نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين سعوديين وأربعة مسؤولين غربيين، اليوم الجمعة، أن السعودية تخلت عن مساعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع الولايات المتحدة، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأفادوا بأن السعودية تريد اتفاقاً محدوداً للتعاون.
اعتراف مشروط بإسرائيل
وقال مصدران سعوديان وثلاثة مصادر غربية، إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، جعل الاعتراف بإسرائيل مشروطاً باتخاذها خطوات ملموسة نحو إقامة دولة فلسطينية، وذلك مع تصاعد الغضب الشعبي في المملكة والشرق الأوسط، بسبب الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة.
وقال دبلوماسيون غربيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لا يزال حريصاً على التطبيع مع السعودية باعتباره إنجازاً تاريخياً، وعلامة على زيادة القبول في العالم العربي.
وأضافوا أن نتنياهو، بالمقابل، يعلم أن أي بادرة في اتجاه إقامة دولة فلسطينية، من شأنها أن تؤدي إلى تفتيت ائتلافه الحاكم، كونه يواجه معارضة ساحقة في الداخل لأي تنازلات للفلسطينيين.
اتفاقية أكثر تواضعاً
وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن، تأملان في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعاً، قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، في يناير/كانون الثاني المقبل، بينما قالت المصادر الستة، إن المعاهدة الأميركية-السعودية الكاملة ستحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ الأميركي عليها بأغلبية الثلثين، وهو ما لن يكون ممكناً ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.
وفي وقت سابق من العام، خففت السعودية من موقفها بشأن إقامة دولة فلسطينية في مسعى لإبرام معاهدة أمنية ثنائية واسعة النطاق، وأبلغت الولايات المتحدة بأنها قد تكتفي بالتزام إسرائيل علناً بحل الدولتين من أجل تطبيع العلاقات.
وقالت "رويترز" إن الاتفاقية التي يجري مناقشتها حالياً، تتضمن توسيع التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، خصوصا من إيران. وقالت المصادر إن الاتفاقية ستعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأميركية والسعودية مع ضمانات لمنع التعاون مع الصين.
وستعزز الاتفاقية الاستثمارات السعودية في التقنيات المتقدمة، خصوصاً أنظمة التصدي للطائرات المسيرة، وستزيد الولايات المتحدة من وجودها في الرياض من خلال التدريبات والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر منظمة "باتريوت" دفاعية واحدة، لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل، لكنها لن ترقى إلى معاهدة ملزمة للدفاع المشترك تُلزم القوات الأميركية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، في حال تعرضها لهجوم أجنبي.
وقال رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض، عبد العزيز بن صقر، إن "السعودية ستحصل على اتفاق أمني يسمح بمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأميركية، ولكن ليس معاهدة دفاعية مماثلة للمعاهدة مع اليابان أو كوريا الجنوبية، كما كان المسعى في البداية".
يأتي ذلك فيما تتزايد الصورة تعقيداً بسبب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتستبعد خطته أي بنود عن دولة أو سيادة فلسطينية، لكنه في الوقت نفسه حليف وثيق لولي العهد السعودي.
خشية فلسطينية
ويخشى مسؤولون فلسطينيون وبعض المسؤولين العرب من احتمال أن يتمكن ترامب وصهره جاريد كوشنر، مهندس "صفقة القرن"، وهو حليف وثيق أيضا لبن سلمان، من إقناعه في نهاية المطاف بدعم الخطة.
وقال دبلوماسيون إن الطريقة التي يوفّق بها بن سلمان بين أولويات السعودية وبين المشهد الدبلوماسي المتغير، ستكون محورية وستحدد ملامح زعامته ومستقبل عملية السلام.
وقال المصدر إن المسؤولين الأميركيين يدركون أن المملكة لا تزال مهتمة بالتأكد رسميا من الضمانات التي تسعى إليها، خصوصاً الحصول على أسلحة أكثر تقدماً، لكنهم غير متأكدين ما إذا كانت تفضل تنفيذ ذلك في ظل قيادة بايدن أو انتظار ترامب. وقال المسؤول الأميركي: "نواصل المناقشات ونبذل جهودا على أصعدة مختلفة" مع السعوديين.