السبت 21 أيلول 2024 21:20 م |
الظروف الأمنية والنزوح يمنعان نساء الجنوب من تحضير "المونة الشتوية" |
* جنوبيات
بخلاف السنوات الماضية، لم تتمكن الكثير من النساء في جنوب لبنان هذا العام من تحضير المؤونة الغذائية المخصّصة للشتاء. الظروف الأمنية والنزوح، شكلتا معضلة حقيقية أمام فئة كبيرة من العائلات التي تعتمد بشكل أساسي على صناعة الطعام يدوياً.
خسارة الأرض والإنتاج تقول من إحدى مدارس الإيواء “منذ سنوات، بدأت العمل في تأمين المؤونة الشتوية، من خلال بيع الزيتون والزيت، بالإضافة إلى السلع الأخرى، كالبرغل، العدس، والمربيات”، وبحسب تعبيرها، يقصدها الكثير من الناس بداية فصل الصيف، لحجز مؤونتهم، وهو ما يساعدها في تأمين جزء من المصاريف اليومية لأبنائها. هذا العام، خسرت كل شيء، تقولها بحسرة وتوتر. فالخسائر بحسب وصفها، لا تتعلق فقط بتوقفها عن العمل، بل بعدم إمكانية استئنافه على المدى القصير، لأن الحرائق نتيجة القصف الإسرائيلي طالت الأراضي الزراعية في منطقة الخيام، وبالتالي تحتاج إلى سنوات لإصلاح الأراضي وإعادة زراعتها مجدداً. وقد تسبب القصف الإسرائيلي لمناطق في جنوب لبنان بأضرار واسعة، حيث بلغت مساحة الأراضي المتضررة في القرى الحدودية نحو 1700 هكتار أي نحو 17000000 متر مربع بحسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة البيئة. وبحسب إحصاءات وزارة الزراعة، تضررت 40 ألف شجرة زيتون، وهو ما تسبب في خسائر عميقة وبالغة بالنسبة لفئة كبيرة من المزارعين اللبنانيين. لا يوجد إحصاءات رسمية، توضح حجم التراجع في إنتاج الزيتون والزيت هذا العام، ولكن من غير المستبعد أن تصل قيمة التراجع لأكثر من 50 في المئة، مقارنة مع إنتاج العام الماضي. وهو ما سينعكس بطبيعة الحال على الأسعار، التي بدأت تظهر فعلياً في الأسواق. فسعر كيلوغرام الزيتون يصل إلى 8 و10 دولارات، فيما لا يوجد رقم محدد حول سعر تنكة الزيت، ولكنها قد تتخطى حاجز 150 دولاراً، فيما بلغ سعر التنكة العام الماضي نحو 100 دولار.
خسائر عديدة تشتري غانم سنوياً، نحو 200 كيلوغرام من البرغل على سبيل المثال، ونحو 50 كيلوغراماً من الزعتر، بالإضافة إلى الكشك وغيرها من المواد الغذائية التقليدية والأساسية على مائدة اللبناني، إلا أن هذا العام لم تحصل على نصف هذه الكميات، وبأسعار مرتفعة. تقول “الأسعار ارتفعت بأكثر من الضعف، وأخشى ان لا أتمكن من تصريف البضائع نتيجة الأسعار”. وأخشى ان لا أتمكن من تصريف البضائع نتيجة الأسعار”. وفي جولة لـ “المدن” داخل المحال التجارية المخصصة لييع المؤونة الشتوية، يتبين ارتفاع أسعارها مقارنة بالعام الماضي، وقد وصل سعر الكيلوغرام من البرغل إلى 15 دولاراً، مقابل 10 دولارات العام الماضي، كذلك الأمر بالنسبة إلى الزعتر الذي ناهز سعره 25 دولاراً، مقابل 20 دولاراً العام الماضي، أما الكشك فقد ارتفع نحو 10 دولارات من 20 إلى 30 دولاراً، حتى أن أسعار الألبان والأجبان (المكرزلة) ارتفع سعرها بنحو 5 دولارات من 10 دولارات إلى 15 دولاراً. ارتفاع الأسعار لم يكن مقتصراً فقط على هذه السلع، حتى أن سعر الخضروات والحبوب التي يتم شرائها بهدف تخزينها مثل الفاصولياء، والملوخية باتت صعبة المنال. يتراوح سعر الكيلوغرام من الفاصولياء ما بين 10 إلى 15 دولاراً، والملوخية من 40 إلى 50 دولاراً.
موسم “المكدوس” تحاول جاهدة العمل لحسابها، لكنها وبحسب تعبيرها، لا تملك الأموال الكافية لشراء المواد الأساسية، التي شهدت أيضاً ارتفاعاً لافتاً. في العام الماضي، لم يكن يتخطى سعر المكدوس (الكيلوغرام) نحو 15 دولاراً، لكن هذا العام ووفق الحسابات، تقف التكلفة الأساسية لتحضير المكدوس عند حدود 20 دولارأ، وبالتالي حتى تتمكن من تحقيق الأرباح، لا بد من بيعه بأكثر من 30 دولاراً. على الرغم من طابعها التقليدي والتراثي، يشكل تحضير المؤونة الشتوية مصدر رزق للكثير من العائلات اللبنانية في المناطق الريفية، لكن آلة الحرب، والدمار، والنزوح، بالإضافة إلى استخدام المواد الكيميائية مثل الفوسفور، سيجعلها عرضة للإندثار تدريجياً، وهو ما له انعكاسات اقتصادية وخيمة إن لجهة تأمين لقمة عيش فئة كبيرة من اللبنانيين، أو لجهة تغيير عادات الاستهلاك. المصدر :جنوبيات |