السبت 23 تشرين الثاني 2024 08:04 ص

لماذا لم يحمّل هوكشتاين نتنياهو مسؤولية عرقلة التسوية مع لبنان؟!


* جنوبيات

لم يغادر المبعوث الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين بيروت متوجهاً إلى تل أبيب، قبل أن يضمن حصوله على أقصى ما يمكن تحقيقه من الجانب اللبناني، بالنسبة إلى إتفاق وقف إطلاق النار الذي من المفترض أن ينهي العدوان على لبنان، حيث إختار أن يمدد إقامته لحسم النقاش التقني، حول العديد من النقاط، التي كانت لا تزال تحتاج إلى المزيد من البحث.
بعد زيارته تل أبيب، خرج هوكشتاين متوجهاً إلى واشنطن، من دون أن يعلن أي موقف، بالنسبة إلى مسار المفاوضات، على عكس ما كان عليه الحال في بيروت، حيث تحدث بعد لقائه المفاوض الأساسي، أي رئيس المجلس النيابي نبيه بري المكلف من "حزب الله" بهذا الأمر، مرتين، ما يعني أنّ العقدة هي عند رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن هوكشتاين لم ينجح في حسم الإتفاق مع الجانب الإسرائيلي، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى الجانب اللبناني، وتوضح أن الأمر لو كان يتعلق بمجرد نقاش تقني، لما كان غادر نحو الولايات المتحدة، بل لمدّد إقامته من أجل حسمها سريعاً، تماماً كما فعل خلال المناقشات في بيروت.
وتلفت هذه المصادر إلى أنّ ما ينبغي التوقف عنده، في هذا المجال، هو أن الجانب الإسرائيلي لم يذهب إلى التصعيد سياسياً، بل بادر إلى تسريب معلومات عن إمكانية الوصول إلى إتفاق في وقت قريب، إلا أنه من الناحية العسكرية بادر إلى التصعيد عبر مسارين: الأول هو الغارات الجوية، التي يريد من خلالها الضغط السياسي على قيادة "حزب الله"، أما الثاني فهو تكثيف محاولات التوغّل برياً نحو القرى والبلدات الحدودية.
ما تقدم، يدفع إلى طرح الكثير من علامات الإستفهام، حول ما إذا كان ذلك يعني إنتهاء فرصة الوصول إلى إتفاق في وقت قريب، بعد أن كانت الأجواء في الأوساط اللبنانية، خلال الأيام الماضية، إيجابية جداً، على قاعدة أن هوكشتاين كان يناقش ورقة وضعت من قبل إسرائيل، وهو أوحى بأنه ينسق مع المسؤولين في تل أبيب في كل نقطة.
بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، لم يطرأ أي تعديل يوحي بأن المفاوضات نُسفت بشكل كامل، لكن لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى إلى تحسين شروطه، قبل الذهاب إلى الإتفاق النهائي، حيث الرهان على إمكانية تحقيق تقدم ما في محاولات التوغل البرية، التي كانت قد تكثفت بشكل لافت في الأيام الماضية، لكنها لم تنجح في تحقيق النتائج التي يسعى إليها.
وتلفت هذه المصادر إلى أن ما ينبغي التشديد عليه هو رؤية "حزب الله" لهذه المواجهات، حيث أكد، في أكثر من مناسبة، أن هدفه ليس منع التوغل البري، بل توجيه ضربات مؤثرة وموجعة للقوات أثناء توغلها، وهو ما دفعه إلى الإعلان أنه يتمنى أن تقدم على تكثيف محاولاتها، نظراً إلى أن ذلك يسهل عليه إستهدافها، ما يعني تكبيدها خسائر أكبر.
في المقابل، تطرح المصادر نفسها الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان أيّ توغل، بغض النظر عن حجمه أو الوقت الذي يحتاجه، سيسمح لتل أبيب بتحقيق أهدافها المعلنة من الحرب، أي إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى منازلهم ومنع عمليات إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو الداخل الإسرائيلي، حيث تؤكد أن الحرب، في نهاية المطاف، تُقيم بحسب الأهداف الموضوعة من قبل كل جهة.
في المحصلة، حصل نتانياهو، بعد لقائه مع هوكشتاين، على فترة إضافية، من أجل إستمرار العدوان على لبنان، مراهناً على إمكانية إحداث تبدلاً في الأوضاع الميدانية، تقود إلى تحسين شروطه التفاوضية، لكن السؤال يبقى عن الأسباب التي حالت دون إعلان المبعوث الرئاسي الأميركي حقيقة ما حصل، لناحية عرقلة رئيس الوزراء الإسرائيلي فرصة الوصول إلى إتفاق، بالرغم من إداركه أنه لن ينجح في الحصول على شروط أفضل من الجانب اللبناني.

المصدر :النشرة - ماهر الخطيب