الجمعة 11 تشرين الأول 2024 13:43 م

في الذكرى العاشرة لرحيل منح الصلح الحاضر أبداً بفكره بيننا


* جنوبيات

قبل عشر سنوات غيّب الموت مفكراً عربياً كبيراً كان يملأ دنيا العرب برؤاه الاستشرافية للمستقبل وبأفكاره الجامعة على الصعيدين الوطني والقومي، وبادراكه المبكر لموقع فلسطين في حياة الامة والإنسانية.. انه الأستاذ منح الصلح أول رئيس "لدار الندوة" في بيروت  ورئيس "اللقاء الوحدوي اللبناني"، والرئيس السابق "للمركز الثقافي الإسلامي"، والعضو المؤسس في "المؤتمر القومي العربي والمؤتمر القومي الإسلامي ومؤسسة القدس الدولية والمنتدى القومي العربي" والعديد من الهيئات الثقافية والوطنية في لبنان والوطن العربي.
ورغم غيابه الجسدي عن اعداد كبيرة من تلامذته ومريديه المؤمنين بفكره وتطلعاته العروبية الجامعة، واللبنانية المنفتحة، والإنسانية الرحبة ، إلآ انه ما زال حاضراً بيننا بفكرة اطلقها يوماً، وبمؤسسات شارك في تأسيسها دوماً، وبقضية لم يستطع  أحد مجاراته في اسهاماته فيها.
لكن ان تمرّ ذكرى غيابه اليوم بعد ساعات من قصف صهيوني لبيروت، مدينته التي حاول بفكره ومواقفه ان يكون احد المعبرين عن روحها وتطلعاتها وقيمها وتراثها، فهو تذكير بما كان منح الصلح يحذر منه دائماً وهو الخطر الصهيوني على لبنان والوطن العربي كله..
كانت فلسطين بالنسبة إليه تختصر القضية العربية بأسرها، بل تحمل في فلبها مشروع نهضة الامة وتحريرها، وكان لبنان بواقعه الفريد وتنوعه الخصب والتجديات التي يواجهها هو السؤال الفكري والحضاري الكبير الذي طرحه على نفسه وعلى كل الملتزمين بالمشروع العربي كله..
لقد تميّز منح الصلح  الحامل أفكاره بعيداً عن السرديات السهلة، والعصبيات الضيقة، والافاق المحدودة، فكان العروبي الشامخ بين اللبنانيين، وكان اللبناني الأصيل بين العروبيين، بل كان يمثل المرونة الصعبة في مواقفه وخياراته وعلاقاته، ليكتشف ان شراسة الحرب على المرونة في الأداء لا تقل عن شراسة الحرب على المبدئية في الموقف.
كانت عروبته عميقة الارتباط بالإسلام كحضارة وثقافة وتراث، وكانت أيضاً شديدة الفهم لخصوصية الاديان والمذاهب والأعراق في وطننا العربي فاستطاع ان يبقى دائماً صوتاً للوحدة وجسراً للتواصل بين أبناء الامة..
في ذكراه كل عام، كنت أتساءل ما عساني ان أضيف عن منح الصلح كلاماً لم أقله فيه منذ رحيله القاسي، فأجد القلم بمسك بيدي ويخط كلاماً مستمداً من رجل هو منبع للافكار وملهم للرؤى..
رحمه الله..

المصدر :جنوبيات