الاثنين 11 تشرين الثاني 2024 15:39 م |
"خاص جنوبيات".. مستقبل لبنان بفسيفساء مكوناته والالغاء يعني الزوال |
* جنوبيات
يتفرج العالم بأسره علينا اليوم وكأننا قادمون من كوكب محكوم عليه بالقهر الطويل, كل ذنبنا أننا وطن في هذه البقعة من العالم لا يريد أن يعيش عيش العبيد, بل يريد أن يحجز لنفسه مكانة بين الأمم, ومكانة بين الاعزاء في التاريخ, فالويل والثبور وعظائم الأمور لمن سار في هذا العالم عكس رغبة الدولة العميقة المتحكمة به وصولا لأدق تفاصيل الحياة, وكأن المطلوب أن نقبل الهزيمة والقهر والسحق وان نصفق لنتنياهو وبن غفير وسموتريتش, وان نحجز لهم مكانا للغداء في بيروت بحجة تحييد لبنان وعدم إراقة الدماء, وسوى ذلك من فلسفة الذل والهوان والانحطاط. بغض النظر عن النقاش الدائر اليوم عن جبهة الإسناد, تلك الجبهة التي يعتبرها قسم من اللبنانيين جبهة مقدسة أثبتت صدق النية والولاء والوفاء, وبين من يعتبرها أنها ازعجت نومه الهانئ وجلبت عليه الصداع في ليله الرومانسي الطويل, وبغض النظر عن انقسام اللبنانيين على كل تفصيل بما فيه أشلاء قد تسقط في بطولة كأس العالم لكرة القدم نتيجة تأييد هذا السامبا أو الماكينات الالمانية, فالسؤال الذي يطفو على السطح هو:" كيف نُفسّر هذا الانقسام الذي يذكّرنا بقول الدكتور اللبناني والمفكر حسن حمادة:" لم نصل لمرتبة شعب, نحن لم نتشكل اجتماعيا, نحن لسنا سوى قبائل مذهبية وطائفية متقاتلة. الانقسام أمر بديهي في مجتمع كالمجتمع اللبناني المتنوع ثقافيا وفكريا وسياسيًّا وغيره, ولكن المريب هو النظرة لمستقبل البلد والرؤيا لليوم التالي والنقاش في هوية البلد وسوى ذلك من تفاصيل هي يجب أن تكون في الحد الأدنى من التوافق الوطنيّ, ولعلّ مصير لبنان اليوم الذي لم يتّضح بعد هو الذي سيعيد ترتيب المشهد, ولن يكون هذا المصير سوى درب العز فهذه تجربة لبنان التاريخية وهذا هو قدره المترافق مع الأزمات والمحن والعواصف الكبرى, فكيف يختلف اثنان حول هذا المصير الذي يعتقد أحدهما أنه سيكون دون الآخر, في وطن علّمنا أنه لا يمكن تدشين بئر مياه دون حضور ميثاقية طائفية ومذهبية ومناطقية؟ يعتقد البعض أن زمن " الحزب" قد ولى وهم بالتأكيد مخطئون لسبب منطقي جدا أن هذا الحزب لم يأتِ من كوكب زحل او من دولة في مجرة أخرى, وانما هم ابناء البقاع والجنوب والضاحية, يشربون القهوة ويشاهدون فيروز ويتحدثون اللهجة اللبنانية تماما مثل أي مكون آخر, ويرتبطون بإيران من منظار الاحتضان الذي مارسته لهم منذ عقود, رغم الكثير من علامات الاستفهام عند الجمهور نفسه حول أداء ايران الحالي, وهذا بحث آخر. في المحصلة لا يمكن أن نبني لبنان المستقبل والغد بشريحة دون أخرى, ولا بحزب دون آخر ولا بلغة دون أخرى وهذا ما علّمنا اياه التاريخ, فلبنان الرسالة هو لبنان عمر وعلي ومعروف وجورج وكل مكونات هذا المجتمع الثري الرّسالي, فلنؤمن جيدا أن اي طموحات بإقصاء فريق أو إلغاء شريحة يمكن أن تهدد الكيان برمته, فهو اصغر من اي يلغى أحد فيه, واكبر من أن يهزمه جبروت هذا العالم. المصدر :جنوبيات |