أكد الكاتب والمُحللُ السياسي الدكتور قاسم قصير على أن "الاحتلال الإسرائيلي لديه مشروع إبادة للشعب الفلسطيني، وذلك قبل "طوفان الأقصى"، وكل القرارات التي اتخذها هي لمنع حل الدولتين، واستكمل هذه المُخططات بعدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية، واليوم على لبنان، لأنه وقف إلى جانب فلسطين، وشكل أحد جبهات المُساندة، والاحتلال لديه مشروع لتتغير الحدود وفرض شروط جديدة، فضلاً عن ضرب قوى المُقاومة في لبنان والمنطقة".
وقال في حلقة برنامج "من بيروت"، على شاشة "تلفزيون فلسطين"، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر، ضمن التغطية المُتواصلة للعدوان الإسرائيلي، حول "العدوان الإسرائيلي وارتكاب الجرائم من فلسطين إلى لبنان": "نحن أمام مشروع للكيان الإسرائيلي، لا يُريد الوجود، لا للشعب الفلسطيني، ولا للشعب اللبناني، ولا للأردن ولا لمصر، لذلك نحن أمام همجية غير عادية، والخطورة أنها تحظى، إما بسُكوت دولي أو دعم دولي، فهناك من يدعم وهناك دولاً صامتة".
وأشار إلى أنه "طيلة العدوان لم يُصدر مجلس الأمن قرارات لوقف هذا العدوان، وحتى عندما صدر قرارٌ، لم يلتزم الاحتلال بتنفيذه، وكذلك لم يلتزم بقرارات "محكمة العدل الدولية"، ولم يستجب لنداءات الأُمم المُتحدة، حتى بإدخال المُساعدات، وخياراتنا أصبحت محدودة، بالصمود والمُواجهة والمُقاومة، ولم نعد نأمل كثيراً من المُجتمع الدولي ومجلس الأمن، والمُعطيات أن هناك سكوتاً على جرائم الاحتلال، على الرغم من جهود بعض الدول، لكن ذلك لم يُوقف العدوان".
وشدد على أن "الاحتلال الإسرائيلي حاول خلال أشهر عدة، وقف جبهة المُساندة اللبنانية بالوسائل كافة، الدبلوماسية والعسكرية، لكن موقف المُقاومة رفض وقف جبهة الإسناد، إلا بوقف العدوان على غزة، والاحتلال كان لديه خطة، وانتظر الوقت المُناسب لتنفيذها، لذلك اتخذ قراراً بتصعيد المُواجهة، وفق سلسلة من الهجمات، حيث أقدم على الاغتيالات للقيادات وتفجير "البيجر" وصولاً إلى استهداف أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله ورفاقه في القيادة، لأنه لا يُريد إعادة المُستوطنين إلى شمال فلسطين المُحتلة وحسب، بل يُريد سحق قوى المُقاومة في لبنان، حيث يستهدف العدوان "حزب الله" وحركة "حماس" و"حركة الجهاد الإسلامي" وحركة "فتح" و"الجماعة الإسلامية" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بشكل واسع".
ورأى قصير أن "الكيان الإسرائيلي يملك تقنيات تكنولوجية عالية ومعلومات كبيرة، ونجح بالوصول إلى قيادات قوى المُقاومة، وهي ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها قيادات المُقاومة، وقد سبق واستهدف في العام 1973، ثلاثة من قادة المُقاومة بعملية إسرائيلية في منطقة "فردان" في بيروت، هم: "كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار"، واستهدف قيادات المُقاومة حتى بعد تركها بيروت، حيث استهدف خليل الوزير "أبو جهاد" وصلاح خلف "أبو إياد"، وسفراء "مُنظمة التحرير الفلسطينية" في أوروبا، والدكتور فتحي الشقاقي والشيخ أحمد ياسين وغيرهم"، مُوضحاً أن "الاحتلال يُحاول دائماً أن يُصيبك في مواقع القيادة، لأنه يعتقد أنه باستهداف القيادة يُنهي المُقاومة، وهذا لم يحصل، لا مع حركة "فتح" ولا مع حركتي "الجهاد الإسلامي" و"حماس"، وليس الآن مع "حزب الله"، لكن علينا أن نعترف أن الاحتلال يستخدم تقنيات جديدة في المُواجهة، لم يعد فقط يعتمد على العنصر البشري في شبكات "المُوساد"، بل يستخدم التكنولوجيا المُتطورة، لكن نحن على يقين أن كل هذه الاستهدافات لن تُنهي المُقاومة في لبنان، بل ستُعيد ترتيب صفوفها، مهما قدمت من شهداء وتضحيات، وكذلك الشعب الفلسطيني سيبقى صامداً".
وأشار إلى أن "القيادات التي استهدفت من القيادات المُؤسسة لـ"حزب الله"، هي من أجل ضرب القدرة على السيطرة والتحكم في إدارة العمليات، وهو ما قام به سابقاً ولم ينجح، واليوم نجح باستهداف القيادات السياسية، وفي السابق كان الحزب يعتمد على القيادة الجماعية من دون وجود أمين عام للحزب، وربما اليوم يعود لذلك، أو ينتخب أميناً عاماً جديداً، فالضربة قاسية جداً، وهناك تحدٍ للحزب، لكن شهدنا إطلاق صواريخ تصيب العمق الإسرائيلي، وهذا تحدٍ كبير، ولا نملك الآن المُعطيات الكافية للتحدث عن أين هو الخرق، لكن كان أهم تحدٍ من الاحتلال، هو التكنولوجي والإلكتروني، حيث تمكن من الوصول إلى شبكات الاتصال والتجسس، مُوضحاً أن "اغتيال السيد حسن نصر الله، جاء بترتيب إسرائيلي على مدى أشهر عدة، واختاروا اللحظة المُناسبة ضمن تسلسل الأحداث في الحرب، وما شهدناه كان زلزالاً كبيراً، ولم نكن نُدرك أن هناك قيادات للحزب في هذا المكان، على الرغم من أننا نعيش بالقرب منه بأمتار قليلة، وهذه هي جريمة حرب بكل ما للكلمة من معنى، لكن هذه الجرائم لن تمنعنا من الاستمرار في المُقاومة، ونتخوف أن يكون هناك مشروعاً إسرائيلياً جديداً لتغيير شكل منطقة الشرق الأوسط، ودخول لبنان وتهجير الشعب الفلسطيني، قد يتعدى العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية ولبنان".
وأكد على أن "هناك تضامن لبناني لاحتضان النازحين، وتقديم المُساعدة للجرحى والتبرع بالدم، ومواقف مُشرفة من كل الطوائف، وهي فرصة لتوحيد الشعب اللبناني، وقد أصدر الجيش اللبناني بياناً شدد فيه بالحفاظ على السلم الأهلي، ولا يُستبعد أن هناك عملاء يسعون لإثارة الفتنة، لذلك علينا الحذر من ذلك، والجيش اللبناني يعمل على حفظ الأمن".
وشدد على أننا "نُقدر أي جهد، ومنه ما تقوم به السلطة الفلسطينية لوقف العدوان على غزة وكذلك اليوم على لبنان، لكن للأسف، على الرغم من أهمية ودلالات مواقف الأُمم المُتحدة، وصدور أكثر من قرار بتوصيف ما يقوم به الكيان الإسرائيلي في فلسطين بأنه احتلالٌ، لكن للأسف لا تُوجد أي استجابة من الاحتلال، لهذا، نحن بحاجة لمُراجعة كيفية المُواجهة، واستعادة نقاط القوة في مُواجهة الكيان الإسرائيلي، لأن الاحتلال يسعى لتهجير كل الشعب الفلسطيني، والقيادة الفلسطينية معنية على المُستوى السياسي والدبلوماسي، فالرؤية الصهيونية استغلت البعد الديني لتحويل ما يقومون به من جرائم إلى صراع ديني، لذلك، يجب العمل لتكثيف توجيه كل أحرار العالم لمُواجهة الإجرام الإسرائيلي المدعوم غربياً وأميركياً".
