رأى الوزير السابق كريم بقرادوني أنّ "أمام الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن فرصة تاريخية لتحقيق السلام مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس، حامل السياسة الواقعية العادلة، وهو أفضل مَنْ يستطيع التعامل مع العالم الخارجي، لأنّ ما يطرحه يستند إلى قرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والراسخة، وهذه الرؤية لن تمر مُرور الكرام لدى الأميركيين، لأنّ يعبّر عن سياسة واقعية عادلة، وإنْ لم تُحل القضية الفلسطينية بالعدل، فسيسقط العدل في العالم".
وقال الوزير كريم بقرادوني في حلقة برنامج "من بيروت" على شاشة تلفزيون بفلسطين، بعنوان: "سُبُل دعم القضية الفلسطينية في ظل التحديات الراهنة"، من إعداد وتقديم الإعلامي هيثم زعيتر: "إنّ طرح السيد الرئيس محمود عباس لعقد مُؤتمر دولي للسلام، يلقى ترحيباً، وتأييداً واحتضاناً وتبنياً دولياً، بمُواجهة التفرّد الأميركي، وإذا أيّد بايدن وتمثّل في المُؤتمر، سيكون نقطة تحوّل باتجاه رؤية الرئيس "أبو مازن"، ونحن ننتظر ما سيُقدِم عليه الرئيس الأميركي بعد تسلّمه الحكم من تنفيذ سياسة أخرى، والإلتزام بما أعلن عنه من حل عادل للقضية الفلسطينية، وإعادة افتتاح مكتب "مُنظّمة التحرير الفلسطينية" في واشنطن، والقنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة دعم السلطة الفلسطينية ووكالة "الأونروا"، ما يُعيد العلاقات الأميركية - الفلسطينية إلى سابق عهدها - أي لما سبق من قرارات مُجحِفة اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترامب - لأنّ القضية الفلسطينية لا يُمكن إلا أنْ تشهد حلاً عادلاً، وأي حل غير عادل يكون مشروع حرب ضد القضية الفلسطينية، والشعب الفلسطيني ما زال يُقاوم ويُكافح ويتحمّل الكثير لأنّه مُؤمن بعدالة قضيّته".
وأضاف: "لقد عانت القضية الفلسطينية مع ترامب أسوأ 4 سنوات، مُنذ زمن طويل، مارس فيها شتى الضغوطات، ومنح ما لا يملك إلى مَنْ لا يستحق، وتحمّل الرئيس "أبو مازن" سياسياً خلالها، ما لم يستطع كثيرون تحمّله، وما سيأتي بعد ترامب سيكون أفضل منه، لأنّه أظهر الوجه الأميركي القبيح، فيما أظهر بنيامين نتنياهو الوجه الإسرائيلي الحقيقي للعدوان. صحيح أنّ ترامب ذهب، لكن ستبقى "إسرائيل" مُتمسّكة بسياسة ترامب، وتُحاول إقناع إدارة البيت الأبيض باعتماد هذه السياسة، وأعتقد بأنّ بايدن سيُنفّذ ما وعد به في برنامجه الانتخابي لتحقيق إنجاز بحل للقضية الفلسطينية، استناداً إلى الرؤية التي أعلنها الرئيس "أبو مازن"، والذي يحمل القضية الفلسطينية وحيداً، وما يقوله هو الحل، وبقدر ما تقترب الولايات المُتّحدة الأميركية من هذا الحل، يُمكن تحقيق العدالة للقضية الفلسطينية".
وأوضح أنّ "ترامب استطاع أنْ يُوقِف التاريخ 4 سنوات، وحاول أنْ يذهب إلى الوراء، وعمل على فكرة أنّ المال يحل كل شيء والعالم يقوم على الصفقات، كما حاول إلغاء وجود فلسطين، لكن التاريخ ليس لعبة، يُمكن أنْ يُوقَف، ولكن مسار التاريخ هو إحقاق الحق الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلّة وعاصمتها القدس، ونحن كلبنانيين أكثر اهتماماً ليس فقط بقضية فلسطين، لكن بقضية لبنان، لأنّ إقامة الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين، هو حل للتوطين البديل، وأكثر دولة عربية التوطين فيها صعب ويُؤدّي إلى أزمات هو لبنان. وأنا كلبناني، الأهم لي هو إقامة الدولة الفلسطينية أولاً لأنّها حق، وثانياً لأنّها مصلحة لبنانية أيضاً، وبالتالي تصوّري أنّ ما أقوله عن لبنان، هو نفسه في ما يتعلق بسوريا والعراق، لأنّ الشعوب العربية تُفكّر بالحق والحقوق، وليس الاقتصار عليها ككلمة".
