تحدثت أوساط ديبلوماسية لـ«الأنباء» عما أسمته «جو من التفاؤل في الأوساط السياسية على اختلافها»، أن ثمة صيغة مشروع لوقف إطلاق النار، اقتربت الأطراف من التوصل اليها خلال الاسبوعين المقبلين.
وأشارت إلى «تباين في حدود الاتفاق المعول عليه وإمكانية صموده، ريثما تتم الصفقة الشاملة بما يتجاوز القرار 1701، كما تسعى الحكومة الإسرائيلية، لكن تبقى عودة النازحين بمنزلة القشة التي قد تقصم ظهر البعير». وأضافت المصادر الديبلوماسية: «في وقت يرى لبنان كما عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري ان القرار 1701 الصادر بعد حرب تموز/يوليو 2006 قد ابتلع القرار 1559 الصادر عام 2004، تعتبر "إسرائيل" في المقابل ان الواقع الميداني قد تجاوز القرار 1701 والمطلوب تسوية أخرى».
وتابعت: «أشار الموفد الأميركي آموس هوكشتاين المتوقع ان يأتي إلى المنطقة قريبا، بإخراج مقبول إلى ان القرار 1701 وحده لا يكفي. وقد عبر عن ذلك بعد زيارته الاخيرة للرئيس بري الشهر الماضي. وفي المقابل، تقول الحكومة الإسرائيلية ان حرب الاسناد التي بدأها حزب الله في الثامن من تشرين الأول/اكتوبر 2023 قد ابتلعت القرار 1701. وأصبح المطلوب قرارا جديدا أو ترتيبات ملحقة بهذا القرار، الأمر الذي يرفضه لبنان كليا، خصوصا بما يمس السيادة اللبنانية لجهة موضوع إطلاق يد "إسرائيل" في التحقيق في موضوع السلاح والقيام بمداهمات».
ولاحظـــت المصادر الديبلوماسية «غياب الإجماع اللبناني على موضوع الرقابة على تنفيذ القرار عبر لجنة دولية تتولى المراقبة، وتتشكل من دول كبرى في طليعتها الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا، وقد تنضم اليها دول أخرى. ومهمة هذه المجموعة ضمان عدم تسرب السلاح إلى منطقة جنوب الليطاني خصوصا، والى لبنان عموما الا عبر السلطة الرسمية الشرعية، من خلال مراقبة كل الحدود البرية والبحرية، وبطبيعة الحال المطار الذي يجب ألا يكون موضع شبهة في هذا المجال». وأشارت المصادر إلى «ان الاكتفاء بتطبيق القرار 1701 كما هو حاليا، أي بالعودة إلى ما قبل الثامن من أكتوبر 2023، هو مجرد هدنة وليس حلا، ولا يشكل وقفا دائما لإطلاق النار، وهو قابل للسقوط في أي وقت».
وثمة أمر آخر تحول موضع نقاش وخلاف كبير، وقد يقضي على كل المساعي الجارية للتوصل إلى اتفاق، وهو عودة المدنيين الذين نزحوا من قراهم ومناطقهم في الجنوب. إسرائيل تطالب بعدم عودتهم قبل تطبيق الاتفاقات التي يتم التوصل اليها ميدانيا، وان كانت ترى ان هذه المدة قد تحتاج نحو الشهرين، فيما يرفض لبنان أي تأخير لهذه العودة ولو ليوم واحد، كما رفضها عام 2006 حين دعا الرئيس بري النازحين إلى العودة مباشرة ومن دون تأخير، متجاوزا طلب مجلس الأمن بتأجيل عودتهم حتى يتم انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية جنوب الليطاني. وقد أمضى المئات يومذاك (منتصف أغسطس) الليل في السيارات على تخوم الجنوب في انتظار الوقت المحدد للتوجه إلى أراضيهم وبيوتهم. وربما سيكررون هذا الأمر اليوم، الا اذا لجأت إسرائيل إلى قطع الطرق باستهدافها كما حصل في طريق المصنع على الحدود اللبنانية -السورية، وإطلاق الصواريخ لترهيب العائدين ومنعهم من التوجه جنوبا.
واذا كانت الأيام المقبلة حافلة بالاتصالات والمساعي لتجاوز المطبات السياسية، فإنها في الوقت عينه ستكون مشحونة بالضغوط، سواء من خلال الغارات والمجازر التي ترتكبها إسرائيل، كما يحصل في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.
توازيا، بدا واضحا ان قيادة «حزب الله» تتصرف انطلاقا من تبدل المعطيات على الأرض، وكرر مسؤولو الحزب، الكلام عن عدم عودة مستوطني الشمال تحت ضغط الحرب، فيما سارع الجيش الإسرائيلي إلى إعادة التموضع على الحدود، متخذا تدابير تحد من خسائره بشريا، ومتجنبا الدخول في حرب استنزاف لا تصب في مصلحته.
