الثلاثاء 5 تشرين الثاني 2024 18:05 م

"قاضي الأولاد"!


* جنوبيات

يُروى في قديم الزّمان أنّه كان لأحد الملوك عدّة نساء، ولكلّ زوجةٍ أولاد يلعبون في حديقة القصر، فيتشاجرون لأتفه الأسباب. فتأتي أمّهاتُهم ويختلط صراخ الأولاد بصياح النّساء، فيُضطرّ الملك إلى التدخّل وإهمال شؤون العرش لإجراء المصالحات بين أولاده، وتطييب خواطر زوجاته. ولذلك تخلّى عن بعض صلاحيّاته لكبار معاونيه، ولا سيّما قاضي القضاة الذي خوّله أن يقضي ويمضي كما يشاء.
وذات يوم، جاء من يقول للملك إنّ قاضي القضاة "يعمل السّبعة وذمّتها" ولا يتّقي الله، حتّى أنّه شنق ثلاثةَ رجالٍ في يوم واحد. فاستدعاه الملك حالًا وسأله فأجاب: "نعم شنقتُ ثلاثةَ رجال"، الأوّل، لأنّه قتل والده، فقال الملك: حسنًا فعلت.
والثاني، لأنّه مرّ حيث شنقنا الرّجل الأوّل وقال: "يرحمه الله".
فقال الملك: "وهل شنقتَ الرّجل لهذا السبب؟" فردّ: "أجل، لأنّه شكّك في عدالة الله، إذ كيف يمكن أن يرحم الله من يقتل أباه.
والثالث، لأنّه جاء وأخبرنا أنّ الرّجل الثاني قال عن الرّجل الأوّل: يرحمه الله.
فقال الملك: "ويحك! وهل هذا ما يوجب الشنق؟" ردّ: "طبعًا، لأنّه شكّك بعدالتنا. إذ لو كان مؤمنًا بعدالتنا لما خَشِيَ أن ينقضها الله بعدالته فيرحم من يقتل أباه".
فأُعجب الملك بسرعة البديهة عند قاضي القضاة (وكان يفكّر في طريقة لتنظيم شؤون أولاده، فيتفرّغ لسياسة زوجاته، ويراعي شؤون بلاده)، فقال له:
"سأعهد إليك مؤقّتًا في أمور أولادي ترعاهم بعنايتك وتحكم بينهم بحكمتك".

يقول الرّاوي: إنّ هذا القاضي، وقبل أن تغيب شمس ذلك النّهار، شنق نفسه تحت إحدى أشجار الحديقة.
عندها قال جموع النّاس: "قاضي الأولاد شنق حالو".
ماذا لو أجرينا إسقاطًا على بعض السّياسيّين في لبنان، ومن يفصل في تصرّفاتهم السّاذجة تجاه الشّعب المسكين.
عندها لقلنا حقًّا ومن دون مواربة:
 "إنّ قاضي السّاسة الصغار، شنق نفسه من دون أي اعتبار"!

المصدر :جنوبيات