واستطرد: "هناك تغيّر كبير لدى الرأي العام الأميركي لصالح القضية الفلسطينية، وأتوقّع أنّه سيأتي يوم ويتغيّر المفهوم الأميركي تجاه "إسرائيل"، التي استفادت من إدارة ترامب ما لم تستفده على مدى عقود سابقة عدّة، فداخل الولايات المُتّحدة الأميركية هناك شعب هو الذي يُقرّر سياسة أميركا، وأصبح هناك أكثر من "لوبي" داعم للقضية الفلسطينية، وسيأتي يوم يصوّت فيه الشعب الأميركي مع فلسطين ضد "إسرائيل"، وهذا يحتاج إلى وقت، ومطلوب منّا التواصل مع المُجتمع الأميركي الذي يعمل وفق مصالحه".
ونوّه الوزير بقرادوني بـ"الموقف الصادر عن القمّة التي عُقِدَتْ بين وزراء خارجية مصر والأردن وفلسطين في القاهرة، الذين أكدوا الإلتزام بقرارات الشرعية الدولية ومُبادرة السلام العربية، وهو ما يُمكن أنْ يُعطي قوّة للقضية الفلسطينية، إذا ما رأت "إسرائيل" والعديد من الدول موقفاً عربياً مُوحّداً يُساند القضية الفلسطينية كقضية عربية مركزية، وكلّنا أمل أنْ تنتهي الأزمات الداخلية مُنذ العام 2011، والتي أسمّيها الخراب العربي".
وأشار إلى أنّ "الفاتيكان يدعم القضية الفلسطينية، وله تأثير معنوي تجاهها، يُساهم في تقبّلها عالمياً أكثر، والعديد من الدول، خاصّة الكاثوليكية تتأثّر بموقف الفاتيكان الذي يستطيع من خلال قوّته المعنوية في العالم، تبديل من واقع تفكير ووجدان العديد من الحكّام، وقداسة البابا فرنسيس يتوجّه إلى الشعوب التي تجتمع حوله من مُختلف دول العالم، وهناك حوار إسلامي - مسيحي داخل الفاتيكان للانفتاح على غير الكاثوليك في العالم".
ودعا إلى "تشكيل لجنة أو عقد مُؤتمر لبحث جرائم الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته، خاصة ضد المُقدّسات الإسلامية والمسيحية، وهذا يلقى شجباً دولياً، والرئيس "أبو مازن" خبير بهذه القضايا، لإثبات أنّ "إسرائيل" تعمل على تهويد مُسلمي ومسيحي العالم، لأنّها تعتبر أنّ الحل هو بـ"إسرائيل الكبرى"، ولا تُريد فقط تهويد فلسطين بل مسيحيي ومُسلمي العالم، هذا فضلاً عن التوجّه إلى "المحكمة الجنائية الدولية" و"محكمة العدل الدولية"، علماً بأنّ "إسرائيل" تستفيد من دعم الولايات المُتّحدة الأميركية التي تقف عائقاً أمام أي محكمة دولية ستحكم ضد إسرائيل، وإذا تغلّبت "إسرائيل" على القضية الفلسطينية يعني أنّ العالم الإسلامي والمسيحي بات في خطر الانتصار اليهودي على الباقين، لذلك لا بُدَّ من وجود حركة إسلامية - مسيحية، تتحدّث مع شعوب المنطقة والعالم".
وختم الوزير بقرادوني، قائلاً: "أحلم أنْ أزور بيت لحم والقدس، والأراضي الفلسطينية بعد تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، وأوجّه التحية إلى أهلها الأبطال الشجعان المُناضلين خاصة لمُناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة وليس صدفة أنّ ولادة السيد المسيح (ع) كانت في بيت لحم، والقدس هي أكثر مدن العالم تأثيراً".
https://youtu.be/kQpANyUY44A