الثلاثاء 19 تشرين الثاني 2024 10:47 ص

حرائق الزيتون في غزة ولبنان تشعل أسعار الزيت في مصر


* جنوبيات

 

أشعلت حرائق الزيتون في غزة ولبنان أسعار زيت الزيتون في مصر، بمعدلات تزيد عن 50% عن العام الماضي، فقد ارتفع متوسط سعر زيت الزيتون من مستوى 420 جنيها للكيلو بالشركات والمعارض الكبرى إلى ما بين 800 و900 جنيه للكيلو (الدولار = نحو 49.4 جنيها).

وتشهد الأسواق تراجعا في عرض المحصول وزيت الزيتون، رغم الارتفاع الهائل في الأسعار، وبحث الأسر عن بدائل لزيتون المائدة، أقل تكلفة لعمل المخللات الشعبية، من الخضروات كالخيار والفلفل بأنواعه، واللفت والجرز.
وفي دولة تملك ثروة تقدر بنحو 60 مليون شجرة زيتون، وتستهدف الوصول إلى 100 مليون شجرة خلال عامين، كان لافتا خلو الأسواق المحلية من العروض السنوية، التي تجذب ربات البيوت، في موسم الإنتاج الشتوي، الذي يبدأ عادة بنهاية سبتمبر/ أيلول حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.

الحرب وراء الأزمة
تفسر الخبيرة الزراعية سلوى السعيد، المشكلة بوجود زيادة كبيرة في الطلب على الزيتون المصري من الأسواق العربية والدولية، التي فقدت نسبة كبيرة من وارداتها التي تأتي من فلسطين ولبنان، بسبب الحرب الإسرائيلية المشتعلة بالمنطقة، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشارت السعيد إلى أن الاحتلال الإسرائيلي دمر أكثر من 60% من مزارع الزيتون في غزة، وأحرق الكثير من الأراضي في الضفة الغربية ولبنان والتي كانت توفر كميات كبيرة للأسواق العربية وأوروبا، بما جعل المستوردين الأوروبيين يزيدون من حجم الطلب على الزيتون المصري، ثقة في نوعيته الجيدة، وتوافر الأصناف الأكثر طلبا، خاصة لزيتون المائدة من أنواع “الشملالي” و”البيكوال” و”الكاروتينا” و”الكاروناكي”، والتي تعرف شعبيا بــ”التفاحي” و”الكالاماتا”. كما أكدت السعيد أن زيادة صادرات الزيتون في بداية موسم الجني الشتوي، مع ارتفاع تكلفة النقل والعمالة بالمزارع، أدت إلى حرص المزارعين على رفع الأسعار، وعدم التفريط في بيع المنتج بسهولة.

تبين الخبيرة الزراعية أن أغلب أصحاب المزارع المفتوحة لجأوا إلى المعاصر التقليدية، للحصول على أعلى عائد من الإنتاج، حيث ارتفع سعر كيلو زيت الزيتون من متوسط 400 جنيه العام الماضي إلى 650 جنيها، من المزارع، مشيرة إلى أن طريقة العصر التقليدية على البارد، تحقق أعلى قيمة للمنتج من الناحية الغذائية، حيث يكون خاليا من الحموضة، مع استخراج منتجات إضافية من المخلفات، يمكن استخدامها في الأكل وعلف الحيوانات وبديل للحطب، بما يحقق أعلى قيمة غذائية واقتصادية للمزارعين.
ولجأت العديد من المزارع المصرية إلى تسويق منتجاتها مباشرة للجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتوصيل السريع “دليفري”، بما حقق للمنتجين قدرات هائلة في التواصل مع المستهلكين مباشرة، الذين يحصلون على الزيت المنتج بالمعاصر الشعبية على الحجر، بنحو 670 جنيها للكيلو، بينما تعرض نفس الزجاجة بالمحلات التجارية بداية من 900 جنيه، تصل إلى 1000 جنيه بالمعارض الشهيرة في التجمعات السكنية الراقية.
وأوضح مدير أحد مصانع التجميع وعصر الزيتون أحمد عيسوي لــ”العربي الجديد”: حرص شركات إيطالية ويونانية على طلب زيتون المائدة بكميات هائلة، رغم تحسن مستويات الإنتاج بالدول الأوروبية، خلال الموسم الحالي، مع تراجع موجات الجفاف التي أصابتها خلال عام 2023، أدى إلى تراجع هائل بكميات الزيتون وارتفاع الأسعار خلال الموسم الماضي.