كذلك ارتفعت أصوات في الداخل الإسرائيلي، تقول إن عودة سكان الشمال لن تكون متاحة تحت القوة العسكرية. وتحدثت عن ضرورة سلوك الحل الديبلوماسي لتحقيق خطوة العودة على مراحل، في ضوء ما أسمته «استحالة منع حزب الله من إطلاق الصواريخ» وصولا إلى مدينة حيفا، التي بات قصفها من البديهيات، شأن قرى وبلدات الشمال الحدودية الإسرائيلية.
وفي المواقف، هنأ البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في عظة الأحد الأسبوعية من الصرح البطريركي في بكركي، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب. وأمل ان «يتوصل الرئيس الجديد بالوسائل الديبلوماسية إلى وقف للنار دائم بين إسرائيل وحزب الله، والتعاون في انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بأسرع وقت ممكن. رئيس يقود المفاوضات بشأن لبنان، ويعيد المؤسسات الدستورية إلى حالها الطبيعية».
ورأى الراعي «إن فقدان السنة الدراسية في المدارس الرسمية والخاصة المشغولة بالنازحين أو الواقعة في أماكن الغارات والقصف الإسرائيلي التدميري المقصود، خسارة كبيرة تلحق بأطفالنا وشبابنا، لذا يجب على الوزارة المعنية والحكومة إيجاد أمكنة أفضل للنازحين، وتأمين التربية والتعليم حماية لأجيالنا الطالعة».
وناشد منظمة الأونيسكو «حماية المواقع الأثرية والتاريخية في لبنان من الغارات الإسرائيلية على بعلبك وصور وصيدا وغيرها من المواقع التاريخية والأثرية، التي هي من التراث العالمي».
وتناول المؤسسة العسكرية قائلا: «بعيدا من كل غاية، وبالنظر فقط إلى خير البلاد ووحدة الجيش وتشجيعه في الظروف الراهنة، نرى من الضرورة القصوى التمديد لقائد الجيش بسبب الظروف الاستثنائية الراهنة وهي: الفراغ الرئاسي في سنته الثالثة، والحرب المتسعة رقعتها في الجنوب وضاحية بيروت وبعلبك والهرمل وسواها، ووحدة الجيش، وتشجيعه، واستقراره، وتماسكه».
في حين قال وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال مصطفى بيرم المحسوب على «حزب الله: في تصريح تلفزيوني للمؤسسة اللبنانية للإرسال انترناشونال «ان الإسرائيلي لا يفهم الا وقت يتعرض للإيلام»، مؤكدا «حصر وقف النار بالقرار 1701 فقط دون زيادة أو نقصان».
واستهدفت قبل ظهر أمس بلدة علمات الشيعية في قضاء جبيل، بغارة على منزل في وسطها تماما حيث سقط عدد كبير من القتلى من نازحين لجأوا اليها. كما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية مناطق عدة في البقاع.
نتنياهو يعترف للمرة الأولى: أعطيت الضوء الأخضر لتفجير أجهزة «البيجر» واغتيال نصرالله
كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الأولى أنه أعطى الضوء الأخضر للهجمات على أجهزة اتصالات «البيجر» التي يحملها عناصر من حزب الله اللبناني في أيلول/سبتمبر الماضي، إضافة إلى اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله.
وأشار نتنياهو إلى أن ذلك تم رغم معارضة كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية.
وأضاف أن وزراء عارضوا قرارات كان يؤيدها مثل تصفية حسن نصر الله والدخول إلى رفح جنوبي قطاع غزة، مشددا على أنه لم يصغ إلى التحذير بأن واشنطن ستعارض ذلك.
وقال الناطق باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عومير دوستري لوكالة «فرانس برس» إن نتنياهو قال خلال مداخلة أمام اجتماع مجلس الوزراء الأسبوعي إنه أعطى موافقته على تنفيذ عملية تفجير أجهزة البيجر التي لم يكن قد تم تبنيها حتى الآن.
من جهة اخرى، بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب «التهديد الإيراني».
وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو قوله «تحدثت في الأيام الأخيرة ثلاث مرات مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب. نحن نرى بأم أعيننا التهديد الإيراني بكل مكوناته والخطر الذي يشكله».
وبحث نتنياهو مع ترامب أيضا «الفرص الكبيرة المتاحة لإسرائيل في مجال السلام وتوسعها» وفقا للبيان.
وأضاف المصدر أن هذه المباحثات «تهدف إلى تعزيز التحالف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة».