الجمعة 4 تشرين الأول 2024 10:56 ص |
كنز معلومات قُدّم جاهزاً للعدو: أي علاقة للمحكمة الدولية باغتيال قادة المقاومة؟ |
* جنوبيات بحجة البحث عن «الحقيقة» في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وآخرين في 14 شباط 2005، سلّمت مؤسسات الدولة اللبنانية كل ما لديها من معلومات عن السكان والاتصالات والمواصلات والبنية التحتية في لبنان الى محققين أجانب. بعد وقوع الجريمة، حضرت الى بيروت بعثة دولية لـ«تقصّي الحقائق» برئاسة الضابط الايرلندي بيتر فيتزجيرالد. وارتفعت في لبنان أصوات المطالبين بفتح كل الأبواب لهذا المحقق الأجنبي وفريقه وكشف كل المعلومات الحساسة من دون استشارة الأجهزة المكلفة حماية لبنان من الاختراقات الاستخبارية الخارجية بحسب القانون (مديرية المخابرات في الجيش ومديرية أمن الدولة والمديرية العامة للأمن العام. بل طالب فيتزجيرالد بإزاحة قادة هذه الأجهزة بحجة انهم عقبة امام التحقيق الدولي. رفع فيتزجيرالد تقريره الى مجلس الامن بعد شهر من محاولات متكررة للحصول على معلومات حساسة من الأجهزة الأمنية اللبنانية. وفي حزيران 2005، أصدر مجلس الامن قراراً بإنشاء لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي الألماني المشبوه ديتليف ميليس. وطبّق الأخير ما أوصى به فيتزجيرالد: اعتقل المدير العام للأمن العام اللواء جميل السيد والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء علي الحاج ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد ريمون عازار وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان. وبما أن لا صلاحية بالتوقيف لدى لجنة التحقيق الدولية، قام القضاء اللبناني بالمهمة. ومنذ ذلك الحين، بدأ عدد من الأمنيين ورجال الاستخبارات الأجانب العاملين في اللجنة، لم يُسمح للسلطات اللبنانية بالتدقيق في هوياتهم وارتباطاتهم، عملية واسعة لجمع المعلومات تشمل بشكل أساسي منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق محددة في الجنوب والبقاع. فبداية، كان التوجه المعلن للتحقيق الدولي يركّز على الاشتباه بضلوع ضباط سوريين في اغتيال الحريري. ولكن، منذ تسريب خبر (صحيفة «دير شبيغل» الألمانية عام 2008) اشتباه رئيس لجنة التحقيق الدولية الكندي دنيال بلمار (عُيّن في ما بعد مدعياً عاماً في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان) بضلوع افراد تابعين لحزب الله في جريمة الاغتيال، بدأ عمل المحققين الأجانب يركز علناً على جمع معلومات تتعلق بقيادة الحزب وعناصره. وتحوّلت طلبات المحكمة الدولية للحصول على المعلومات من مؤسسات الدولة الى أوامر بحسب الحكومات المتتالية التي رأسها سعد الحريري وفؤاد السنيورة، بحجة ان المحكمة هي لتحقيق العدالة وأن أي اعتراض على طلباتها يمكن أن يؤدي الى فتنة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كان قد تعاقد مع إسرائيليين مثل الضابطة السابقة في جيش العدو ريتا كاتس التي ورد اسمها كمرجع في نص الحكم الذي صدر عن المحكمة. كما تعاقد مع العميل في وكالة الاستخبارات الأميركية روبت باير الذي كُلّف سابقاً بمهمة اغتيال القائد الجهادي عماد مغنية.
أطلقت استخبارات العدو الإسرائيلي عملية استخبارية واسعة بعد حرب 2006، واستخدمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كأداة لا يمكن أن تعترضها السلطات اللبنانية لجمع معلومات يمكن أن تستخدمها لاحقاً لتحديد أماكن قادة في حزب الله تمهيداً لاغتيالهم. وتمكّن مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بين 2008 و2012 من جمع المعلومات الآتية: كما تضمن تحليلاً يمكّن المحققين من تحديد أماكن وتحرّكات المتواصلين هاتفياً. وجمع المحققون كذلك كل الرسائل النصية والصوَر والأرقام والعناوين والتسجيلات الصوتية والمرئية من الهواتف المحمولة؛
- كامل المعلومات والسجلات في دوائر النفوس التي تتضمن تفاصيل عن هوية كلّ مواطن أو مواطنة لبنانية والارتباطات العائلية والوفيات والولادات والعناوين والصوَر؛
هذا الكم الهائل من المعلومات وصل الى الاستخبارات الإسرائيلية من خلال خطّة أميركية بعنوان «التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب». صحيح ان الاستخبارات الإسرائيلية كانت قادرة على جمع جزء كبير من هذه المعلومات من خلال عملائها في لبنان او من خلال قدراتها التكنولوجية المتطوّرة والقادرة على الاختراق، غير ان جمع المعلومات من خلال المحكمة الدولية يشكل ضمانات بالنسبة للاسرائيليين أهمها:
- عدم التلاعب بالمعلومات من خلال عملاء مزدوجين مثلاً او من خلال فخ مدبر مسبقاً لتقديم معلومات كاذبة؛ المصدر :الاخبار - عمر نشابة |