاف: "يبقى الحوار الوطني الآلية الوحيدة التي تحمي سيادة لبنان وشعبه ومؤسساته. بالتكاتف والتضامن تُبنى الأوطان، ويجب أن يكون شعارنا الدائم، أن الاختلاف في الرأي لا يُفسد للوطن قضية".
وتابع: "للأسف، في لبنان، الحوار كثيراً ما يقوم على مبدأ إلغاء الآخر وتهميشه. يركز الحوار على أطراف النزاع أكثر من الهدف المتمثل في فض النزاع. هذه الممارسة تعكس أسلوباً استبدادياً، ولا تعبر عن ثقافة لبنان المتنوعة ولا عن الديمقراطية التي صانها الدستور اللبناني".
ورأى اللواء إبراهيم أن "لبنان يواجه واحدة من أشد أزماته، التي تفاقمت حتى أصبحنا نرى ونسمع على طاولات البعض مشاريع تضرب أسس الكيان اللبناني، بما في ذلك أسس وحدته وانصهار شعبه كشعب واحد، والحاجة ملحة إلى الحوار في ظل هذه الأزمة وتنوع الرؤى وكثرة المشاريع المطروحة".

فصول من المفاوضات حول مخطوفي اعزاز

وفي سياق اللقاء، سرد اللواء إبراهيم فصولاً من المفاوضات التي رافقت تحرير مخطوفي أعزاز، وهي قضية الحجاج اللبنانيين الأحد عشر، الذين اختطفتهم مجموعة مسلحة أطلقت على نفسها اسم "عاصفة الشمال" في طريق عودتهم من زيارة للأماكن المقدسة في العراق، واحتجزتهم لمدة 18 شهراً، "كانت هذه المجموعة تسيطر على معبر باب الهوى شمال سوريا على الحدود مع تركيا. وفي المقابل، خُطف شاب تركي في منطقة العمروسية في الشويفات، ومن ثم طياران من الخطوط الجوية التركية وسائق شاحنة تركي".
وأوضح اللواء إبراهيم أن "الدولة اللبنانية كلّفته بمتابعة الملف، وقاد عملية شاقة ومعقدة تضمنت التفاوض مع أطراف متعددة، منها سوريا وتركيا وقطر. وأكد أنه تمكن في نهاية المطاف من إعادة المخطوفين إلى لبنان، عبر طائرة قطرية خاصة بوزير الخارجية القطري - آنذاك.

 

المصدر :جنوبيات