أكد عضو المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني هيثم زعيتر على أن "الاحتلال الإسرائيلي يعمل على منع عودة الحياة الطبيعية إلى لبنان، وتعديل القرار الدولي 1701، وفق مصالحه، لنزع سلاح "حزب الله"، وقضم المزيد من الأراضي، ربما لمُخطط استيطاني، مُستغلاً الفترة الفاصلة ما قبل انتخابات الرئاسية الأميركية، بدعمٍ من الولايات المُتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية".
وقال زعيتر خلال استضافته ضمن برنامج "ملف اليوم" على شاشة "تلفزيون فلسطين"، يوم الأربعاء في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024: "يتواصل العدوان الإسرائيلي على مناطق الجنوب اللبناني بغارات مُكثفة، واليوم بشكل رئيسي، ركز على مدينة النبطية، حيث استهدف مقر البلدية و"اتحاد بلديات الشقيف" - النبطية، ما أدى إلى استشهاد رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل و6 أشخاص آخرين، وجرح 43، في استهداف لمبنى رسمي، يتبع وزارة الداخلية اللبنانية - أي أنه رسالة واضحة وصريحة، بهدف منع مُؤسسات الدولة اللبنانية من العمل".
وأشار إلى أن "ذلك يأتي بعد الاستهدافات المُتعددة بزنار النار، الذي ضربت به قوات الاحتلال الإسرائيلي، منطقة النبطية، ما أدى إلى تدمير العديد من المنازل والمساكن والمُؤسسات، واستهداف المُستشفيات والمراكز الطبية، وفرق الإسعاف والإطفاء والدفاع المدني، وأيضاً الإعلاميين - أي أن الاحتلال الإسرائيلي يُريد أن يستهدف الجميع، تحقيقاً للعديد مما يتضمنه بنك الأهداف الذي وضعه".
ورأى أن "ذلك يأتي أيضاً بعد استهداف الجيش اللبناني، وسقوط عددٍ من الشهداء والجرحى في صفوفه، وبعد أيامٍ من استهداف قوات الطوارئ الدولية "اليونيفل"، حيث يُلاحظ التركيز على منطقة الجنوب اللبناني في هذه المرحلة بالذات، بعدما كانت قد كثفت قوات الاحتلال من الغارات على ضاحية بيروت الجنوبية، بإلقاء القنابل الضخمة، ما أدى إلى سقوط عددٍ كبيرٍ من الشهداء والجرحى، وفي طليعتهم أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، وقيادات ميدانية وسياسية وعسكرية في الحزب، وأيضاً استهداف العاصمة اللبنانية، بيروت، ما يعني ذلك من دلالات ورسائل، باستهداف العاصمة اللبنانية، التي احتلها الجيش الإسرائيلي في العام 1982، لتكون العاصمة العربية الأولى بعد مدينة القدس".
وأكد على أن "العدوان الإسرائيلي لم يقتصر على منطقة مُحددة، فهو استهدف جبل لبنان والبقاع، وصولاً إلى زغرتا في محافظة الشمال، على مقربة من مكان إقامة رئيس "تيار المردة" الوزير السابق والمُرشح لرئاسة الجمهورية سليمان فرنجية، وفي كسروان والبترون، حيث أراد الاحتلال الإسرائيلي توسيع دائرة قصفه في اجتياحه الجوي، وهذا يهدف إلى أمرين:
- الأول: ضرب بنك أهداف مُتعدد، وإخراج عددٍ كبيرٍ من المُواطنين من الأماكن التي يتواجدون فيها، ومنهم من نزح من الجنوب أو البقاع، بالنزوح مُجدداً إلى أماكن أخرى.
- الثاني: وهو بالغ الأهمية والدقة، عبر مُحاولة تأليب الرأي العام على بعضه البعض، لإيجاد فتنة، وهذا يُشكل خطراً حقيقياً يجب التنبه إليه، والحذر مما يُحيكه الاحتلال الإسرائيلي لإيقاع فتنة داخلية بين أبناء البلد الواحد".
واعتبر أنه "في منطقة الجنوب اللبناني، لا شك أن كثافة النيران الإسرائيلية، تُؤكد أن الاحتلال مُستمر في تنفيذ بنك أهدافه، الآن نحن في اليوم الـ24 لتصاعد حدة الاجتياح الجوي الإسرائيلي، حيث يُلاحظ أن الاحتلال ماضٍ في هدفه، هو يسعى إلى إيجاد منطقة أمنية، خالية من السكان، مُقابل الحدود الفلسطينية المُحتلة، ويُريدها أن تكون أيضاً مُدمرة - أي أنها أرضٌ محروقة، لإمكانية التقدم البري، الذي فشل به حتى اليوم، حيث لم يتمكن من التقدم أي متر داخل الأراضي اللبنانية، فما زال يُواجه بمُقاومة تُوقع الخسائر في صفوفه، والتي عادت قوتها إلى البروز مُجدداً، حيث تنطلق الصواريخ من الجنوب اللبناني، باتجاه المراكز والأهداف الإسرائيلية".
