الأربعاء 13 تشرين الثاني 2024 08:17 ص

إحتياط لبنان من المشتقات النفطية يكفي لأسبوعين


* جنوبيات

مع كل يوم يمرّ، يزداد العدوان الإسرائيلي على لبنان ضراوةً، مما يعكس عمق الأزمات التي أنهكت البلاد على كافة الأصعدة. وأكثر الأزمات استعصاءً في تاريخ لبنان هي أزمة الكهرباء، فالحكومات المتعاقبة عجزت منذ تسعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا عن تأمين إنتاج كافٍ من الطاقة الكهربائية. تفاقمت المشكلة بشكل كبير عام 2019 مع بداية الأزمة المالية وما تلاها من أزمات عالمية، كأزمة كورونا، وصولاً إلى أزمة مخيمات النازحين من بلدان الجوار، واليوم يقف لبنان وسط حرب ضروس تأكل الأخضر واليابس دون رحمة أو رادع.

قطاع الكهرباء المتعثر، أو المعثّر عن سابق تصور وتصميم، يعد باباً أساسياً لاستنزاف مالية الدولة. للتذكير، بلغ عجز الكهرباء بين عامي 1995 و2010، أي خلال 15 عاماً، حوالي 11 مليار دولار. أما المفاجأة فهي أنه ما بين العامين 2010 و2020 سجل عجز كهرباء لبنان 32 مليار دولار، أي بارتفاع ثلاثة أضعاف خلال مرحلة زمنية أقل. وتتصور ما يمكن فعله بمبلغ خيالي كهذا في بلد صغير كلبنان. تولت الدولة إدارة "مؤسسة كهرباء لبنان" منذ 30 سنة، وخلال هذه المدة، مارست النهج ذاته القائم على المحاصصة والفساد وسياسة الترقيع بدلاً من اتخاذ إجراءات جذرية.

من منا لا يذكر صفقة البواخر التي رُفضت من قبل الوزير السابق جبران باسيل منذ البداية، لكنه تمسك بها لاحقاً بشدة، وتم الاعتماد عليها بالرغم من وجود معامل كانت قادرة على إنتاج ما تقدمه البواخر. إضافةً إلى ذلك، تم التنصل من إنشاء الهيئة الناظمة "هيئة تنظيم قطاع الكهرباء" التي نص عليها القانون رقم 426 الصادر عام 2002، والتي تضطلع بدور رقابي يتضمن مهام إصدار وتجديد وتعليق وإلغاء التراخيص والأذونات، وتحديد تعرفة الكهرباء والإشراف على خصخصة القطاع. ومع ذلك، تقاعس المسؤولون عن إنشاء الهيئة، وتمكنت وزارة الطاقة من الاستيلاء على صلاحياتها طوال هذه المدة، مما ترك القطاع بلا حسيب ولا رقيب.

وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، وضع خطة لقطاع الكهرباء ووعد البنك الدولي بتحقيق شرط إنشاء الهيئة الناظمة، لكن هذا لم يتحقق بعد لأسباب سياسية ورغبة البعض في جعل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء هيئة استشارية غير فعالة، على غرار هيئة إدارة قطاع البترول، خوفاً من كشف المستور.

رغم الفساد والسمسرات، تشهد أزمة الكهرباء المتجددة منذ ربع قرن حالة طوارئ لتسريع عمليات الإصلاح وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق المتضررة من العدوان الإسرائيلي. وبحسب مصدر من وزارة الطاقة، فإن الوزارة بالتعاون مع شركة كهرباء لبنان تبذل أقصى الجهود لضمان استمرارية التغذية الكهربائية للمرافق الحيوية.

أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريراً في آذار العام الماضي تحت عنوان "كأنك عم تقطع الحياة.. تقاعس لبنان عن ضمان الحق في الكهرباء"، يؤكد أن الانقطاعات الشاملة للتيار الكهربائي تنتهك حق اللبنانيين في الكهرباء وتؤثر على حقوقهم الأساسية. تعكس هذه الحالة العقود الطويلة من السياسات غير المستدامة، مما أدى إلى انهيار قطاع الكهرباء بالكامل في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، لتترك البلاد بلا كهرباء لساعات طويلة يومياً، مما يزيد معاناة المواطنين.

لبنان يواجه مشكلة طويلة الأمد، حيث يعمل الوزير فياض جاهدًا لضمان استمرار هذا القطاع خلال الحرب الدائرة، مؤكداً أن "توافر المحروقات يعتمد على استقدام البواخر عبر البحر، ويعتمد لبنان على دعم الدول الشقيقة والصديقة للإبقاء على هذا الشريان الحيوي مفتوحاً ومنع العدو الإسرائيلي من فرض أي نوع من الحصار". في الوقت الحالي، يحتفظ لبنان باحتياطيات نفطية تكفي لحوالي أسبوعين، تتجدد بانتظام مع وصول الشحنات.

إذا استمر إمداد الوقود دون فرض حصار بحري، فإن لبنان قادر على تأمين الديزل والفيول بانتظام. لكن إذا فرض الحصار، سيغرق لبنان في العتمة الشاملة، مما سيشلّ الحياة اليومية، ويؤدي إلى توقف تام في القطاعات الحيوية.

تجدر الإشارة إلى أن حجم خسائر العدوان الإسرائيلي على لبنان في قطاع الكهرباء والطاقة والمياه بلغ نحو 480 مليون دولار، موزعة على 320 مليون دولار خسائر في قطاع الطاقة، ونحو 160 مليون دولار في قطاع المياه، وفق التقديرات الأولية التي كشف عنها الوزير فياض.

المصدر :الديار- ربى ابو فاضل