ورأى أن "استمرار "الفيتو" الأميركي المُتزامن في مجلس الأمن الدولي، مع "الفيتو" الإسرائيلي لعودة رئيس دولة فلسطين محمود عباس إلى قطاع غزة، يُؤكد أن الاحتلال لا يُريد حكماً فلسطينياً، بل يُريد العودة لحكمه المُباشر في القطاع، وخيار عودة السلطة هو أحد الخيارات الواقعية لإنهاء الحرب، لكن هذا الأمر يتطلب، أولاً مُوافقة إسرائيلية وأميركية، وقدرات ميدانية على الأرض، ولا أدري إذا كانت أميركا أو الكيان الإسرائيلي سيقبلان بذلك"، مُعتبراً أن "كل القرارات المعنوية من الأُمم المُتحدة مُفيدة، لكن تحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع، والاحتلال الإسرائيلي لا يحترم هذه القرارات، وليس هناك مُبادرة أميركية حالياً لوقف الحرب، وإن كانت هناك بعض المُبادرات العربية لوقف الحرب"، مُؤكداً على أننا "نحتاج إلى قراءة جديدة، لأن الاحتلال لم يترك لنا خياراً، إلا المُقاومة والصمود، والعالم اليوم لا يفهم إلا بمنطق القوة، ونحن تربينا على أفكار حركة "فتح"، ونجح الشعب الفلسطيني بصموده ومُقاومته بالاستمرار، فهي ليست حرباً عادية، بل نحن أمام معركة وجود بوجه اليمين الإسرائيلي المُتطرف، الذي لا يُريد وجودنا".
وأشار إلى أن "كل من يُواجه الاحتلال الإسرائيلي يتعرض لضغوط وحملات، ونحن نحتاج إلى تكتل عالمي، لكن نحتاج إلى قوتنا كشعوب، ونحن أمام لحظة تاريخية تحتاج فيها إلى فكر عربي جديد لكيفية مُواجهة العدوان الإسرائيلي، حيث لا يزال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مُصراً على الحرب، مُفشلاً العديد من المُبادرات لوقفها، إلا إذا تعرض الكيان الإسرائيلي لضربة قاسية تُجبر مُجتمعه على التغيير، فعندما وصل المُجتمع اليهودي إلى أقصى درجات التطرف، علينا الوصول إلى أقصى درجات المُقاومة".
واعتبر أن "الإدارة الأميركية الحالية تتماهى بشكل كامل مع الأداء الإسرائيلي، لتحقيق أهداف أميركية من قبل "الحزب الديمُقراطي"، و"الحزب الجمهوري" يعدنا بالمزيد، فلا نتوقع أي تغيير تجاهنا، إلا إذا شعر الأميركي بأن مصالحه في المنطقة ستدفع ثمن الانحياز الكامل لهذا الاحتلال".
وختم قصير بالقول: "تخلي إيران عن حُلفائها هو خسارة لها، وبالمنطق فإن التفاوض يكون على أساس امتلاك أوراق القوة، والتحدي أمام إيران اليوم على الجمع بين وقف هذا العدوان على حلفائها ووقف الحرب، وبين عدم الذهاب إلى حرب شاملة في المنطقة، وهذا تحدٍ ليس سهلاً، وأنا مُطمئن بأن إيران لا تتخلى عن حُلفائها، وليس هناك صفقات أو تخاذل، لكن هناك واقع صعب، وحسابات دقيقة، لكن أي خسارة لحلفاء إيران هي خسارة لها، من هنا هي أمام مسؤولية كبرى في كيفية تعزيز جبهة المُقاومة في فلسطين ولبنان، ونحن في معركة واحدة في لبنان وفلسطين وكل المنطقة، وهي مرحلة صعبة، وعلينا الوعي ومُواصلة تضامننا وتكافلنا لأنه الطريق الوحيد للنصر".