ورأى أن "الاحتلال الإسرائيلي يُريد أن يُترجم الهجوم الجوي بمُحاولة تقدم بري، وقضم إراضٍ، ولديه العديد من الأهداف:
- أولاً: يُريد إبعاد الصواريخ من الوصول إلى داخل الأماكن في فلسطين المُحتلة، وهذا أمر غير مُمكن، لأن الاجتياح الجوي يُمكن أن يستهدف ما يُريد، لكن لا يُمكن أن يوقف إطلاق الصواريخ، والآن تنطلق من اليمن على مسافة 2040 كلم - أي أن الصواريخ يُمكن أن تُصيب الأهداف المُحددة داخل الكيان الإسرائيلي.
- ثانياً: المُستوطنون الذين فاق عددهم مليون ونصف مليون نسمة، لن يتمكن أي منهم من العودة، إن لم يكن هناك وقفٌ شاملٌ لإطلاق النار.
- ثالثاً: الاحتلال الإسرائيلي، ربما يُريد ضمن أحد أهدافه، إيجاد منطقة أمنية عازلة، وهنا نعود بالذاكرة إلى الأفكار التي طُرحت سابقاً، أنه يُريد إعادة فلول "ميليشيا أنطوان لحد"، الذين اندحروا معه في 25 أيار/مايو 2000، والميليشيا العميلة معه، لإسكانهم في تلك المنطقة.
- رابعاً: سمعنا مُنذ أشهر الحديث عن إعادة بناء مُستوطنات في الجنوب اللبناني، ربما يُريد الاحتلال احتلال إراضٍ من الجنوب لإسكان أعدادٍ من مُستوطنيه، على أمل أن يحفظوا له الأمن، علماً بأن التجربة السابقة أثبت أن احتلال الأرض يُؤدي إلى مُقاومة بأشكالها المُتعددة: الشعبية والمُسلحة، وفي المجالات كافة، وبالتالي فإن الاحتلال اندحر، وسبق في تجربة عدوان تموز/يوليو 2006، أن أوقعت المُقاومة به الخسائر في وادي الحجير وسهل الخيام، حيث كانت مجزرة دبابات "الميركافا" - أي أن الاحتلال لا يُمكن أن يُحقق أي تقدمٍ بري، من دون أن تكون هناك خسائر كبيرة".
وأوضح أن "هناك فرق بين التحرك الفرنسي والأميركي:
- التحرك الفرنسي: له مصلحة كبيرة بشأن لبنان، الرئيس إيمانويل ماكرون، ليس لديه أي ورقة يلعبها في منطقة الشرق الأوسط، باستثناء لبنان، نظراً للعلاقات الوطيدة مع فرنسا، حيث كان هناك انتداب فرنسي على لبنان قبل الاستقلال في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1943، وبقيت العلاقات، والرئيس الفرنسي ماكرون دعا إلى مُؤتمر لدعم لبنان في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2024.
- الموقف الأميركي: ولنكن واضحين جداً، هناك انحياز كامل من قبل الإدارة الأميركية لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أعلن صراحة بأنه يأخذ بوجهات النظر الأميركية، لكن يُنفذ ما يرى فيه مصلحة للكيان الإسرائيلي، وعلى الرغم من كل المُحاولات الأميركية التي يُعلن عنها، لكن عملياً هناك انحياز كامل بدعم سياسي في المجالات كافة، في مجلس الأمن الدولي وهيئة الأُمم المُتحدة، وأيضاً في المجال العسكري والدعم المالي، والآن يتحدثون عن إرسال صواريخ للتصدي للصواريخ التي تُطلق من لبنان وغيره - أي أن الانحياز الأميركي واضح".
وشدد على أن "هناك استغلال من نتنياهو للفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، والمُتبقي عليها 20 يوماً - أي أن المُتصارعين من "الحزب الجمهوري" أو "الحزب الديمُقراطي"، كلٌ منهما يسعى لكسب أصوات "اللوبي اليهودي"، وبالتالي نتنياهو يُدرك ذلك، ويستغل هذه الأيام، ونحن نتوقع أن تكون هذه الفترة الفاصلة، فترة عصيبة بالنسبة إلى لبنان، والأراضي الفلسطينية، بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، وحتى الأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، حيث يسعى نتنياهو إلى تنفيذ مُخطط هو يُريده، وهو الاستقلال الثاني للكيان الإسرائيلي، وإقامة دولة "إسرائيل اليهودية الكبرى"، وهذا هو هاجس نتنياهو، الذي يرى بأنه حقق ما لم يُحققه العديد من القادة الإسرائيليين، وحتى مُؤسس الكيان الإسرائيلي ديفيد بن غوريون، فهو يُزايد عليه بأنه حقق انتصارات أكثر منه".