وأشار إلى توجه شركات إيطالية إلى استيراد زيت الزيتون من المعاصر التقليدية، بكميات هائلة، لإعادة تعبئته، وتوزيعه داخل أوروبا للاستفادة من التسهيلات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للمنتجين، مؤكدا أن هذه الحيلة تحرم المنتج المصري من الأسعار الجديدة، واستقرار عمليات التسويق في ظل حاجة ملحة له، مع توقع تعطل إمدادات الزيتون من فلسطين ولبنان لتلك الأسواق لفترة زمنية طويلة.

ولفت عيسوي إلى زيادة الطلب على زيتون المائدة الذي ينتجه بمزارعه في الصحراء الغربية وواحة سيوة، من أنواع الكالامتا والتفاحي والحامض، سواء في عبوات صغيرة أو كبيرة، والتي يتم إفراغها من البذرة، وحشوها بالجذر الأحمر، مبينا توسع زراعة الزيتون في مصر خلال السنوات الأخيرة، مع إقبال صغار المستثمرين على مشروعات الأراضي الجديدة، وعدم القدرة على صرف أموال كبيرة في تجهيز الأراضي، وتوفير مصادر مياه تكفي لزراعة الخضروات، ليظل الزيتون الخيار الأفضل اقتصاديا.

60 مليون شجرة زيتون
تظهر إحصائيات وزارة الزراعة المصرية وجود 60 مليون شجرة زيتون، على مساحة 258 ألف فدان، تنتج نحو مليون و566 ألف طن زيتون سنويا. وتصل كمية الصادرات من زيتون المائدة إلى نحو 100 ألف طن، و25 ألفا من الزيت الخام. وتأتي أجود أنواع الزيتون من محافظات مرسى مطروح، على البحر المتوسط (شمال)، تليها الفيوم (جنوب) الأكثر إنتاجية، بما يمثل نحو 50% من الإنتاج المحلي و90% من الكميات التي تصدر سنويا إلى إسبانيا والبرازيل واليونان والولايات المتحدة، ورومانيا وإيطاليا والأردن والعراق والإمارات والكويت وليبيا.

رغم قلة المصانع وصعوبة التسويق لمنتج يستمر حصاده لمدة 6 أشهر، على مدار العام، تدفع العوائد الجيدة من زراعة الزيتون التي تجري أغلبها في مناطق صحراوية بمحافظات شمال سيناء والشرقية وعلى حواف دلتا النيل ومجراها بالجنوب، إلى تضاعف مساحة زراعته بنحو ثلاث مرات، خلال العشرية الماضية.

كذلك يبحث المنتجون عن مصدرين وشركات تحصل على المنتج بأسعار جيدة، ورعاة تسويق محليين ودوليين، في ظل قدرة الزيتون على منافسة نظرائه على مستوى البحر المتوسط، واعتماده في فترة الحصاد على العمالة الكثيفة، لعدم وجود أنظمة آلية للتشغيل بكافة المزارع، واعتماد المزارعين على محطات تجميع بدائية، تعرض المنتج للتلف السريع ورفع معدلات الفقد والهلاك بالمنتج.

ويتوقع المنتجون تراجعا عالميا في أسعار زيت الزيتون، متأثرا بعودة إسبانيا إلى توفير نحو 1.4 مليون طن من زيت الزيتون، بالتوازي مع تحسن الإنتاج في اليونان وإيطاليا وتونس، بينما سيظل محافظا على سعره المحلي بسبب تراجع قيمة الجنيه وارتفاع التكلفة واستمرار الطلب على الاستخدام الواسع لزيتون المائدة والعصر التقليدي الذي يفضل الأجانب مذاقه وخلوه من الحموضة، أسوة بمنتجات غزة التي دمرتها إسرائيل.

المصدر :االعربي الجديد - عادل صبري