السبت 11 آذار 2017 11:17 ص |
هل ما جرى في برج البراجنة مخططُ له؟ |
شكلت الإشتباكات التي وصلت حد المعارك العنيفة وجرت يوم أمس على تخوم مخيم برج البراجنة صدمةً ليس فقط لدى ابناء المنطقة بل للمتابعين حيث تسود هنا حالة الوئام والعيش المشترك بين اللبنانيين والفلسطينيين ويكاد يكون "مخيم البرج" الموجود منذ اربعينات القرن الماضي معزولاً عن بيئة المخيمات الاخرى لشدة ترابطه مع المحيط اللبناني ومثال يحتذى للعيش بين الطرفين. وعلى الرغم من إقتحام الحالة المتطرفة للجو اللبناني وحالة الفقر داخل المخيمات، لكن مخيم برج البراجنة بقي بعيداً عن هذا المشهد، حيث أن الوقائع تؤكد إندثار هذه الحالة منه منذ زمن وكان آخر ظهور لها في اوائل عام 2007 عبر حركة "شاكر العبسي" "الهشّة" الذي كان قيادياً في حركة فتح الانتفاضة وإنشق عنها في برج البراجنة معلناً حركة إسلامية حيث قامت الفصائل يومها بطرده من المخيم من خلال تأمين خروجه وعناصر بغية عدم إدخاله في صراع مسلح. المخيم ومحيطه يوصفان على أنهما منطقة حزام بؤس تفتقد لأبسط معايير الحياة التي يستحقها الفرد، في وقتٍ تنشط في هذه المنطقة تجارة المخدرات والممنوعات على مستوى عالٍ بحكم المعيشة الصعبة. يوم أمس. كاد خلاف بين عائلتي القفاص (فلسطينية) وجعفر (لبنانية) أن يؤسس لحرب أهلية بعد أن حاول المتقاتلون إستثمار خلافهم عبر صبغه أولاً بالمنحى اللبناني - الفلسطيني وثانياً بالسني - الشيعي لكن الغيورين والواعين من ابناء المنطقة وقفوا سداً منيعاً في وجه هؤلاء متكاتفين بوجه مثيري الفوضى. وعلم "ليبانون ديبايت" أن الإشتباكات قد بدأت على خلفية إشكال حصل قبل أيام بعد محاولة إدخال مواد بناء حول البعض فرض "الخوة" عليها وعند عدم حصولهم على مبتغاهم حاولوا منعها بالقوة وهو ما أثار غضب أصحابها من آل القفّاص ما أدى إلى تطور الأمور بسرعة وتدحرجها إلى إشتباكات دامت لساعتين وأسفرت عن مقتل رجل مسن يدعى حسين الأسمر (فلسطيني). وبعد إشتباكات أطلقت خلالها 7 قذائف صاروخية على الأقل وإستخدمت فيها الاسلحة الرشاشة والمتوسطة، وبعد إتصالات جرت بين فصائل التحالف الفلسطيني من جهة، وحزب الله وحركة أمل من جهة أخرى فوض الجيش اللبناني واعطي الغطاء بالدخول إلى محيط المخيم وملاحقة المسلحين بينما تكفل الطرف الفلسطيني بتأمين الجهة الاخرى لكن سرعان ما سقط ذلك دون سقوط الهدنة التي عمدت من خلال إجتماع أمني فلسطيني فرض نفسه كحل لما حصل وفوض الفصائل متابعة سحب المسلحين من الشوارع على الفور. وتكشف مصادر "ليبانون ديبايت" أن ضخامة الإشتباكات وتمددها في سرعة قياسية يظهر أن هناك خيطاً رفيعاً في ما جرى يصل، نافيةً أن يكون خلف الاشتباكات التي جرت بعد سياسي. وتكشف مصادر أمنية لبنانية وفلسطينية متقاطعة لـ"ليبانون ديبايت" أن من يقف خلف تأجيج الخلاف هم في الحقيقة تجار مخدرات من كلا الجانبين عملوا على تسعير الخلاف بنية تصفية حسابات على ظهر مشكلة فردية لا تستدعي كل الذي حصل وتحويل منطقة فقيرة إلى ساحة حرب أحرقت منازل أشخاص لا يقوون حتى على تأمين قوتهم اليومي. ونظراً لمتسوى الاشتباكات الذي يجب أن لا يمر عليه مرور الكرام خاصة وأنه وصل بين بعض "الزمر" حداً مخيفاً قد ينتج عنه تكرار للمشهدية وبالتالي جعل المنطقة مسرحاً لتصفية الحسابات عسكرياً في حال عدم إستئصال الأسباب، وإزاء هذا الوضع، تقول مصادر في الضفتين لـ"ليبانون ديبايت" أن الحل يكمن في نزع فتيل الازمة عبر ملاحقة الضالعين في الاشتباكات وتسليمهم إلى العدالة وهو بات أمراً ملحاً بعد أن باتت المشاكل أمراً شبه يومي. على مستوى آخر، ساد الخوف لساعات مختلف القاطنين في المنطقة سواءً من الفلسطينيين أو اللبنانيين الذين إستعاد بعضهم الذاكرة لزمن حرب المخيمات. وكان المشهد صادماً من حيث الاضرار المادية التي خلفها الإشتباك الذي دام قرابة الساعتين، حيث أكلت نيران المعارك سيارات تعود ملكيتها إلى أشخاص ليسوا على علاقة أبداً بما جرى في حين أن منازل أحرقت عن بكرة أبيها نتيجة تبادل القصف الصاروخي. وإذ تستبعد جهات أمنية وجود مخطط ما جرت ترجمته في المنطقة بين تعمير برج البراجنة والمخيم، قالت أن الضالعين في الإشتباكات يتبعون لاحزاب نشطة إن كان على الجهة اللبنانية أو على الجهة الفلسطينية لكن ما حصل لا يندرج ضمن سياق وجود مخطط لتأجيج أي صراع ينعكس على قلب الضاحية الجنوبية، كذلك إستبعدت الجهات وجود تدخل من طرف ثالث سعّر نار المعارك بالاشارة هنا إلى طرف إسلامي تكفيري. ودحضت المصادر وجود أي معلومات حول تعميم سيناريو عين الحلوة على مخيمات بيروت، مقارنةً بين إختلاف الحالتين، حيث تسود في "الحلوة" النزعة الاسلامية التكفيرية في أجزاء معروفة بينما يختلف الوضع في "البرج" الذي تسيطر عليه قوى وطنية قريبة جداً من حزب الله وحركة أمل وأكثر من متعاونة مع الجهات الامنية اللبنانية، مشيرةً أن الوضع القائم بين مخيم برج البراجنة ومحيطه يساعد أكثر على تدعيم الجسم الداخلي ومناعته. وكان تردّد أولاً أن الاشتباكات تجري بين إسلاميين وعناصر حزبية بين المخيم ومحيطه سرعان ما تم نفيها جملةً وتفصيلاً. وحول هذه المعلومات، نفت مصادر فلسطينية صحة وجود أي حالات إسلامية متطرفة في مخيم البراجنة خاصةً في الجزء الذي حصلت فيه الإشتباكات التي ينشط فيه أفراد يتاجرون بالمواد المخدرة "على عينك يا تاجر". المصدر :ليبانون ديبايت |