الجمعة 20 أيلول 2024 21:57 م

هل الأطراف الإصطناعيّة مُتوافرة في المستشفيات لمعالجة المصابين بانفجار "البيجر"؟


* جنوبيات

ليس غريبا على "اسرائيل" القيام باي امر اجرامي، لذلك نفذت جريمة بربرية موصوفة ضد لبنان ومواطنيه، من خلال تفجيرات أجهزة الاتصال اللاسلكي والبايجر، مستهدفة بهذه العملية الجبانة عناصر من المقاومة الإسلامية، مما أسفر عن وقوع إصابات خطرة بينهم.

وقد كشف امس وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، أن "حجم الأجهزة اللاسلكية التي انفجرت يوم الاربعاء كان أكبر من اليوم الذي قبله، لذا كان هناك عدد أكبر من الإصابات البليغة". وقال في مؤتمره الصحافي "ان عدد الشهداء يوم الاربعاء بلغ 25 شهيداً، ووصل عدد الجرحى الى 608، وبلغ عدد شهداء تفجيرات "البايجر" 12 يوم الثلاثاء، أمّا الجرحى فـ2323".

في سياق متصل بالأحداث الأخيرة، قال النائب بلال عبدالله: "لقد استُنزف مخزون المستشفيات بكميات هائلة نتيجة العدد الكبير من الجرحى، حيث تركزت الاصابات الأساسية في أطراف اليدين، والوجه وتحديدا العيون، بالإضافة الى الإصابات الباطنية، لذلك يتعين التعويض عن هذا المخزون في المستشفيات".

وأضاف "يتطلب هذا الامر كما ذكرنا في اجتماعنا مع وزير الصحة كلجنة صحة، تسريع آليات التعويض المالي عن الجهد الذي بذل في اليومين الماضيين للمستشفيات والأطباء وجميع العاملين، حتى تتمكن المؤسسات من استعادة هذا المخزون".

وفي تصريح إعلامي، أشار نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، إلى أن ما شهدته البلاد خلال اليومين الماضيين يفوق بكثير ما يحدث في الحرب التقليدية، حيث واجهت المستشفيات ضغطاً هائلاً نتيجة تزايد عدد المصابين في وقت قصير، ورغم ذلك تمكنت من التعامل مع الوضع واستيعاب الجرحى".

وأوضح أن "هناك حالياً عدداً كبيراً من الجرحى الذين يخضعون لعمليات في وحدات العناية الفائقة، في حين أن عدد الأسرّة المتاحة غير كافٍ". كما شدد على "أن المستشفيات قامت بواجبها، ولكن لتتمكن من الاستعداد مجددا فهي بحاجة إلى دعم مادي،  بالإضافة إلى توفير المواد والمستلزمات الطبية والأدوية".

وأكد أنه "بفضل التعاون مع الصليب الأحمر والهيئة الإسلامية، تم تأمين كميات الدم الضرورية للجرحى. ومع ذلك، أشار هارون إلى أنه إذا وقع حدث أمني مشابه خلال الـ 24 أو 48 ساعة المقبلة، فإن المستشفيات لن تكون قادرة على استيعاب الوضع، لأنها لا تزال تحت تأثير الصدمة الأولى، بينما إذا وقعت حرب تقليدية بعد أسابيع أو أشهر، فستكون المستشفيات مستعدة لاستقبال المصابين".

تجدر الإشارة الى ان الهلال الأحمر الإيراني أشار مساء الأربعاء الى انه نقل 95 مصابا في تفجير أجهزة "بايجر" من لبنان إلى إيران.

وبالرغم من قدرة النظام الصحي اللبناني على حشد الطاقات بسرعة لمعالجة الجرحى، فإن هناك نقاط ضعف كبيرة، مثل نقص الأدوية والمستلزمات الأساسية، والضائقة المالية التي تعاني منها معظم المستشفيات. يطرح هذا الواقع تساؤلات جدية حول قدرة هذا القطاع على مواجهة أحداث دقيقة وصعبة، كتلك التي وقعت مؤخراً، بخاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والأمنية محليا.
 
من جهتها، كشفت مصادر في وزارة الصحة ان "الحالات تميزت بخطورة الاصابات وتشعبها في الجسم الواحد بسبب الانفجارات المتعددة، مما يستلزم تدخل أكثر من جراح للتعامل مع كل حالة، وقد أدى ذلك الى زيادة العبء على القطاع الصحي، وقد سجلت الهجمة الثانية عددا كبيرا من الضحايا".