وأكد على أن "الكيان الإسرائيلي، يُنفذ السيناريو ذاته، الذي نفذه في قطاع غزة، باستنساخ التجربة ذاتها، فهو قصف في قطاع غزة: المُستشفيات والمدارس والمعاهد، والمساجد والكنائس والمقابر، والأماكن الأثرية، ودور الإيواء للنازحين، ويعمل على تهجير النازحين من منطقة إلى أخرى، مُرتكباً الإبادة الجماعية التي فاقت الخسائر فيها 43 ألف شهيد و100 ألف جريح، فضلاً عن أكثر من 15 ألف مفقود، وتدمير أكثر من 400 ألف وحدة سكنية ومُؤسسة في قطاع غزة، فضلاً عن الضفة الغربية".
وأوضح أن "ما تقوم به قوات الاحتلال في لبنان، استنساخ تام للتجربة ذاتها التي نفذتها في قطاع غزة، فبعدما كان لبنان في الفترة الأولى، ضمن مرحلة الإسناد والقصف المُتبادل بين قوات الاحتلال الإسرائيلي و"حزب الله"، وسع الاحتلال عدوانه، باجتياح جوي، وتفجير أجهزة "البيجر" واللاسلكي، وموجة الاغتيالات الكبيرة التي تعرضت لها العديد من القيادات في الحزب، والآن يُركز على المُستشفيات، فهناك 4 مُستشفيات في مناطق: مرجعيون، بنت جبيل وتبنين، أصبحت خارج الخدمة، كما أنه يُركز على استهدف وسائل الإعلام، للتغطية على جرائمه، ويستهدف حتى قوافل "الصليب الأحمر الدولي"، التي كانت تنقل مُساعدات إلى منطقة بعلبك - الهرمل، البعيدة 130 كلم عن الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المُحتلة"، مُشيراً إلى أن "الاحتلال يستهدف أيضاً سيارات الإسعاف، التي تنقل الجرحى، وفرق الدفاع المدني والإطفاء، وشاهدنا في ضاحية بيروت الجنوبية أنه أعاد القصف للهدف ذاته مرات عدة، ولأيام مُتعددة، لمنع وصول فرق الدفاع المدني والإسعاف، وأيضاً يستخدم الأسلحة المُحرمة دولياً، ومنها الفوسفور واليورانيوم - أي أنه يُريد القضاء على أي حياة في لبنان، وربما يسعى إلى أعادة ما يُلاقيه به بعض الأطراف اللبنانية، وهو إعادة انتاج اتفاق جديد على نسق ما جرى في 17 أيار/مايو 1983".
وشدد على أن "الاحتلال الإسرائيلي لا يُريد القرار 1701، وعندما وقع هذا القرار لوقف الحرب في 14 آب/أغسطس 2006، تعمد الاحتلال بين موعد توقيعه وتنفيذه، القصف بوابلٍ من القذائف، ومنها الفوسفورية والعنقودية، التي أدت إلى سقوط شهداء لفترة طويلة، إلى أن جرى التمكن من نزع العديد منها، كما أنه خرق هذا القرار مُنذ توقيعه وحتى العدوان الأخير على لبنان، أكثر من 36 ألف مرة، ويُطالب بتطبيقه وفق ما يُريده، هو الآن حذر قوات الطوارئ الدولية واستهدفها، وقبل التحرك الدولي، كان يُريد التقدم من خلال أماكن انتشار قوات "اليونيفل" عبر الناقورة إلى مناطق أخرى في جنوب لبنان، لأنه لا يُريد هذا القرار، بل يُريده مُعدلاً".
وأشار إلى أن "الاحتلال بدأ الحديث عن العودة إلى القرار 1559، بما يعنيه من نزع لسلاح "حزب الله" في لبنان، بينما القرار 1701 كان واضحاً، ويتحدث عن ضرورة أن تقوم قوات "اليونيفل" المُعززة، بدورها في مُراقبة ومنع الخروقات الإسرائيلية، بينما لم تقم قوات الطوارئ الدولية بذلك، لأن الاحتلال الإسرائيلي منعها من تنفيذ مُهمتها، وهو أيضاً استهدف الجيش اللبناني، ويُريد الآن الحديث عن تعديلٍ للقرار، ربما تحت الفصل السابع، ليكون لقوات الطوارئ الدولية، حرية أكثر بالتحرك، وأيضاً بأن تتوسع دائرة القرار 1701، لا لأن تشمل فقط منطقة الليطاني، بل أيضاً الحدود الشرقية بين لبنان والأراضي السورية، تحت ذريعة مُراقبة عدم نقل الأسلحة إلى لبنان من سوريا".
وختم زعيتر بالقول: "فائض القوة التي يتمتع بها نتنياهو، بدعم أميركي، ومن بعض الدول الغربية، يسعى إلى ترجمته على الأرض، بمنع عودة الحياة الطبيعية إلى لبنان، وهو "سيناريو" بوشر التنفيذ به من خلال الأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها لبنان، مُنذ سنوات عدة، وهذا يُدل على أن ما جرى أمر مُخططٌ له، أراد من "فبرك" هذا السيناريو، تنفيذه وفق خطوات مُتتالية، منها بالوضع الاقتصادي، وصولاً إلى الهجوم الجوي، والتهديد والقرصنة البحرية الإسرائيلية، وأيضاً مُحاولات التوغل، لإيجاد واقع جديد في لبنان".