لم تمر الليلة الاخيرة من حرب المشاغلة اوالمساندة، التي اشعلها،حزب الله ضد إسرائيل، بقرار ايراني صرف، تحت شعار دعم قطاع غزّة، على العاصمة بيروت، منذ أكثر من عام،كباقي ليالي الحرب الاخرى، بل بدا وكأنها تختصر الحرب كلها، بعدما طاولت تهديدات العدو الاسرائيلي، مناطق صُنفت بالامنة، قرب شارع الحمراء في راس بيروت، والمزرعة، والتي نزح اليها عشرات الالاف من سكان الضاحية الجنوبية، ومناطق جنوبية متعددة، اضافة إلى البيارتة من سكان هذه المناطق والمقيمين فيها.
فجأة، أصبحت المساحة الآمنة في العاصمة، على لائحة المناطق المستهدفة بالقصف والغارات الجوية، لم يكن بالإمكان التريث والاسترسال بما يمكن ان يترتب على هذا التدهور، بعدما تصاعدت وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على نحو غير مسبوق، ولم تعد تفرق بين الاهداف والمراكز الحزبية والمدنية وقتل المواطنين الأبرياء والأطفال، دون حسيب اورقيب. سيطرت الخوف وأهوال تدمير المباني والممتلكات في الضاحية والمناطق على النفوس بلا استئذان، وتلقائيا اندفعت عائلات بأكملها الى الشوارع المحيطة، واخرون استقلوا مركباتهم هربا الى مناطق أكثر امناُ، فيما اختار البعض الانتقال الى حرم مستشفى الجامعة الاميركية القريب والسفارات الاجنبية،، والاحتماء فيها، ظنا منهم انها تبقى أكثر امنا، ومحمية بحصانة اميركية خاصة، في حين فضلت عائلات كثيرة، بعيدة نسبيا عن محيط المباني المحددة بلائحة الاستهداف، التزام منازلها تريثا، وتفاديا لمشقات الانتقال ليلا الى اماكن غير مضمونة او التسكع في الشوارع في طقس بارد واجواء محتقنة وملبدة.
الساعات القليلة الفاصلة عن موعد تنفيذ وقف اطلاق النار، بدت لاهل بيروت والهاربين من أهوال الاعتداءات الإسرائيلية،وكأنها سنوات، والكل كان يتتبع بقلق بالغ، اصوات انفجارالصواريخ والمواقع المستهدفة، الى أن اقتصرت مع مرور الوقت على اماكن محدودة، ولم تطال المباني والممتلكات على نطاق واسع، كما في المناطق الاخرى.
بدا تتبع الاعلان عن موعد تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في الرابعة فجر امس، كما اعلن من واشنطن، بعد تباين ملحوظ مع الاعلان الإسرائيلي بداية، بان تطبيقه سيكون عصراليوم التالي، بمثابة خشبة الخلاص، للبيارتة وسكان العاصمة والنازحين اليها، ونهاية الحرب الطويلة والماساة المؤلمة، التي زج بها لبنان قسرا، لحسابات ومصالح النظام الايراني، على حساب اللبنانيين.
مع بلوغ الموعد المحدد، لوقف اطلاق النار،في الرابعة فجر أمس، وتوقف الاعتداءات الإسرائيلية والغارات الجوية،انقضى ليل بيروت الطويل والمرعب، وكأنه كابوس طويل، اختصر ويلات الحرب طوال العام المنصرم، ومعه تنفس الجميع الصعداء،وتبددت هواجس الخوف والقلق،التي سيطرت على اهل بيروت وقاطينها، من دون استئذان، على أمل أن تكون نهاية الحرب وويلاتها الى غير رجعه بإذن الله.