وقالت المصادر: "صحيح ان الوفيات لا تتجاوز 2 بالألف والانفجارات اقل شدة من انفجار مرفأ بيروت، لكن معظم الإصابات التي لحقت بالمواطنين مشابهة لتلك التي أصيبوا بها في الرابع من آب ، وتشمل العيون والأصابع بنسبة 99% ، وكذلك اطرافا وأجزاء حساسة من الجسم مثل جدار البطن".

من جانبه، أكد طبيب في مستشفى المقاصد أن "لبنان يمكنه معالجة المصابين إلى حد معين، في إطار إمكاناته الحالية، لكنه بحاجة إلى دعم عاجل ومساعدة إضافية، لضمان توفير الرعاية المثلى لجميع الحالات، بخاصة في ظل الأعداد الكبيرة من الجرحى والإصابات المعقدة. وتعتمد قدرة القطاع الصحي على عدة عوامل، منها:

- توافر الامدادات الطبية: تفتقر بعض المستشفيات إلى المعدات اللازمة لعلاج الإصابات المعقدة، خصوصاً في مجال جراحة العيون والإصابات المركبة. ويحتاج المصابون الذين فقدوا أطرافا أو عيونا أو بترت أصابعهم إلى مستلزمات خاصة مثل الأطراف الاصطناعية، والعدسات الاصطناعية، وأدوات إعادة التأهيل. لكن، للأسف ليس لدينا الموارد الكافية لتأمين هذه اللوازم الضرورية، وقد يتعين تحويل بعض المرضى إلى مستشفيات أخرى، أو طلب دعم خارجي لتوفير الاحتياجات الضرورية.


- الكفاءة الطبية: يتمتع لبنان بمهارات طبية عالية في مختلف التخصصات، ولديه القدرة على التعامل مع الإصابات البالغة والمعقدة، لكن المشكلة تكمن في الأعداد الكبيرة من المصابين دفعة واحدة، مما يرهق الطواقم الطبية، ويزيد الضغط على المستشفيات.

- الدعم المالي: الأزمة الاقتصادية تجعل من الصعب على المستشفيات توفير الرعاية اللازمة دون دعم مالي، وهذا الامر أشار اليه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة في لبنان. اذ ان نقص السيولة والتحديات في استيراد الأدوية والادوات الطبية يزيد من الصعوبات.

- التنسيق بين المستشفيات: هناك جهود لإدارة العمليات بين المستشفيات، ونقل المصابين من مراكز غير مجهزة إلى مستشفيات متخصصة، لكن هذه العملية معقدة وتستوجب تنظيم محكم وسرعة في الاستجابة.

وتزامنا مع الاحداث الأخيرة، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي "فيديو" لوزير النقل والاشغال العامة علي حمية، حصد آلاف الاعجابات، يتحدث فيه عن زيارته لأحد الجرحى الذين أصيبوا في تفجير "البايجر". وخلال "الفيديو" خاطب حمية وزير الصحة الموجود إلى جانبه بنبرة تعكس المشاعر الإنسانية والمسؤولية، قائلاً: "لا اريد التحدث في السياسة أو عن الوزارة، بل اود ان اشارككم تجربة التقيت خلالها جريحا في إحدى المستشفيات. سألني: من أنت؟ فأجبته: الوزير علي حمية. فردّ الجريح: الحاج علي؟ فقلت: نعم. عندئذ قال لي: "أخبروني إن السيد حسن سيتحدث يوم الخميس الساعة الخامسة عصراً"، وطلب مني أن أنقل له الرسالة الاتية: "قل له ألا يحزن أو يتأثر أبداً، وليبق قوياً، ويعمل مع وزير الصحة وأطباء العيون، لأنه حتى لو بترت أيدينا، تظل عيوننا لنتمكن من العودة إلى عملنا'".

وأضاف حمية مخاطباً الأبيض، "هذه الرسالة يا معالي الوزير التي قالها الجريح الذي قابلناه معا اليوم في المستشفى هي أمانة برقبتك، لأن موضوع العيون أساسي، أساسي، أساسي. ومشكور على جهودك أنت وكل طاقم وزارة الصحة." واختتم حديثه بتأثر كبير قائلاً: "شكراً لك"!

ففي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، يظهر "فيديو" الوزير حمية إنسانية عميقة من خلال حديثه عن زيارته لأحد الجرحى الذين أصيبوا في تفجير "البايجر"، بخاصة عبر نقل رسالة الامل والقوة التي أراد الجريح ايصالها الى السيد حسن".

المصدر :ندى عبد الرزاق - الديار