سؤال طرحته مراسلة صحيفة "التلغراف" البريطانية من تل أبيب، بشأن خطف القبطان عماد أمهز الذي وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه "عميل سري كبير في الحزب"، من مبنى سكني في البترون شمال بيروت، في لبنان، يوم الجمعة الماضي على يد قوات خاصة إسرائيلية ضمت ما لا يقل عن 12 عنصراً من أفراد الكوماندوس البحريين من فرقة Shayetet 13، وهي النسخة الإسرائيلية من خدمة القوارب الخاصة التابعة للبحرية الملكية أو قوات النخبة البحرية الأميركية، انطلقت من مكان غير معروف في البحر الأبيض المتوسط.
وفقاً لبيان الجيش الإسرائيلي، إن "العميل السري" أمهز نُقل إلى الأراضي الإسرائيلية، حيث يخضع للتحقيق من قبل وحدة عسكرية. ولكن، بحسب مراسلة الصحيفة، يشكك خبراء الاستخبارات فيما إذا كان أمهز يعمل كعميل مزدوج، نظراً لأن عملية الاختطاف كانت مختلفة بشكل ملحوظ عن العمليات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل ضد أهداف الحزب. فقد وقعت العملية في مبنى سكني على بعد أمتار قليلة من الواجهة البحرية، وعلى بعد 400 متر فقط من مارينا البترون، وهي مقصد سياحي شهير. ويقال إن أفراد الكوماندوس، الذين وصلوا إلى شاطئ البترون على متن زوارق سريعة، أخبروا السكان أنهم من قوات الأمن اللبنانية، قبل أن يقتحموا شقة أمهز.
نقل عن أحد كبار السياسيين في لبنان، الذي يعارض الحزب، قوله إن هناك "علامات تشير إلى حقيقة أن أمهز ربما كان عميلاً مزدوجاً، وقد يكون متورطاً بعمق في طرق التهريب البحري والتمويل، مما قد يجعله عنصراً قيماً لإسرائيل، يفضل إبقائه على قيد الحياة".
ويشير في هذا السياق إلى كون العملية جرت في منطقة البترون البعيدة مبدئياً عن عمليات القوات الإسرائيلية ضد الحزب، والتي ركزت حتى الآن على القضاء على كبار القادة والمقاتلين في غارات جوية ضخمة، استهدفت في المقام الأول جنوب البلاد والضاحية الجنوبية حيث يتمركز عناصر الحزب أساساً.
وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تختطف فيها إسرائيل كبار مقاتلي الحزب وحماس لاستجوابهم، فإن عملية اختطاف أمهز، كما وصفها رونين سولومون، محلل الدفاع والاستخبارات الإسرائيلي الخبير في عمليات الحزب، كانت غير عادية للغاية. ووفقاً لسولومون، تضمنت بعض العناصر التي تم العثور عليها في غرفة أمهز بطاقات SIM من بلدان مختلفة وجوازات سفر متعددة وهاتف نوكيا قديم الطراز، مما قد يشير إلى أنه كان يعمل جاسوسًا. وأشار إلى أن أمهز ربما كان يعمل كعميل كبير في وحدة الحزب المتخصصة في نقل الأسلحة والإلكترونيات المستخدمة في القتال ضد إسرائيل وأنه متورط بشدة في طرق وتمويل التهريب البحري، مما قد يجعله أحد الأصول القيمة لإسرائيل. وأضاف أنه سيكون من المثير للاهتمام إبقاؤه على قيد الحياة. ولكن وبسبب منصبه، كان من الممكن أيضاً تجنيده كعميل مزدوج لإسرائيل، وكانت العملية عملية إنقاذ وإخراجه من لبنان بأمان.
تشير الصحيفة إلى احتمال تورط عائلة أمهز في أعماله، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة الاتصالات العائلية لأمهز، ستارز غروب هولدينغ ومقرها بيروت، في عام 2014. واتهمت وزارة الخزانة الأميركية الشركة بـ "أنشطة غير مشروعة" من خلال نقل أجهزة الاتصالات إلى مصانع الحزب في لبنان، عبر دول مثل الصين والإمارات العربية المتحدة. وقد يكون أمهز جند العائلة لهذا النوع من العمليات.
وكرر مصدر أمني إسرائيلي، تحدث إلى مراسلة الصحيفة دون الكشف عن هويته، قول سولومون بأن العناصر التي تم العثور عليها في غرفة أمهز كانت مثيرة للاهتمام مثل عملية الاختطاف نفسه. لكنه تساءل عن سبب "ترك أشياء مثل أجهزة USB التي بها بيانات مهمة ربما كان يمكن أن تساعد إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "عندما تمت مثل هذه العمليات في غزة، تم الاستيلاء على كل الأجهزة الموجودة".
كما تساءل المصدر أيضاً عن سبب عدم تعطيل كاميرات المراقبة حول مكان إقامة أمهز "إلا إذا كان هناك من أراد أن يتم تصوير العملية".